اخر الاخبار

اتفاقية الـ110 مليارات تفجّر أزمة بين بغداد وأربيل.. وخبير يكشف ورقة “ضغط” بيد الحكومة العراقية

تشهد العلاقة بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان تصعيداً جديداً بعد توقيع الأخيرة عقدين نفطيين مع شركتين أميركيتين، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً وخلافاً قانونياً وسياسياً يعمّق الصراع المزمن بين الطرفين حول إدارة الموارد النفطية، وحذّر خبير عراقي من تداعيات هذه الأزمة، مشيراً إلى ورقة ضغط بيد بغداد قد تستخدمها ضد الإقليم.

 

 تفاصيل الاتفاقيات الجديدة

خلال زيارة رئيس حكومة إقليم كردستان العراق إلى واشنطن، تم الإعلان عن توقيع اتفاقيات جديدة في قطاع الطاقة مع شركتي “شيفرون” و”هاليبرتون” الأميركيتين لاستكشاف وتطوير حقول نفطية في الإقليم، وتهدف الاتفاقيات إلى تعزيز إنتاج النفط في كردستان العراق وجذب الاستثمارات الأجنبية في ظل ما تصفه حكومة الإقليم بمحاولات بغداد تقييد استقلالها المالي.

ووفقاً لما أكده الدكتور جاسم الشمري، الكاتب والمحلل السياسي العراقي، في حديث مع وكالة “ستيب نيوز” فإن “الاتفاقيات تتعلق بتطوير حقلين؛ أحدهما للغاز والآخر للنفط، في محافظة السليمانية… وشملت استثمارات بقيمة تقارب 110 مليارات دولار لتطوير حقلي ‘ميران’ و’توبانا قردامير’.”

وحتى الآن لم تُعلَن تفاصيل إضافية عن طبيعة العقود أو الشروط المصاحبة لها، ما يزيد من الغموض حول الجوانب القانونية والمالية لهذه الاتفاقيات.

 

 موقف الحكومة العراقية

أعلنت وزارة النفط العراقية رفضها الصريح لهذه العقود، ووصفتها بأنها “غير قانونية”، مستندة إلى أحكام قضائية سابقة من المحاكم العراقية، وأهمها قرار المحكمة الاتحادية العليا عام 2022، الذي اعتبر قانون النفط والغاز المعمول به في الإقليم غير دستوري.

وفي هذا السياق، يقول الدكتور الشمري: ” وزارة النفط العراقية ترفض الاتفاق، وتعتبره غير قانوني، مستندة في موقفها إلى أحكام قضائية صادرة عن المحاكم العراقية في عامي 2012 و2019، تم تأييدها لاحقًا من قبل محكمة الاستئناف الاتحادية في بغداد”.

ويضيف: ” تشير الوزارة إلى أن هذه الاتفاقيات تتعارض مع القرار الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا عام 2022، والذي قضى بعدم دستورية قانون النفط والغاز المعمول به في الإقليم، مطالبًا بتسليم إنتاج الإقليم من النفط الخام إلى الحكومة الاتحادية”.

 

رد حكومة إقليم كردستان

على الجانب الآخر، ترفض حكومة إقليم كردستان هذا الموقف وتؤكد أن العقود ليست جديدة وإنما هي استكمال لاتفاقيات سابقة.

ويقول الدكتور الشمري: “وزارة الموارد الطبيعية في الإقليم تصر على أن الاتفاق ليس جديدًا، بل هو امتداد لاتفاقات سابقة مع تغيير في أسماء الشركات فقط.”

وتتمسك حكومة الإقليم بحقها في توقيع مثل هذه الاتفاقات ضمن ما تعتبره صلاحيات دستورية مضمونة.

 

خلاف قانوني مزمن

الخلاف القانوني بين الطرفين يعود لتفسير المادة 112 من الدستور، المتعلقة بإدارة الموارد النفطية، ويظهر جليًا أن هناك تباينًا عميقًا في تفسير صلاحيات المركز والإقليم، وهو ما يُفاقم الأزمة في ظل غياب قانون نفط وغاز اتحادي ينظم العلاقة بين الطرفين بشكل نهائي.

