أفاد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، السبت، بأن إيران تدرس “الزمان والمكان والشكل والضمانات اللازمة” لاستئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة، معرباً عن اعتزام بلاده التعاون مع “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” التابعة للأمم المتحدة على الرغم من القيود التي فرضها البرلمان الإيراني.

وقال عراقجي على هامش لقائه مع سفراء وممثلي الدول الأجنبية المعتمدين لدى إيران، رداً على سؤال بشأن طبيعة الضمانات التي تريدها طهران من أجل العودة للمفاوضات: “لقد واجهنا خلال التفاوض تحولاً باتجاه الخيار العسكري، وهذا كان خيانة للدبلوماسية”، في إشارة إلى الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ في 13 يونيو الماضي ضد إيران، وانتهى بعد 12 يوماً بإعلان أميركي لوقف إطلاق النار. 

وأضاف: “إذا كان الطرف الآخر (الولايات المتحدة) اليوم مصراً على العودة إلى التفاوض، كما تدل الرسائل العديدة التي وصلتنا، فمن الطبيعي أن نطمئن بأن مثل هذا التصرف لن يتكرر، وأنهم لن يلجأوا الى الخيار العسكري عندما لا يحصلون على مبتغاهم عبر التفاوض”، وفق ما أوردت وسائل إعلام رسمية إيرانية.

وأشار إلى أن “العلاقات الدولية لا يوجد شيء اسمه ضمان مطلق، ونحن لم نطالب بهذا، بل يجب أن نحصل على ما يكفي من الاطمئنان، وأن نقتنع بأن ما حدث لن يتكرر، وقد وردتنا بالفعل بعض إشارات التطمين”.

وتحدث عن أن إيران بصدد “دراسة هذه التطمينات”، لافتاً إلى أنه “عندما نتيقن بأن حقوق الشعب الإيراني ومصالح إيران العليا ستُحقق عبر التفاوض، فلن يكون لدينا أي تردد أو تهرب من الحوار”.

وعن توقيت ومكان المفاوضات مع واشنطن، ذكر عراقجي، أن طهران “تدرس جميع الجوانب، الزمان والمكان والشكل والترتيبات والضمانات اللازمة”.

وشدد على أن “أبواب الدبلوماسية لم تُغلق في أي وقت، وفي كل الظروف هناك إمكانية للجوء إلى الدبلوماسية وتحقيق الأهداف من خلالها، وسنخوض هذه العملية بيقظة كاملة وثقة بالنفس”.

التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية

وأعرب وزير الخارجية الإيراني، عن اعتزام طهران التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، على الرغم من القيود التي فرضها البرلمان الإيراني، لكنه أكد أن دخول مواقع إيران النووية التي تعرضت للقصف صار من الأمور التي تتعلق بالأمن والسلامة.

وينص القانون الجديد على أن أي تفتيش في المستقبل للمواقع النووية الإيرانية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيتطلب موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي، أعلى هيئة أمنية في إيران.

وقال عراقجي، إن “خطر انتشار المواد المشعة وخطر انفجار الذخائر المتبقية.. هذان أمران مهمان”، وفق ما أوردت وكالة “رويترز”.

وأردف: “بالنسبة لنا، فإن اقتراب مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من المواقع النووية له جانب أمني.. وسلامة المفتشين أنفسهم مسألة يجب أن تخضع للدراسة”.

وأشار عراقجي إلى أن تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية “لم يتوقف”، لكنه “سيأخذ شكلاً جديداً”، وسيوجهه المجلس الأعلى للأمن القومي وسيديره.

وأضاف: “سيبت المجلس في طلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمواصلة المراقبة في إيران على أساس كل حالة على حدة، مع مراعاة قضايا السلامة والأمن”. وأكد عراقجي، أن “إيران لن توافق على أي اتفاق نووي لا يسمح لها بتخصيب اليورانيوم”.

وقال أيضاً إن أي تحرك من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، المعروفة باسم “الترويكا الأوروبية”، لإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران من خلال ما يسمى “آلية إعادة فرض العقوبات” (سناب باك) بموجب اتفاق نووي سابق “سينهي دور أوروبا” في القضية النووية الإيرانية.

