اجتماع ثلاثي لتركيا وسوريا وأميركا في أنطاليا

أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عقب لقائه نظيره السوري أسعد الشيباني في أنطاليا بتركيا، الخميس، أن واشنطن ستصدر “إعفاءات أولية” من العقوبات القانونية المفروضة على سوريا، وذلك بعد أن أعلن الرئيس دونالد ترمب رفع جميع العقوبات المفروضة على البلاد، وسط توقعات بأن ينهض هذا القرار بالبلاد التي دمرتها حرب استمرت قرابة 13 عاماً.
واستضافت أنطاليا، الخميس، اجتماعاً بين وزير الخارجية الأميركي ونظيره السوري، وبحضور وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، حيث تم “بحث تفاصيل رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وتحسين العلاقات بين دمشق وواشنطن، وسبل بناء علاقة استراتيجية”، بحسب بيان للخارجية السورية.
وقال روبيو للصحافيين عقب لقائه نظيره السوري، أن “استقرار سوريا سيكون من أكثر التحولات الدراماتيكية في المنطقة منذ وقت طويل”، وأضاف: “نحن نرغب في القيام بكل ما في وسعنا للمساعدة في تحقيق ذلك”.
وأشار إلى الحكومة السورية “عبّرت عن اهتمامها بأن تكون في سلام مع جميع جيرانها، بما في ذلك إسرائيل”. وأردف: “كما عبّروا عن رغبتهم في طرد المقاتلين الأجانب والإرهابيين وغيرهم ممن يزعزعون استقرار البلاد، ويعانون العداء تجاه هذه السلطة الانتقالية، وقد طلبوا مساعدتنا، وسنسعى لمساعدتهم”.
وأكد أن الولايات المتحدة ترغب في “رؤية تقدم” في سوريا، وقال: “سنتعامل مع كل خطوة يخطونها على هذا المسار، ونعلم أنه طريق طويل، لأن ما حدث استغرق وقتاً طويلاً، ونحن ندرك ذلك، ولكنها فرصة تاريخية، وإذا نجحت، فسيكون لها تأثير جوهري هائل على المنطقة”.
وتابع: “قال الرئيس ترمب إنه يريد أن يتم اتخاذ هذه الخطوات إلى الأمام، ونحن سنفعل ما بوسعنا، بالتعاون مع شركائنا في المنطقة، للمساعدة”.
وأعرب عن تمنياته بأن “يكون ذلك ممكناً، لأنه إذا تحقق، فهناك طريقان: إما النجاح، مما سيؤدي إلى تحول كبير في المنطقة، أو الدخول في حرب أهلية وحشية ستزعزع استقرار المنطقة”.
ولفت إلى أن بلاده “تفضل الخيار الأول، لا الثاني. وستفعل كل ما في وسعها، ضمن حدود قدراتها للمساعدة على تحقيق ذلك”، لكنه اعتبر أن “الأمر في النهاية سيكون بيد القادة على الأرض لجعل هذا يتحقق، وهم يواجهون تحديات كبيرة”.
وذكر أن “الخبر الجيد هو أن هناك شركاء إقليميين، مثل تركيا والسعودية وقطر والإمارات، مستعدون لتقديم المساعدة”، مشيراً إلى أن “قرار رفع العقوبات سيبدأ تأثيره الأول ليس لأن الدولار الأميركي سيتدفق، ولكن لأن شركائنا الإقليميين سيتمكنون من إرسال الأموال، ما سيمكنهم ليس فقط من دعم حكومة تكون قادرة على توفير الخدمات الأساسية، بل وأيضاً الشروع في عملية إعادة الإعمار”.
وأفاد الوزير الأميركي، بأن الاجتماع بحث مع الوفد السوري “طلب المساعدة في تحديد مواقع أسلحة الدمار الشامل، مثل الأسلحة الكيميائية، وتحديد مواقعها وإزالتها من البلاد”، موضحاً أن “الأمر يتطلب خبرات فنية لتحديد مواقعها بدقة وإزالتها بأمان، وقد طلبوا مساعدتنا في هذا المجال، ونحن مستعدون لتقديمها”، واصفاً هذه العملية بأنها “معقدة جداً”.
“إعفاءات أولية”
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان لدى إدارة ترمب جدول زمني لرفع العقوبات، وما إذا كانت وزارتي الخارجية والخزانة على علم مسبق بالقرار، أجاب روبيو: “نحن كنا بالفعل نسير في هذا الطريق، لذلك كنا نقوم بالتحضيرات المسبقة. وزير المالية السوري حصل على تأشيرة للسفر إلى واشنطن قبل أسبوعين، ووزير الخارجية حصل كذلك على تأشيرة قبل أسبوع للسفر إلى نيويورك، والتقى بمندوبنا في الأمم المتحدة”.