 

وتصاعدت ردود الفعل في الأوساط السياسية العراقية، بين من يطالب بمحاسبة المسؤولين في الإقليم، ومن يرى أن الأزمة تعكس غياب التشريعات الحاكمة، ويعكس التصعيد السياسي توترًا داخليًا متناميًا قد تكون له تداعيات على الانتخابات البرلمانية المقبلة.

 

 واشنطن في الصورة وتوتر متصاعد

وُقّعت الاتفاقيات خلال زيارة رسمية لوفد كردي إلى واشنطن، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة إلى دعم أميركي غير مباشر.

ويقول الدكتور الشمري: “تشير المعطيات إلى أن الاتفاق جرى بمباركة أميركية، ما يصعّب على بغداد اتخاذ موقف حاد دون التسبب بصدام دبلوماسي مع الولايات المتحدة.”

ويشير إلى أن بغداد ترى أن هذه الخطوة تُشكّل انتهاكًا للصلاحيات الاتحادية، وتؤكد أن وزارة النفط لم تكن على علم مسبق بالاتفاق ولم تُستشر فيه، ما يعيد فتح باب التوتر بين بغداد وأربيل من جديد.

 

تداعيات على قطاع الطاقة

تضيف هذه الأزمة مزيدًا من الغموض إلى مناخ الاستثمار في قطاع الطاقة العراقي، وتزيد من تردد الشركات الأجنبية في الدخول إلى السوق، كما تهدد بانخفاض في مستوى التنسيق النفطي بين الإقليم والمركز.

 

ويوضح الدكتور الشمري: ” تتوالى التصريحات المتضادة من الطرفين، بغداد تعتبر الاتفاق باطلًا دستوريًا، بينما تصرّ أربيل على قانونيته، مؤكدة أنه جزء من اتفاقيات سابقة، ويُرجّح مراقبون أن تكون الأيام المقبلة حبلى بالتوترات المالية والسياسية بين الطرفين، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في نوفمبر المقبل”.

 

وقد أعادت الأزمة فتح جروح العلاقة الهشة بين بغداد وأربيل، والتي شهدت توترات سابقة بشأن الموازنة، ورواتب الموظفين، وصادرات النفط عبر تركيا، ويُخشى أن تؤدي هذه التطورات إلى مزيد من التوتر السياسي وتعطيل فرص التفاهم الاقتصادي بين الجانبين.

 

 الخطوات المتوقعة وسيناريوهات قادمة

تشير التقديرات إلى أن الأزمة مرشحة للتفاقم مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، ويقول الدكتور الشمري: “يُرجّح أن تؤجل بغداد أي تصعيد حقيقي إلى ما بعد الانتخابات، لتجنب الدخول في مواجهة مع القوى السياسية الكردية”.

ويضيف: ” قد تلجأ الحكومة الاتحادية إلى أدوات غير مباشرة للضغط على أربيل، وعلى رأسها تأخير أو حجب رواتب موظفي الإقليم، وهو ما قد يكون مدخلًا جديدًا لحوار سياسي، أو ربما لأزمة جديدة تُضاف إلى سلسلة الخلافات التاريخية بين الطرفين”.

ويتابع: “الاتفاقية النفطية الجديدة تُعدّ اختبارًا جديدًا للعلاقة المعقدة بين بغداد وأربيل، وتكشف عن استمرار التباين في تفسير الصلاحيات الدستورية الخاصة بإدارة الثروات الطبيعية، في ظل غياب قانون نفط وغاز اتحادي ينظّم العلاقة بشكل واضح بين المركز والإقليم”.

ويبدو أن هذه الاتفاقية النفطية الجديدة باتت بالفعل اختباراً مهماً للعلاقة بين المركز والإقليم في العراق، لكن تداعياتها قد تؤدي لتردد الشركات الأجنبية في الاستثمار بالعراق، ويهدد بانخفاض صادرات النفط من الإقليم، ما ينعكس سلباً على الإيرادات العامة.

 

اتفاقية الـ110 مليارات تفجّر أزمة بين بغداد وأربيل.. وخبير يكشف ورقة “ضغط” بيد الحكومة العراقية

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *