أثارت منصة تيك توك موجة واسعة من الجدل بعد أن تبيّن أن ميزة تجريبية جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي بدأت استغلال مقاطع فيديو من الحرب على غزة في الترويج لمنتجات معروضة على منصة التسوق TikTok Shop، في خطوة وُصفت بأنها غير إنسانية وتكشف عن الوجه التجاري الصريح للتطبيق.

ظهر الأمر عندما بثت المنصة مقطع فيديو مأخوذ من قناة تركية لامرأة فلسطينية تسير بين أنقاض منزلها المنهار، وهي تبكي بحرقة وتصرخ: “أين بناتي الثلاث، وزوجي، وابن عمي؟”.

وقالت إنها خرجت للحصول على الدقيق وعندما عادت وجدت منزلها انهار فوق أفراد عائلتها.

لكن ما أثار الصدمة هو أنه بمجرد توقف المستخدمين عند أحد مشاهد الفيديو، ظهرت على الشاشة عبارة “Find Similar” والتي تعني العثور على منتجات مماثلة، وبمجرد الضغط عليه، اقترح التطبيق مقاطع أخرى مشابهة بصريًا، وعرض منتجات على منصة TikTok Shop شبيهة بما ترتديه المرأة، إضافة إلى حقيبة يد وغطاء رأس مشابهين لما ظهر في الفيديو.

هذه الميزة، التي لاحظ بعض المستخدمين ظهورها خلال عطلة نهاية الأسبوع، تُعرّفها تيك توك بأنها “وسوم بحث بصري” تعمل عبر تقنية ذكاء اصطناعي تتعرف على الأشياء الظاهرة في الفيديوهات وتعرض منتجات أو محتوى شبيه بها.

وأرسلت الشركة إشعارًا إلى موقع ذا ڤيرج، أوضحت فيه أن التقنية لا تزال تجريبية وتقدم أحيانًا نتائج غير دقيقة أو غير ملائمة، مؤكدة أن المستخدمين لهم حرية تعطيلها سواء على مقاطعهم الخاصة أو أثناء تصفح الفيديوهات.

لكن اللافت أن الميزة لم تكن متاحة لجميع المستخدمين، وهو ما يشير إلى أن ظهورها كان جزءًا من اختبار محدود لم يتم التحكم فيه بشكل كامل.

وقال المتحدث باسم تيك توك عبر بريد إلكتروني: “نجري اختباراً محدوداً لميزة البحث البصري، ولم يكن من المفترض أن تظهر على هذه المقاطع.. نحن نعمل على تصحيح هذا الخطأ”.

الهدف المعلن من الميزة هو تسهيل عملية البحث عن منتجات شبيهة لما يراه المستخدم في مقاطع الفيديو، أي أنها تُحوّل السلوك المعتاد لدى بعض المستخدمين، الذين يلتقطون صورًا أو لقطات شاشة لمنتجات تعجبهم ثم يبحثون عنها عبر جوجل أو منصات التسوق، إلى عملية تحدث مباشرة داخل التطبيق.

ورأى مراقبون أن هذه الخطوة تكشف عن التوجه الحقيقي لشركات التكنولوجيا التي تسعى إلى جعل كل جزء من تجربة التصفح فرصة للبيع، بحيث يتحوّل أي محتوى إلى مساحة تجارية مهما كانت طبيعته.

ولم تقتصرالميزة  على المقاطع الخاصة بالأزياء والترفيه، بل ظهرت أيضًا في فيديوهات لمؤثرين مثل “مس. رايتشل”، وهي صانعة محتوى موجه للأطفال عُرفت بمواقفها الداعمة لأطفال غزة، إذ تعرّف النظام على فستانها المخطط بالأزرق والأبيض وأوصى بمنتجات مشابهة معروضة على المنصة.

واعتبر المراقبون أن المشكلة الجوهرية تكمن في أن أنظمة التجارة الإلكترونية لا تدرك السياق ولا تميز بين مقطع يهدف للترفيه أو الدعاية، وآخر يوثق مأساة إنسانية بحجم ما يحدث في غزة.

ويرى كثيرون أن استغلال مثل هذه المقاطع في الترويج لمنتجات تجارية، يُعد تجريدًا من الإنسانية وانتهاكًا لأبسط القيم الأخلاقية.

شاركها.