وبموجب بنود قرار الأمم المتحدة الذي أقر الاتفاق النووي لعام 2015، يمكن لـ”الترويكا الأوروبية” إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على طهران بحلول 18 أكتوبر المقبل.

تباين في الحسابات

من جهتها، أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال”، السبت، بأن اللقاء الأخير بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، سلط الضوء على الحسابات المتباينة التي تواجهها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران، عقب الهجمات التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية الشهر الماضي.

وقال ترمب، خلال اللقاء الذي جرى في البيت الأبيض، الاثنين الماضي، إنه يأمل في عدم شن المزيد من الضربات الأميركية على إيران. وأضاف: “لا أستطيع تخيّل أنني سأرغب في فعل ذلك”.

لكن نتنياهو، وخلال حديث مغلق مع ترمب لاحقاً، أبلغه أن إسرائيل “ستنفذ ضربات عسكرية إضافية إذا استأنفت إيران تحركاتها نحو إنتاج سلاح نووي”.

ورد ترمب قائلاً إنه “يفضل تسوية دبلوماسية مع طهران”، من دون أن يبدي اعتراضاً مباشراً على الخطة الإسرائيلية، بحسب ما نقلته “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين كبار.

ويراهن ترمب على أن يشكل التهديد بشن ضربات إضافية ورقة ضغط على طهران لدفعها إلى اتفاق يمنعها من تطوير سلاح نووي.  

في المقابل، تُبدي إسرائيل شكوكاً إزاء جدوى أي تسوية دبلوماسية، معتبرة أنها قد لا تمنع إيران من التقدم سراً نحو امتلاك السلاح النووي.

أما طهران، فهي تشترط الحصول على ضمانات بعدم تعرضها لهجمات جديدة، مقابل العودة إلى طاولة المفاوضات مع واشنطن. 

وقال مسؤول إسرائيلي رفيع، إن بلاده “لا ترى ضرورة للحصول على موافقة أميركية صريحة قبل استئناف الضربات ضد إيران”، لكنه أضاف أن “حجم وطبيعة أي محاولة إيرانية لإحياء برنامجها النووي قد يدفع ترمب إلى ممارسة ضغوط على نتنياهو لإعطاء المسار الدبلوماسي فرصة”.

وأعرب الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان، في الأيام الماضية، عن انفتاح بلاده على استئناف المحادثات النووية مع الولايات المتحدة، شرط وجود ضمانات بعدم تنفيذ أي هجمات جديدة خلال فترة التفاوض، موضحاً أن إيران ستُصر على ما تعتبره “حقها” في تخصيب اليورانيوم. 

ووفقاً لمسؤولين إسرائيليين كبار، فإن الضربات الأميركية والإسرائيلية الأخيرة عطلت قدرة طهران على إنتاج السلاح النووي لمدة تصل إلى عامين، وهو ما يتوافق مع تقديرات وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون”. 

وذكر مسؤول إسرائيلي رفيع للصحيفة، أن “جزءاً من مخزون إيران من اليورانيوم المخصب والمخزن في منشأة أصفهان، نجا من الضربات الأخيرة”، وأن “إيران قد تكون قادرة، ببذل جهد كبير، على استرجاع بعض هذه المواد الانشطارية من الموقع”. 

لكن، بحسب المسؤول نفسه، فإن طهران “لن تتمكن من استعادة اليورانيوم من منشأتي نطنز وفوردو، نظراً لحجم الدمار الذي لحق بهما بسبب القنابل الأميركية الخارقة للتحصينات”.

وأشار المسؤول الإسرائيلي، إلى أن “أي محاولة من إيران لاستعادة المواد من أصفهان أو لإحياء برنامجها النووي المدمّر سيتم رصدها بسرعة”. 

ويرى العديد من الخبراء أن إيران، إذا ما قررت إعادة بناء برنامجها النووي، فلن تقوم بذلك علناً عبر منشآت معلنة، بل عبر مواقع سرية تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم، والعمل على الجوانب الفنية المعقدة لصنع سلاح نووي. 

شاركها.