اخر الاخبار

احتجاز وتفتيش وترحيل.. إجراءات أميركية تربك المسافرين

تشهد المعابر الحدودية الأميركية، بما في ذلك المطارات والمنافذ البرية، تصاعداً في عمليات التفتيش والاحتجاز للمسافرين، شملت فحص هواتفهم الشخصية، مما أثار قلقاً واسعاً بين الراغبين في زيارة الولايات المتحدة.

وشملت هذه الإجراءات مسافرين من دول غربية، مثل فرنسا، وألمانيا، وكندا، مما دفع بعض الحكومات إلى إصدار تحذيرات لمواطنيها، بحسب شبكة NBC NEWS.

وأفادت الشبكة بأن مسافرين محتملين إلى الولايات المتحدة يعربون عن مخاوف متزايدة بشأن خطط السفر في ظل الحملة الأمنية المشددة والتحذيرات الصادرة عن السفارات الأميركية في أكثر من 12 دولة، ومن بينها تحذير السفارة الأميركية في السويد الذي نص على أن أي شخص يدخل الولايات المتحدة بتأشيرة هو “ضيف”، وإذا كذب بشأن نواياه خلال الزيارة، “فسيتم ترحليه فوراً”.

في أحد أبرز الحوادث، أُعيدت طبيبة لبنانية كانت تعمل في مركز طبي بجامعة براون إلى بلادها، رغم امتلاكها تأشيرة أميركية سارية، بعد أن عثر ضباط الجمارك وحماية الحدود على محتوى في هاتفها تشير إلى حضورها جنازة الأمين العام الراحل لجماعة حزب الله حسن نصر الله.

كما مُنع باحث فرنسي من دخول الولايات المتحدة بعد العثور على رسائل في هاتفه تنتقد إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.

وأفادت تقارير إعلامية بأن بعض المسافرين قضوا أياماً وأسابيع في مراكز الاحتجاز قبل ترحيلهم.

في المقابل تقول هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية أنها تجري مثل هذه التفتيشات لكشف “المواد الرقمية غير القانونية، والمحتوى المرتبط بالإرهاب، والمعلومات ذات الصلة بأهلية الزائر لدخول البلاد”.

وقالت المتحدثة باسم الهيئة هيلتون بيكهام، في بيان عبر البريد الإلكتروني لـ NBC News: “الادعاءات بأن الهيئة تزيد من تفتيش الوسائط الإلكترونية، بسبب التغيرات في الإدارة غير صحيحة”.

وأضافت: “الادعاءات بأن الآراء السياسية تؤدي إلى التفتيش أو الترحيل لا أساس لها من الصحة وغير مسؤولة”.

وهذه التفتيشات ليست جديدة بالنسبة للمسافرين من مناطق في العالم يخضع مواطنوها بالفعل لمتطلبات تأشيرة صارمة، فقد اشتكى طلاب صينيون في السنوات الأخيرة من تعرضهم لمزيد من الاستجواب والاحتجاز عند دخولهم الولايات المتحدة بدواعي الأمن القومي.

وأفاد وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو الأسبوع الماضي، بأن أحد الباحثين الفرنسيين مُنع من دخول الولايات المتحدة بعد أن اكتشف عملاء هيئة الجمارك رسائل على هاتفه تنتقد إدارة الرئيس دونالد ترمب. من جانبها، قالت هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية إن تفتيش الأجهزة الإلكترونية للباحث، الذي لم يتم الكشف عن هويته، أدى إلى “اكتشاف معلومات سرية” تخص مختبراً أميركياً.

ووفقاً لسيرا حسين، المحامية البارزة في مؤسسة الحقوق الرقمية Electronic Frontier Foundation، فإن هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية لا تحتاج إلى أمر قضائي لتفتيش هواتف أي مسافر يصل إلى الحدود الأميركية، بما في ذلك في المطارات.

وأوضحت حسين: “ترى الحكومة الأميركية أن لديها الحق في تفتيش أجهزتك دون أمر قضائي ودون اشتباه، بموجب ما يُعرف باستثناء تفتيش الحدود من التعديل الرابع للدستور”.

