ارتفاع حوادث السير في إدلب

إدلب – سماح علوش
لم تكتمل فرحة يامن نوح بلمّ شمله بعائلته بعد عودته من لبنان إلى مدينته إدلب، فقد فُجع بوفاة ولده يحيى ذي العامين، إثر حادث سير قبيل عيد الفطر، في 31 من آذار الماضي، فتحول العيد إلى مأتم وغصة ما زالت آثارها حتى اللحظة.
إحدى قريبات العائلة، قالت ل، إن الطفل كان يجلس على دراجة والده النارية التي تركها مركونة قرب الرصيف لشراء بعض الأطعمة، لتأتي سيارة مسرعة وتصدم الدراجة، إذ رمت بالطفل عدة أمتار والدماء تملأ جسده.
حاول والد يحيى إسعافه بعد فرار صاحب السيارة، لكن الطفل توفي على الفور.
الحادث هو واحد من عشرات حوادث السير التي تتسبب بوفيات وإصابات بمدينة إدلب وأريافها، مع ما تلحقه من أضرار مادية متفاوتة.
كثرة الزائرين والتنقلات
المسؤول في برنامج البحث والإنقاذ بفريق “الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء)، ياسر ننه، قال ل، إن أسباب ارتفاع حوادث السير في إدلب هو أمر نسبي مرتبط بمدة زمنية، ففي فصل الشتاء تزداد الحوادث بسبب الطرق الزلقة، أو تشكل الجليد.
وأضاف أن أبرز أسباب ارتفاع الحوادث خلال الأشهر الماضية ازدحام الطرق، وكثرة التنقلات عقب تحرير سوريا من نظام الأسد، وتنقلات النازحين إلى قراهم وبلداتهم في الأرياف بقصد تفقد أراضيهم وممتلكاتهم بشكل يومي، ورغبة العديد من الأهالي القاطنين في المحافظات الأخرى بزيارة ذويهم في إدلب.
من جهته، أفاد فرع شرطة المرور في محافظة إدلب ل، أن ارتفاع نسبة الحوادث المرورية في مدينة إدلب يعود للكثافة السكانية في المنطقة، وكثرة الآليات فيها، إذ كانت الملاذ الآمن للفارين من بطش النظام السابق من جميع المحافظات السورية.
ولفت فرع المرور إلى أن عدد زوار إدلب من جميع أنحاء سوريا وخارجها تضاعف بعد التحرير، لتوفر المواد ومقومات الحياة فيها، وذلك لا يتناسب مع قدرة استيعاب شوارعها للأعداد المتزايدة يومًا تلو الآخر.
وفيات وإصابات
وفق إحصائية من “الدفاع المدني” ل، فإن فرقه استجابت، منذ 26 من تشرين الثاني 2024 حتى نهاية آذار عام 2025، لـ849 حادث سير بجميع المناطق التي تنتشر فيها، وكان العدد الأكبر في إدلب بـ429 حادثًا، وفي حلب بـ149 حادثًا.
وأوضح ننه أن هذه الإحصائية لم تشمل جميع المحافظات السورية بسبب عدم توزع الفرق بشكل متوازن فيها، والإحصائية تشمل فقط الحوادث التي تم إبلاغ الفرق عنها، ولا يمكن القول إن محافظة إدلب سجلت أكبر نسبة حوادث بين المحافظات بسبب عدم وجود فترة زمنية موحدة لانتشار الفرق فيها.
وعن إحصائية للوفيات إثر الحوادث، بلغ عددها في سوريا خلال ذات الفترة 44 حالة وفاة، بينها طفلان وخمس نساء و37 رجلًا، من بينها 10 وفيات في إدلب بينها طفل وسيدتان وسبعة رجال.
كما بلغ عدد المصابين في عموم مناطق انتشار الفرق في سوريا 796 مصابًا، بينهم 153 طفلًا و104 نساء و532 رجلًا، من ضمنهم 454 إصابة في إدلب (64 امرأة و284 رجلًا و100 طفل).
أخطاء قيادة وسرعة
أبرز الأسباب التي تؤدي إلى وقوع الحوادث عدم التزام السائقين والمشاة بقواعد المرور، بالإضافة إلى رداءة البنى التحتية وتهدم بعضها في الطرق، وعدم وجود جسور أو تقاطعات صحيحة أو حتى أماكن مخصصة لعبور المشاة خصوصًا في الطرق السريعة والخطرة، وفق ياسر ننه.
ومن الأسباب التي ذكرها ننه، السرعة الزائدة، وعدم تركيز بعض السائقين مع وجود بعض المشتتات كاستخدام الهاتف، وعدم ترك مسافات أمان، وقيادة الأطفال وغير المؤهلين للدراجات النارية والسيارات، وعدم التأكد من جاهزية المركبات كتفقد المكابح وماسحات الزجاج وأضواء الضباب.
وعن واقع الطرق في الأرياف الجنوبية والشرقية لإدلب المحررة حديثًا، قال فرع المرور بإدلب، إنها لا تقل سوءًا مقارنة بالأحياء السكنية مع ما خلّفه النظام السابق من تدمير للبنى التحتية والمرافق الحيوية في المناطق التي كانت تخضع لسيطرته وعدم أهليتها للعبور بشكل آمن.
إجراءات وتوصيات
تعمل دوريات المرور بكامل طاقتها وفق توجيهات قائد الشرطة لتأمين السلامة ونشر التوعية المرورية للسائقين والمواطنين من خلال الفرق الموجودة على مدار24 ساعة على الطرق الرئيسة والفرعية في جميع أنحاء المدينة وريفها.
وتعمل وزارة الداخلية على مراقبة حركة السير في الطرق الرئيسة والفرعية عبر كاميرات المراقبة لحدود السرعة، ونشر دوريات الطرق العامة لضبط المخالفين وتأمين أكبر قدر من السلامة المرورية، وفق توضيح فرع مرور إدلب.
وعن الإجراءات التي يقوم بها “الدفاع المدني” للحد من الحوادث، قال ياسر ننه، إن هناك عدة محاور أساسية، الأول مرتبط بالاستجابة العاجلة للحوادث، والثاني مرتبط بالبنية التحتية، حيث تقوم الفرق ببناء ثلاثة جسور للمشاة بأكثر المناطق ازدحامًا في إدلب بعد التنسيق مع الجهات المحلية والوزارات المعنية، ودراسة الوضع لتسهيل عبور المدنيين.
أما المحور الثالث للاستجابة فهو مرتبط بصيانة الطرق والحفر، والعمل مع الجهات المعنية على تسكير فتحات أو إزالة حواجز تتسبب بالحوادث، والمحور الرابع عبر التوعية سواء الفيزيائية أو عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وفيما يخص الدراجات النارية، التي تعتبر المسبب الأكبر للحوادث، أفاد فرع مرور إدلب، أن وزارة الداخلية تعمل على إعداد خطة مستقبلية بالتنسيق مع وزارة النقل لتنظيم الدراجات النارية وتوثيقها عبر مديريات النقل العامة، وتنميرها، ومنعها من قبل شرطة المرور من العبور في المدينة بشكل عشوائي، و”محاسبة المخالفين من أصحاب التصرفات السلبية على مستوى استيعابهم الفكري المعكوس سلبًا على النيل من سلامة الإخوة المواطنين في الشارع العام”.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي