مع استمرار تعثر المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس بشأن هدنة أو وقف إطلاق النار في غزة، تظهر الولايات المتحدة حالة من الضغط على الطرفين، إلا أنه لدى تل ابيب مشروعها الذي تعمل عليه في هذا الملف وحسب خبراء فإنها تماطل بالمفاوضات إلى اقصى درجة حتى تنفّذ ذلك المخطط.

 

إسرائيل تماطل لتحقق المكسب

تعتبر إسرائيل أنها قدمت مرونة وتنازلات بشأن محور موراغ، ورغم ذلك لا تزال حماس غير راضية عن الخرائط المطروحة، مطالبة بانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي إلى خطوط وقف إطلاق النار السابقة، وهو أبرز ما يعيق التقدم بالمفاوضات.

 

يقول الباحث في الشؤون العربية، علي فوزي، إنّ إسرائيل تُظهر مماطلة متعمّدة في مفاوضاتها المتعلقة بقطاع غزة، معتبرًا أن هذا السلوك جزء من استراتيجية تهدف إلى تعظيم مكاسبها السياسية والعسكرية، وتحقيق أكبر قدر من الضغط على القطاع قبل القبول بأي تهدئة.

 

ويضيف فوزي في تصريحات خاصة لـ ” ستيب نيوز” أن إسرائيل تتبع سياسة “تحريك الخطوط” ميدانيًا، كما حدث مؤخرًا مع افتتاح “ممر موراغ” وجرف منطقة دير البلح، لفرض وقائع جديدة على الأرض تُعزز موقفها التفاوضي.

 

وكانت قد نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصدر سياسي مطّلع، أن “الحديث هذه المرة لا يدور فقط حول تبادل أسرى كما كان في الصفقات السابقة، بل حول إنهاء شامل للحرب في غزة”، موضحة أن “المفاوضات الحالية تشمل ملفات شديدة التعقيد، من بينها مستقبل القطاع، وآلية إعادة الأسرى، وشروط إنهاء العمليات العسكرية”. ويتضمن الاتفاق المحتمل.

 

أمريكا تفقد صبرها

أعرب المبعوث الأميركي لشؤون الرهائن، آدم بوهلر، عن تفاؤله حيال قرب التوصل إلى اتفاق، وأشار إلى أنّ “التفاصيل الصغيرة” هي التي تعرقل الاتفاق حتى اللحظة، لكنه شدّد على أنّ الوقت قد حان لاتخاذ الحركة خطوة عملية.

وأشار فوزي إلى أن الولايات المتحدة بدأت تُبدي إشارات واضحة بعدم صبرها على الموقف الإسرائيلي، لافتًا إلى أن الإدارة الأمريكية قد تلجأ إلى وسائل ضغط حقيقية إذا استمر التعنت، من بينها التلويح بوقف أو تقليص المساعدات العسكرية الضخمة المقدمة لإسرائيل.

 

كما لفت إلى أن تحليلات حديثة تشير إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يمانع، من حيث المبدأ، استخدام ورقة الدعم العسكري كأداة ضغط. كما توقع أن تستخدم واشنطن أدوات دبلوماسية أكثر قسوة، كوقف الدعم في الأمم المتحدة أو التنسيق مع الحلفاء الأوروبيين لتشكيل جبهة ضغط مشتركة، مشيرًا إلى أن 28 دولة كانت قد دعت مؤخرًا إلى إنهاء الحرب ورفع الحصار فورًا.

 

غزة تجوع فما الحلول؟!

وفي ظل تعثر المفاوضات يعاني آلاف المدنيين في غزة من حالة إنسانية كارثية، حيث لا يوجد أي ممر لدخول المساعدات الإنسانية في ظل حصار مطبق، بينما يموت يومياً العديد من سكان المنطقة نتيجة الجوع والفقر.

