اتفق ممثلو الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، خلال اجتماع عُقد في مدينة ميامي بولاية فلوريدا، الجمعة، على المضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بعد تقييم ما تحقق في مرحلته الأولى، بما يشمل تعزيز المساعدات الإنسانية، وخفض الأعمال القتالية، والتحضير لترتيبات الحكم والإعمار والتكامل الإقليمي، بحسب بيان مشترك.
وقال المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف على منصة “إكس”: “نحن، ممثلو الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، عقدنا اجتماعاً أمس (الجمعة) في مدينة ميامي لمراجعة تنفيذ المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة، والمضي قدماً في التحضيرات للمرحلة الثانية”.
وأضاف: “المرحلة الأولى أحرزت تقدماً شمل توسيع نطاق المساعدات الإنسانية، وإعادة جثامين محتجزين، وانسحابات جزئية للقوات، إلى جانب خفض مستوى الأعمال القتالية”.
وأشار إلى أنه “في إطار المناقشات المتعلقة بالمرحلة الثانية، جرى التأكيد على تمكين هيئة حاكمة في غزة تحت سلطة غزّية موحدة، بما يضمن حماية المدنيين والحفاظ على النظام العام”.
ولفت المبعوث الأميركي إلى أن الاجتماع “بحث أيضاً إجراءات التكامل الإقليمي، بما في ذلك تسهيل التجارة، وتطوير البنية التحتية، والتعاون في مجالات الطاقة والمياه والموارد المشتركة الأخرى، باعتبارها عناصر أساسية لتعافي غزة، وتحقيق الاستقرار الإقليمي، والازدهار على المدى الطويل”.
وأوضح أن “المشاركين عبّروا عن دعمهم لإقامة مجلس السلام على المدى القريب وبدء عمله بوصفه إدارة انتقالية للمسارات المدنية والأمنية ومسارات إعادة الإعمار”.
وتابع: “كما جرى استعراض الخطوات التالية في التنفيذ المرحلي لخطة السلام الشاملة الخاصة بغزة، مع التأكيد على أهمية التدرّج، والتنسيق، وآليات المراقبة الفاعلة، بالشراكة مع المؤسسات المحلية في غزة والشركاء الدوليين”.
وأكد ويتكوف “الالتزام الكامل بجميع بنود خطة السلام ذات النقاط العشرين التي طرحها الرئيس دونالد ترمب”، داعياً “جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها، وضبط النفس، والتعاون مع ترتيبات المراقبة”، مشيراً إلى أن “المشاورات ستتواصل خلال الأسابيع المقبلة لدفع تنفيذ المرحلة الثانية”.
“ضمان إدارة غزة من قبل الفلسطينيين”
من جهته، قال متحدث وزارة الخارجية التركية أونجو كتشالي، في وقت سابق السبت، إن اجتماع مسؤولين من تركيا والولايات المتحدة وقطر ومصر في ميامي بحث مسائل متعلقة بتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي، وتبادل وجهات النظر حول مسار الانتقال إلى المرحلة الثانية.
وأوضح كتشالي على منصة “إكس” أن وزير الخارجية هاكان فيدان مثل تركيا في الاجتماع الذي بحث التطورات في قطاع غزة، مشيراً إلى أن الاجتماع “أكد على استمرار وقف إطلاق النار الذي تحقق في المرحلة الأولى رغم الانتهاكات، وعلى اكتمال عملية الإفراج عن الرهائن وتوقف الاشتباكات إلى حد كبير”.
ولفت كتشالي إلى أن “المباحثات ناقشت الترتيبات الكفيلة بضمان إدارة غزة من قبل الفلسطينيين فيها فيما يخص المرحلة الثانية، والخطوات المزمع اتخاذها بشأن مجلس السلام وقوة الاستقرار الدولية المنصوص عليهما في خطة السلام”، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء التركية “الأناضول”.
وعقب اجتماع ميامي، بحث رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن، السبت، مع رئيس فريق التفاوض في حركة “حماس” خليل الحية، في إسطنبول، سبل المضي قدماً نحو المرحلة الثانية من خطة السلام في قطاع غزة، في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، وفق ما أفادت به مصادر أمنية تركية لوكالة “رويترز”.
