أعلنت القوات المسلحة الإيرانية، الخميس، إطلاق مناورات عسكرية “تركز على تحركات العدو” قبل موعدها المزمع، وسط تأكيدات بجاهزيتها لكافة السيناريوهات ووضع “استراتيجية عسكرية”، وذلك وسط حالة من التوتر وتحركات إقليمية ودولية تشير إلى تأهب عسكري، توجت بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن الشرق الأوسط “قد يكون مكاناً خطيراً”، تعليقاً على إجلاء موظفين من سفارات وقنصليات أميركية بالمنطقة.
وأصدر رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري أمراً ببدء سلسلة من المناورات العسكرية لعام 2025 تحت مسمى “مناورات اقتدار القوات المسلحة”.
وأفادت وكالة “مهر” الإيرانية للأنباء بأن باقري أكد أن الهدف من إجراء هذه المناورات هو “تعزيز القدرات الدفاعية والردعية للقوات المسلحة وتقييم جاهزيتها”، مضيفاً أنه “يتم التخطيط لهذه التدريبات وتنفيذها مع إدخال تغييرات على التقويم السنوي للقوات المسلحة والتركيز على تحركات العدو”.
الحرس الثوري: موازين القوى تتغير
من جانبه، قال القائد العام للحرس الثوري حسين سلامي إن “موازين القوى تتغير ضد كل الأعداء بالتعبئة، قوات التعبئة (الباسيج) هي الظاهرة الأبرز في العالم وقوة استثنائية منحها الله لشعبنا”.
ونقلت وكالة “مهر” للأنباء الإيرانية عن سلامي قوله: “سواء كان الجيش الأميركي أكبر أو أصغر، فإنه قابل للزوال بينما قوات التعبئة تزداد بدلاً من أن تتناقص مع تعمق المعارك.. وكلما زاد الخطر، ازدادت ثقة قوات التعبئة وبهجتهم وقوتهم، وكلما اقتربوا من العدو ازدادوا شجاعة.. هذه الصفة لا توجد إلا في قوات التعبئة”.
وأضاف: “الاستعداد القتالي للقوات البحرية للحرس الثوري للرد على أي تهديد والاستجابة لأي سيناريو متاح بالكامل ومجهز بأعلى درجات الموثوقية والثقة”، مثنياً، خلال جولة تفقدية لوحدات القوة البحرية التابعة للحرس الثوري على ما اعتبره “انجازاً استخباراتياً”، بعد اختراق الأنظمة الاستخباراتية لإسرائيل.
وأشار سلامي إلى الأهمية الاستراتيجية للخليج العربي، واصفاً إياه بـ”إحدى المناطق الدفاعية الحيوية لإيران”، مؤكداً أن إيران تبذل جهوداً جادة للحفاظ على مصالحها الإقليمية والبحرية.
وأضاف: “تم تقييم الاستعداد القتالي للقوة البحرية للحرس من الناحية الاستخباراتية والعملية، شهدت هذه القوة قفزة غير مسبوقة في القدرات القتالية في السنوات الأخيرة”، مشيراً إلى زيادة مدى مهام القوة البحرية للحرس الثوري في المياه البعيدة، قائلاً: “القوة البحرية للحرس الثوري قادرة على العمل بشكل جيد في المعارك البحرية القريبة والبعيدة المدى”.
كما أشار إلى امتلاك القوة البحرية للحرس الثوري إلى زوارق صاروخية تبلغ سرعتها 116 عقدة بحرية، قائلاً: “زوارق القوة البحرية للحرس الثوري، التي تمثل المنصات الرئيسية لحمل القوة الهجومية، تم تطويرها بأعداد كبيرة”.
وتحدث القائد العام للحرس الثوري عن أهمية الطائرات المسيرة في المعارك البحرية الحديثة، قائلاً: “شهدت طائرات القوة البحرية المسيرة تطوراً مذهلاً من حيث المدى والقدرات والمهام المختلفة”، كما أشار إلى الألغام المضادة للسفن، التي تعد من أهم الأسلحة في المعارك البحرية، مؤكداً: “تنوع وقدرات الألغام البحرية الجديدة مثيرة للإعجاب من حيث الكم والكيف”.
العراق: تصعيد لا يخدم الحل
في السياق، قالت حكومة بغداد، الخميس، إن التقارير الاستخباراتية والميدانية تشير إلى عدم وجود أي تهديدات للبعثات الدبلوماسية على أراضيها، وفق ما أوردته وكالة الأنباء العراقية.
وقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الخميس، إن التصعيد في المنطقة “لا يخدم الحل” وإن بلاده تدعم إيجاد مقاربة “عادلة ومتوازنة” تفضي إلى نتائج إيجابية للمفاوضات الإيرانية الأميركية.