ووجد بعض المسافرين أنفسهم محتجزين بشكل غير متوقع.

ففي 3 مارس، احتُجزت الكندية جاسمين موني، التي كانت تعيد التقدم للحصول على تأشيرة عمل أميركية، دون تفسير عند الحدود المكسيكية بالقرب من سان دييجو، وقضت 12 يوماً في الاحتجاز قبل إعادتها إلى بلادها.

وقالت موني لصحيفة The Guardian إنها خضعت للاستجواب بشأن وضع تأشيرتها، التي مُنحت لها بعد رفض أولي.

وأوضحت خلال مقابلة مع MSNBC: “لا يوجد تواصل، ليس لديك ضابط تتحدث معه. لا يمكنك الاتصال بمحاميك أو بأصدقائك أو بعائلتك”.

أما البريطانية ريبيكا بيرك، وهي مسافرة للترفيه، فقد قضت ما يقرب من ثلاثة أسابيع في مركز احتجاز بعد محاولتها دخول الولايات المتحدة من كندا في فبراير. 

وقال مركز الاحتجاز الشمالي الغربي التابع لهيئة الهجرة والجمارك الأميركية لهيئة الإذاعة البريطانية BBC إن بيرك احتُجزت ورُحلت “بسبب انتهاك شروط دخولها”.

وأعربت أسرتها عن اعتقادها بأن احتجازها جاء بسبب سوء فهم حول ترتيبات إقامتها، حيث كانت تقيم مجاناً مقابل المساعدة في بعض الأعمال المنزلية، وهو ما قد تكون السلطات اعتبرته عملاً غير مصرح به بموجب تأشيرتها.

وفي حادثة أخرى، قالت المواطنة الأميركية لينون تايلر إنها كُبّلت بالسلاسل إلى مقعد على أيدي عملاء الحدود بعد أن اتهموا خطيبها الألماني لوكاس سيلاف بانتهاك شروط تأشيرته السياحية التي تبلغ مدتها 90 يوماً أثناء محاولته دخول الولايات المتحدة من المكسيك. واحتُجز سيلاف لمدة أسبوعين، قبل ترحيله إلى ألمانيا، وفقًا لوكالة “أسوشيتد برس”.

ودفعت هذه الحوادث بعض الحكومات إلى إصدار تحذيرات رسمية لمواطنيها المسافرين إلى الولايات المتحدة. وأصدرت بريطانيا تحديثاً لتحذير السفر نص على أن “قد تكون عرضة للاعتقال أو الاحتجاز إذا خالفت القواعد”.

وأوصت المحامية سيرا حسين المسافرين بتخزين بياناتهم في أنظمة السحابة الإلكترونية ومحوها من هواتفهم قبل التفتيش، كما نصحت بإيقاف تشغيل الهواتف قبل الوصول إلى الحدود، حيث إن ذلك يعطل ميزة التعرف على الوجه، حتى يتم إدخال كلمة المرور يدوياً.

وأشارت إلى أن حقوق المسافرين تختلف وفقاً لوضعهم، سواء كانوا مواطنين أميركيين أو مقيمين دائمين أو حاملي تأشيرات، وكذلك وفقاً لنقطة دخولهم إلى البلاد.

وأضافت أن حاملي التأشيرات الذين يرفضون تفتيش أجهزتهم قد يتعرضون لإلغاء تأشيراتهم ومنعهم من دخول الولايات المتحدة.

وذكرت أن القوانين تختلف من ولاية إلى أخرى، حيث قضت محكمة في نيويورك العام الماضي بحظر عمليات التفتيش غير المبررة للهواتف في مطار جون إف كينيدي، لكن هذا الحكم لا يسري على بقية المطارات والمنافذ الحدودية، مما يترك المسافرين في حالة من الغموض القانوني.

وختمت سيرا حسين بالقول: “لهذا السبب نعتقد أن المحكمة العليا يجب أن تتدخل لحسم هذه المسألة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *