تصاعدت وتيرة التوتر في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا نهاية الأسبوع، إثر عمليات مداهمة نفذتها وكالة الهجرة والجمارك الفدرالية، وأسفرت عن توقيف 44 شخصًا على الأقل بتهم تتعلق بانتهاك قوانين الهجرة. وقد فجّرت هذه العمليات احتجاجات واسعة اندلعت مساء الجمعة، وتحولت خلال يومين إلى مواجهات عنيفة دفعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إصدار أمر عاجل بنشر قوات من الحرس الوطني في المدينة.
جذور الأزمة.. سياسة الهجرة على المحك
الرئيس ترامب جعل من تشديد قوانين الهجرة محورًا رئيسيًا في ولايته الثانية، وفعّل حملات واسعة لترحيل المهاجرين غير النظاميين، لا سيما في المدن التي تُعرف بولائها للديمقراطيين.
ومع دخول حملة ترحيل جديدة إلى لوس أنجلوس، حيث يشكل المهاجرون وذوو الأصول اللاتينية شريحة سكانية كبرى، برزت المواجهة مجددًا بين إدارة ترامب والمسؤولين المحليين.
وتُعد لوس أنجلوس واحدة من أبرز “مدن الملاذ” التي ترفض التعاون الكامل مع وكالات الهجرة الفدرالية، ما يجعلها بؤرة توتر مستمرة بين الجمهوريين والديمقراطيين.
تطور الأحداث.. من المداهمات إلى الشوارع
انطلقت شرارة الغضب بعد ظهر الجمعة، عقب تنفيذ عناصر وكالة الهجرة والجمارك سلسلة مداهمات في أنحاء متفرقة من المدينة أسفرت عن عشرات الاعتقالات. وسرعان ما خرج المتظاهرون إلى الشوارع، لتشهد الأحياء اشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن، استخدمت خلالها الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود.
وبحسب صحيفة بوليتيكو، فإن إدارة ترامب سارعت لتقديم الرواية الرسمية للأحداث بوصفها “هجومًا على سلطات تنفيذ القانون”، محمّلة القيادات الديمقراطية المحلية مسؤولية تأجيج المشاعر المناهضة للسلطات الفدرالية.
البيت الأبيض يرد بقوة… وتوجيه أصابع الاتهام للديمقراطيين
في تصريحات أدلى بها لشبكة “فوكس نيوز”، دافع توم هومان، مستشار شؤون الحدود في البيت الأبيض، عن حملات الهجرة، معتبرًا أنها تسهم في “جعل لوس أنجلوس أكثر أمانًا”، وأضاف: “في ظل ما نراه من احتجاجات متزايدة، سيتم استدعاء الحرس الوطني الليلة”.
من جانبها، أصدرت وزارة الأمن الداخلي بيانًا على لسان المتحدثة تريشيا ماكلولين، اتهمت فيه سياسيي الحزب الديمقراطي بـ”تشويه صورة” وكالة الهجرة والجمارك وتحريض الشارع ضدها، مستشهدة بمواقف حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم وعمدة لوس أنجلوس كارين باس.
وقالت ماكلولين: “الهجمات العنيفة التي استهدفت رجال إنفاذ القانون غير مقبولة على الإطلاق، ومن العار أن نرى مسؤولين محليين يترددون في إدانتها. هؤلاء الضباط يخاطرون بحياتهم لحماية المواطنين الأميركيين”.
نشر الحرس الوطني ومنع الأقنعة في المظاهرات
وفي تطور لافت، أعلن البيت الأبيض مساء الأحد أن ترامب وقّع مذكرة رئاسية تقضي بنشر ألفي عنصر من الحرس الوطني في مدينة لوس أنجلوس “للسيطرة على الفوضى التي تُركت لتتفاقم”.
وأكد كبار مسؤولي إنفاذ القانون في الولاية أن هذه القوات ستبدأ الانتشار خلال الساعات الـ24 المقبلة.
ولم يكتف ترامب بذلك، بل أصدر أيضًا أمرًا يحظر ارتداء الأقنعة في التظاهرات التي تعم المدينة، وكتب عبر منصته “تروث سوشيال”: “من الآن فصاعدًا يُمنع ارتداء الأقنعة في الاحتجاجات… ما الذي يحاول هؤلاء إخفاءه؟ ولماذا؟”.
مخاوف من تصعيد فيدرالي أكبر
وسط هذا التصعيد، يُحذّر مراقبون من احتمال لجوء الرئيس ترامب إلى تفعيل “قانون العصيان” العائد إلى عام 1807، والذي يمنحه صلاحيات واسعة لنشر الجيش الأميركي داخل المدن لكبح الاضطرابات المدنية وفرض النظام، وإذا ما تم تفعيل هذا الخيار، فإن الأزمة قد تدخل مرحلة أكثر تعقيدًا وخطورة.
المواقف الديمقراطية والنقابية: صمت حذر أم تحرك قادم؟
حتى الآن، تتعامل السلطات المحلية في لوس أنجلوس، ذات القيادة الديمقراطية، بحذر مع التطورات، وسط ضغوط شعبية من قواعدها الرافضة لسياسات ترامب في ملف الهجرة.
اللافت أن الاحتجاجات اشتعلت بعد اعتقال رئيس نقابة عمال الخدمات الدولية في كاليفورنيا، الأمر الذي قد يدفع النقابات العمالية إلى دخول المواجهة بشكل مباشر، خاصة في ظل اعتبارها الاعتقال استهدافًا سياسيًا لنشاطها في دعم حقوق المهاجرين.
المصدر: وكالة ستيب الاخبارية