وأضاف السوداني، في بيان نشره مكتبه الإعلامي، أن “أسباب الصراع في المنطقة مرتبطة بأهمية القضية الفلسطينية وما سببه العدوان الإسرائيلي على غزة في تغذية التوتر وزعزعة الاستقرار ومحاولة جر المنطقة إلى العنف”.
وأكد السوداني على ضرورة أن يفي المجتمع الدولي بواجباته ويوقف الحرب في قطاع غزة، مشيراً إلى “استمرار خروقات الهدنة وتكرار الاعتداءات (الإسرائيلية) على لبنان”.
وأفاد الناطق العسكري العراقي بأن “إجلاء بعض موظفي السفارة الأميركية من العراق أو مناطق أخرى في الشرق الأوسط هو إجراء احترازي تنظيمي خاص بهم”.
وفي وقت سابق، الأربعاء، قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها وجهت بمغادرة موظفي الحكومة الأميركية غير الأساسيين من المنطقة بسبب تصاعد التوترات الإقليمية، وجددت تحذيرات السفر إلى العراق على المستوى الرابع والتي تعني “لا تسافر”.
وقالت السفارة الأميركية، في بيان إنه “يحظر على الموظفين الأميركيين بالعاصمة العراقية استخدام مطار بغداد بسبب مخاوف أمنية”، محذرة من خطر وقوع أعمال عنف بما فيها “هجمات إرهابية وأنشطة أخرى” في العراق.
وفي وقت لاحق، نقلت شبكة رووداو” الإخبارية الكردية عن متحدث باسم السفارة الأميركية في بغداد القول إن “أمر مغادرة الموظفين غير الأساسيين يشمل السفارة وكذلك القنصلية العامة في أربيل عاصمة إقليم كردستان في شمال العراق”.
البحرين والإمارات
بدورها، أكدت السفارة الأميركية في البحرين، الخميس، أن طاقمها وعملياتها “لم تتغير، وأن أنشطتها مستمرة كالمعتاد”.
وأضافت في منشور عبر منصة “إكس”: “التقارير التي تفيد بتغيير سفارة الولايات المتحدة في البحرين لموقفها غير صحيحة. طاقمنا وعملياتنا لم تتغير، والأنشطة مستمرة كالمعتاد”.
من جانبها، قالت شركة “بابكو للطاقة” البحرينية، الخميس، إنها تراقب الوضع في المنطقة، وإن عملياتها لم تتأثر، وذلك بعد السماح لعائلات العسكريين الأميركيين بمغادرة البلاد بسبب التوترات الإقليمية.
وأضافت في بيان: “مع أن عملياتنا لم تتأثر في الوقت الحالي، فإننا نراقب الوضع عن كثب بالتنسيق مع الجهات المعنية”، وتابعت: “وضعنا تدابير احترازية شاملة وخطط طوارئ لضمان سلامة موظفينا واستمرار عملياتنا في حال تطورت الظروف”.
في الإمارات، قال متحدث باسم شركة “طيران الإمارات” إن الشركة لم تجر أي تغييرات في عملياتها، لكنها تراقب الوضع في منطقة الشرق الأوسط.
حذر في إسرائيل
في إسرائيل، طلبت السفارة الأميركية من موظفيها وعائلاتهم عدم السفر خارج منطقة تل أبيب الكبرى والقدس وبئر السبع حتى إشعار آخر “نظراً لتزايد التوترات الإقليمية”.
ودعت السفارة الأميركية، في بيان، رعاياها إلى “توخي الحذر”، لافتة إلى أن الحوادث الأمنية بما في ذلك إطلاق قذائف الهاون والصواريخ والطائرات المسيرة تقع في الغالب دون سابق إنذار، فيما وصفت السفارة الأميركية الوضع الأمني في إسرائيل بأنه “معقد وعرضة للتغير سريعاً”.
يأتي ذلك في وقت قال وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي، الخميس، إن مسؤولين أميركيين وإيرانيين سيعقدون جولة سادسة من المحادثات بشأن برنامج طهران المُسرّع لتخصيب اليورانيوم في عُمان الأحد، لكن المخاوف الأمنية ازدادت منذ أن صرّح ترمب بوجود عمليات إجلاء لموظفين الأميركيين من المنطقة لأنها “قد تكون مكاناً خطيراً”، وأنه لن يُسمح لطهران بتطوير سلاح نووي.
كما أعلن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المسؤول عن رسم السياسات، أن إيران تُخل بالتزاماتها المتعلقة بمنع الانتشار النووي لأول مرة منذ ما يقرب من 20 عاماً، ما زاد من احتمال إبلاغ مجلس الأمن الدولي عنها.
وتُعدّ هذه الخطوة ذروةً لعدة مواجهات بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومقرها فيينا، وإيران منذ انسحاب ترمب من الاتفاق النووي بين طهران والقوى الكبرى عام 2018 خلال ولايته الأولى، والذي انهار بعده هذا الاتفاق.