وأضاف: “سبق أن قررت أن أكون هنا اليوم لألتقي بوزير الخارجية، وكنت مع الرئيس عندما اتخذ القرار بشأن هذا الأمر، وأدرجه في خطابه”.
وأشار روبيو، إلى أن وزارته “كانت تقوم بالعمل التحضيري في هذا السياق”، مبيناً أن “جوهر هذه العقوبات هو أنها منصوص عليها في القانون بموجب قانون قيصر، وقد طلب أعضاء من الكونجرس من كلا الحزبين استخدام الصلاحيات الواردة في هذا القانون، وهو ما ينوي الرئيس فعله”.
وأوضح أن “هذه الإعفاءات يجب تجديدها كل 180 يوماً”، وتابع: “إذا أحرزنا تقدماً كافياً، فنود أن نصل إلى مرحلة نطلب فيها من الكونجرس إلغاء القانون، لأنك لن تجد مستثمرين يغامرون في بلد قد تعود فيه العقوبات في أي وقت خلال 6 أشهر، لكننا لم نصل إلى تلك المرحلة بعد من المبكر الحديث عن ذلك الآن”.
وأعرب عن رغبة إدارة ترمب في “البدء بإصدار إعفاءات أولية، والتي ستسمح لشركائنا الأجانب الذين يرغبون في إرسال المساعدات أن يفعلوا ذلك دون الخوف من التعرض لعقوبات”.
وتابع: “مع التقدم، نأمل أن نكون في وضع يسمح لنا في المستقبل بالتوجه إلى الكونجرس لطلب إلغاء العقوبات بشكل دائم”.
وقال مسؤول في إدارة ترمب لوكالة “رويترز”، إن وزارة الخزانة الأميركية “من المرجح أن تصدر رخصاً عامة تغطي مجموعة واسعة من قطاعات الاقتصاد السوري المهمة لإعادة البناء”.
اجتماع “مثمر وبناء”
من جهته، وصف وزير الخارجية السوري على منصة “إكس”، اجتماعه مع وربيو وفيدان بـ”المثمر والبناء”، وقال: “وضعنا اليوم لبنة مهمة في بناء علاقات استراتيجية متقدمة مع الولايات المتحدة، بما يخدم مصالح شعبنا، ويعزز من حضورنا الإقليمي والدولي”.
وفي وقت سابق الخميس، قال وزير الخارجية التركي للصحافيين على هامش اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي “الناتو”، إن الاجتماع سيناقش قرار الولايات المتحدة رفع العقوبات عن سوريا، وخارطة طريق مقترحة.
وأوضح فيدان، أنه ناقش مع نظرائه في اجتماع “الناتو”، مستقبل سوريا، إذ أكدوا “جميعاً أن تحقيق الاستقرار والأمن في هذا البلد يُعد أولوية”.
ووصف فيدان اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس السوري أحمد الشرع وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ومشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فيه عبر اتصال، بأنه “خطوة مهمة نحو رفع العقوبات عن سوريا”.
واعتبر وزير الخارجية التركي، أن “الهجمات الإسرائيلية التي تفتقر إلى أي مبرر قانوني تُشكل تهديداً كبيراً لاستقرار سوريا”.
وأضاف: “دفع سوريا نحو الفوضى لا يخدم أحداً. مسؤولية سلامة وأمن جميع مكونات الشعب السوري تقع على عاتق الحكومة المركزية في دمشق. وتُظهر حكومة دمشق حرصاً على الشمولية منذ تسلمها المهام”.
ولفت الوزير التركي، إلى أن “سوريا تتبنى موقفاً حازماً في مكافحة كافة التنظيمات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم داعش”، داعياً “المجتمع الدولي إلى دعم هذا النهج”.
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية على منصة “إكس”، الخميس، أنها تعمل مع وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي على تنفيذ توجيهات الرئيس الأميركي الخاصة برفع العقوبات على سوريا، معربةً عن تطلعها لـ”إصدار التراخيص اللازمة التي ستكون مهمة لجذب استثمارات جديدة إلى سوريا”.
وذكرت أنه “يمكن لإجراءات وزارة الخزانة أن تساعد في إعادة بناء اقتصاد سوريا وقطاعها المالي وبنيتها التحتية، وأن تضع البلاد على مسار مستقبل مشرق ومزدهر ومستقر”.