رغم الرهان المتزايد من قبل الرؤساء التنفيذيين في كبرى الشركات العالمية على تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن العوائد الفعلية على هذه الاستثمارات لا تزال دون التوقعات لدى شريحة واسعة منهم، وفقاً لنتائج مسح حديث.
وأظهر الاستطلاع، الذي أجرته شركة الاستشارات Teneo، وشمل أكثر من 350 رئيساً تنفيذياً لشركات مدرجة حول العالم، أن أقل من نصف مشروعات الذكاء الاصطناعي الجاري تنفيذها حالياً تمكنت من تحقيق عوائد تفوق تكلفتها، ما يعكس فجوة واضحة بين حجم الإنفاق والطموحات من جهة، والنتائج المالية الملموسة من جهة أخرى.
وبحسب المسح السنوي، فإن الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي لا يزال قوياً، بل ويتجه إلى التصاعد، فقد أفاد 68% من الرؤساء التنفيذيين بأنهم يخططون لزيادة الإنفاق على الذكاء الاصطناعي خلال عام 2026، وذلك بعد عام شهد تدفق استثمارات تقدر بتريليونات الدولارات إلى هذا القطاع، وأسهمت في دعم الأسواق العالمية والنشاط الاقتصادي.
عائد محدود
ورغم هذا الزخم، أقر المشاركون في الاستطلاع بأن النتائج حتى الآن لم تكن على المستوى المأمول، موضحين أن أقل من نصف مشروعات الذكاء الاصطناعي التي يتم تنفيذها حالياً حققت عوائد مالية أعلى من تكلفتها.
فيما سجلت الشركات أعلى معدلات النجاح عند استخدام هذه التقنيات في مجالات مثل التسويق وخدمة العملاء، حيث يسهل قياس الأثر وتحقيق قيمة مباشرة.
وعلى الجانب الآخر، واجهت المؤسسات صعوبات أكبر عند توظيف الذكاء الاصطناعي في المجالات ذات المخاطر المرتفعة، مثل الأمن السيبراني والشؤون القانونية وإدارة الموارد البشرية، وهي مجالات تتطلب مستويات أعلى من الدقة والامتثال والحوكمة.
تفاؤل حذر
وشمل المسح أيضاً نحو 400 مستثمر مؤسسي، أظهروا نظرة أكثر استعجالاً فيما يتعلق بعوائد الاستثمار، إذ توقَّع 53% من هؤلاء أن تبدأ مبادرات الذكاء الاصطناعي في تحقيق عائد ملموس على الاستثمار خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر، إلا أن هذه النظرة لا تحظى بإجماع لدى الإدارات التنفيذية، لا سيما في الشركات الكبرى.
فقد أشار 84% من الرؤساء التنفيذيين للشركات التي تتجاوز إيراداتها 10 مليارات دولار إلى اعتقادهم بأن تحقيق عوائد مجدية من الذكاء الاصطناعي سيستغرق أكثر من ستة أشهر، ما يعكس نهجاً أكثر تحفظاً وحذراً في تقييم الجدوى الزمنية للاستثمارات التقنية الضخمة.
فرص عمل جديدة
وفي مفارقة لافتة، خالفت نتائج المسح المخاوف الشائعة بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، إذ أفاد 67% من الرؤساء التنفيذيين بأنهم يعتقدون أن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى زيادة عدد وظائف المستوى المبتدئ داخل شركاتهم، وليس تقليصها.
بينما يرى 58% منهم أن هذه التقنيات ستسهم أيضاً في زيادة عدد المناصب القيادية العليا، في إشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يعيد تشكيل هيكل الوظائف بدلاً من استبدالها بالكامل.
وأُجري هذا الاستطلاع خلال الفترة الممتدة من منتصف أكتوبر إلى منتصف نوفمبر، وشمل رؤساء تنفيذيين لشركات مدرجة تبلغ إيراداتها مليار دولار أو أكثر، ما يمنح نتائجه ثقلاً خاصاً باعتبارها تعكس توجهات الشركات الكبرى والمؤثرة في الاقتصاد العالمي.
انتعاش اقتصادي
ولم تقتصر نتائج المسح على الذكاء الاصطناعي فقط، بل تطرقت أيضاً إلى توقعات الرؤساء التنفيذيين بشأن الاقتصاد العالمي، فقد قال 31% إنهم يتوقعون تحسناً في الاقتصاد العالمي خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2026، مقارنة بـ51% كانت لديهم النظرة ذاتها قبل عام، في تراجع يُعزى جزئياً إلى القلق المتزايد حيال التجارة العالمية وحالة عدم اليقين الجيوسياسي.
وفي المقابل، بدت الشركات الأصغر حجماً أكثر تفاؤلاً، إذ توقع 80% من رؤسائها التنفيذيين تحسناً في العام الجديد، مقارنة بـ83% في العام الماضي.
وعلى صعيد الصفقات، أظهر الاستطلاع أن 78% من الرؤساء التنفيذيين يتوقعون زيادة نشاط الاندماجات والاستحواذات خلال عام 2026.
ويأتي ذلك بعد أن كان نحو 83% منهم قد توقعوا زيادة هذا النشاط في عام 2025، وهي توقعات ثبتت صحتها، إذ ارتفعت مستويات صفقات الاندماج والاستحواذ العالمية بأكثر من 40% حتى الآن هذا العام، وفق بيانات Dealogic.