وذكرت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن قالن التقى بوفد “حماس” في إطار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، مشيرين إلى أن الجانبين ناقشا الخطوات اللازمة لمنع ما وصفوها بانتهاكات إسرائيل لوقف إطلاق النار.
وأضافت، دون الخوض في التفاصيل، أنهما بحثا أيضاً الإجراءات اللازمة لحل القضايا العالقة تمهيداً للانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة.
ونصّ اتفاق غزة على أن توافق “حماس” على التخلي عن السلطة في القطاع وتشكيل حكومة “تكنوقراط” في غزة، والموافقة على نشر قوة استقرار دولية، والبدء في عملية نزع السلاح، وتفكيك الأنفاق والبنية التحتية العسكرية التابعة للحركة.
في المقابل، يتعين على إسرائيل إعادة فتح معبر رفح بين مصر وغزة في الاتجاهين، والبدء في الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تشمل انسحاباً إضافياً للجيش الإسرائيلي.
ومن المتوقّع أن يعقد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لقاءً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ولاية فلوريدا خلال الشهر الجاري.
ووفقاً لشبكة NBC NEWS، من المرجح أن يحتل اتفاق وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل و”حماس” حيزاً كبيراً في المحادثات، في ظل مخاوف من إخفاق الطرفين في تنفيذ المرحلة التالية من الاتفاق.
وقال مسؤولان إسرائيليان سابقان للشبكة إن ترمب قد يكون أقل حماساً لأي عمل عسكري جديد ضد إيران إذا استمر التوتر بين المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين بشأن نهج نتنياهو تجاه وقف إطلاق النار في غزة.
ويأتي ذلك في ظل تقارير تفيد بأن إسرائيل جمدت قراراتها المتصلة بتقييم الأوضاع والتطورات في غزة ولبنان وسوريا، إلى ما بعد لقاء ترمب ونتنياهو، وفق هيئة البث الإسرائيلية.
وجاء القرار بعد اجتماع عقده قادة إسرائيل وأجهزتها الأمنية، الجمعة، لبحث المرحلة الثانية من خطة ترمب بشأن غزة، التي يُفترض أن تشمل نزع سلاح حركة “حماس”، وانسحاباً واسع النطاق للجيش الإسرائيلي من القطاع، وبدء إعادة الإعمار، وانتهى الاجتماع من دون حسم.
وحذر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الجمعة، من أنه “لن يكون هناك سلام” ممكن في قطاع غزة من دون نزع سلاح حركة “حماس”.
وقال روبيو للصحافيين: “إذا كانت حماس قادرة في المستقبل على تهديد إسرائيل أو مهاجمتها، فلن يكون هناك سلام، ولن يكون بالإمكان إقناع أحد باستثمار المال في غزة إذا اعتقدوا أن حرباً جديدة ستندلع في غضون عامين أو ثلاثة”.
وشدد: “لهذا السبب، يعد نزع السلاح أمراً بالغ الأهمية”.
مجلس السلام
وذكر وزير الخارجية الأميركي أن التركيز الحالي يتمثل في إنشاء “مجلس السلام” والإعلان عنه، وتشكيل المجموعة الفلسطينية “التكنوقراط”، وكذلك إنشاء قوة الاستقرار الدولية، مؤكداً أن “واشنطن لا يمكنها القيام بذلك بمفردها، ولديها شركاء كثر يجب إشراكهم في هذه العملية”.
ويحاول البيت الأبيض استكمال خططه المتعلقة بإنشاء “مجلس سلام” يشرف على إدارة غزة في مرحلة ما بعد الحرب بقيادة الرئيس الأميركي، والإعلان عن حكومة “التكنوقراط”، بحسب “أكسيوس”، الذي أشار إلى أن ترمب يريد الإعلان عن هذه الخطوات في يناير.
ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن 4 مسؤولين مطّلعين على الملف أن الولايات المتحدة أبلغت أطرافاً معنية بأنها حصلت على تعهدات من مصر وقطر والإمارات وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا بمشاركة قادتهم إلى جانب الرئيس الأميركي في “مجلس السلام”.
وذكرت الصحيفة في تقرير أن تعهدات تلك الدول توفر دعماً دولياً مهماً لجهود إدارة ترمب الرامية إلى دفع خطة السلام الخاصة بغزة إلى ما بعد المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.