وفيما يتعلق بوقف عمليات الإنزال الجوي للمساعدات، أوضح فوزي أن القرار يعود إلى أسباب أمنية وتقنية، حيث علّقت القوات الأمريكية هذه العمليات منذ مايو 2024 بسبب تقلبات الطقس والنشاط العسكري الإسرائيلي، خصوصًا في منطقة رفح. وأضاف أن تكرار الحوادث المؤلمة، مثل سقوط حاويات على منازل أو تجمعات مدنية، أدى إلى وقوع ضحايا، بينهم خمسة قتلى في مخيم الشاطئ، ما شكّل ضغطًا لوقف هذه العمليات.

 

وأكد فوزي أن الإنزال الجوي يفتقر إلى العدالة في التوزيع، حيث تُلقى المساعدات أحيانًا في مناطق بعيدة عن متناول المحتاجين، ما يُولّد شعورًا بالإذلال والتمييز، فضلًا عن الفوضى والتدافع بسبب غياب التنسيق مع جهات محايدة مثل الأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن الإنزال يحمل طابعًا رمزيًا أكثر من كونه حلًا عمليًا، إذ لا يُغطي سوى نسبة ضئيلة من الاحتياجات، بتكلفة باهظة تتراوح بين 30 إلى 70 ألف دولار للعملية الواحدة، مقارنةً بالشاحنات التي تنقل أضعاف الكمية وبتكلفة أقل.

 

وحول احتمالية استئناف الإنزال، أوضح فوزي أن هذه الآلية بدأت كخيار طارئ، لكنها لم تُعتمد كحل دائم، وقال إن المؤشرات الحالية، في يوليو 2025، لا توحي بعودة وشيكة لهذه العمليات، حتى لو خرجت وسائل الإعلام الإسرائيلي تقول ذلك والسبب في ذلك زيادة القصف الإسرائيلي وإغلاق المناطق الإنسانية، ما يجعل من الإنزال الجوي خيارًا غير آمن وغير فعّال.

 

اتفاق قادم .. ولكن!

أما بشأن فرص التوصل إلى انفراجة، فتوقع فوزي إمكانية التوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا، نتيجة للضغوط الدولية المتزايدة، خاصة بعد لقاء جمع ترامب ونتنياهو مؤخرًا في واشنطن. لكنه حذّر من أن هذه الانفراجة ستكون مؤقتة بطبيعتها، مشددًا على أن إسرائيل تستخدم سياسة “التجويع كأداة ضغط”، عبر قطع المساعدات وفرض حصار شامل، في محاولة لدفع السكان إلى الهجرة أو القبول بالأمر الواقع.

 

وختم فوزي بأن ما يحدث يُشير إلى أن إسرائيل تسعى لتحقيق أهداف استراتيجية طويلة المدى تحت غطاء الأمن، معتبرًا أن الأزمة مرشحة للاستمرار ما لم يُمارس ضغط دولي جاد يُجبر إسرائيل على تغيير نهجها.

 

في ضوء ذلك ميدانياً، فقد أعلن الجيش الإسرائيلي انتهاء عملية “عربات جدعون”، بالتوازي مع تلميحات من رئيس الأركان، إيال زامير، إلى أن أي اتفاق لتبادل الأسرى في الأيام المقبلة “سيُعدّ إنجازاً ميدانياً”. واعتبر أن الإنجازات العسكرية الأخيرة في غزة “شكّلت ضغطاً حقيقياً على حركة حماس وأسهمت في تهيئة الظروف للصفقة”. لكن في المقابل، تباينت التقديرات داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في شأن فعالية العمليات الجارية، إذ حذّر ضباط في الاحتياط من المبالغة في تقييم تراجع قدرات “حماس”.

 

ودعت بريطانيا وأكثر من 20 دولة أخرى، الإثنين، إلى وقف فوري للحرب في غزة وانتقدت نظام توزيع المساعدات الإسرائيلي بعد مقتل مئات الفلسطينيين بالقرب من مواقعه في أثناء محاولات الحصول على الطعام، فيما لا تزال فرصة الوصول لاتفاق قائمة في المفاوضات الجارية، بينما ينتظر السكان في غزة هذه اللحظة بعد نحو عامين على الحرب الدامية.

اتفاق مرتقب في غزة.. وخبير يكشف لماذا تصرّ إسرائيل على تجويع السكّان

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

شاركها.