– وسيم العدوي
أثقل النظام السوري السابق كاهل التجار والصناعيين بإجراءات وشروط معقدة للاستيراد والتصدير، وسط شح موارد الدولة من القطع الأجنبي، لكن بعد سقوط النظام سرعان ما زالت القيود المفروضة على تدفق المستوردات والصادرات، وفتح الباب أمام الحركة التجارية والاستثمارات المحلية والأجنبية.
وأسهم إيقاف العمل بكل من “إجازة الاستيراد” و”استمارة الاستيراد” من قبل وزارة الاقتصاد والصناعة بشكل مبدئي، في التخلص من عبء المخالفات التي كانت تترتب على التجار فيما يتعلق بأنظمة القطع الأجنبي (العملات الأجنبية) الصادرة عن مصرف سوريا المركزي، الأمر الذي أعاد الحياة لحرية العمل التجاري في الأسواق.
المنافذ: لا إجراءات معقدة في إدخال البضائع
في تصريح ل، ذكر مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، أن الإجراءات المتعلقة بإجازة واستمارة الاستيراد متوقفة، وكل ما يجب على المستورد فعله لإدخال البضاعة من الأمانات الجمركية هو تقديم الفاتورة التجارية، وشهادة المنشأ، وبيان الشحن (البوليصة)، وشهادة التأمين (إذا كانت البضاعة مؤمّنة).
وقال علوش، إنه بعد دفع المستورد الرسوم الجمركية وتخليص البضاعة المستوردة جمركيًا، ينبغي الخضوع للرقابة الفنية والصحية إذا لزم الأمر وفقًا لنوع المواد المستوردة، فإذا كانت غذائية أو طبية يتم فحصها في المخبر، وإذا كانت من نوع آخر يتم الكشف عليها وترسيمها وإدخالها بشكل مباشر، مؤكدًا أنه لا يوجد أي إجراءات معقدة لإدخال البضائع إلى سوريا.
وهناك مواصفات قياسية معتمدة لكل البضائع المسموح لها بالدخول إلى سوريا، وفي حال كانت هذه البضائع مخالفة للمواصفات المذكورة يتم إتلافها أو الطلب من التاجر إعادتها إلى مصدرها “حسب الحالة”، ولا يمكن لأي بضاعة مخالفة أن تدخل، وفقًا لما شدد عليه مدير العلاقات بالمنافذ البرية والبحرية.
وتصدر الموافقات القياسية للمنتجات المحلية والمواد والبضائع والسلع المستوردة عن هيئة المواصفات والمقاييس السورية التابعة لوزارة الصناعة (وزارة الاقتصاد والصناعة حاليًا).
قوانين النظام السابق شلّت حركة الاستيراد
يشترط القرار رقم “1130- ل أ” المتعلق بتمويل مستوردات القطاع الخاص والمشترك الصادر عن مصرف سوريا المركزي في عام 2023، إلى جانب مجموعة طويلة من القرارات، على المستوردين الخضوع لسلسلة من الإجراءات المعقدة للسماح لهم بتخليص بضائعهم جمركيًا وإدخالها إلى البلاد، لإثبات أن التمويل بالقطع الأجنبي تم من خلال المصارف الخاصة وشركات الصرافة المعتمدة وحساباتهم ومواردهم المصرفية داخل البلاد وخارجها استنادًا إلى وجود إجازة وموافقة استيراد.
كما يلزم القرار ذاته المستوردين بتقديم إجازات استيراد في جميع الحالات سواء كان القطع الأجنبي من إحدى شركات الصرافة المحلية أو من الموارد المتاحة للمستورد خارج سوريا أو إذا كان القطع الأجنبي بشرط التمويل الآجل الذي لا يتجاوز 180 يومًا، إضافة إلى فرض مبالغ مرتفعة كبدل للتسويات على المخالفين من المستوردين، وكل ذلك قبل أن يتم إيقاف العمل بإجازة الاستيراد.
تخليص جمركي بثلاثة أيام
نتيجة لتبسيط الإجراءات والتوقف عن العمل بإجازة واستمارة الاستيراد انخفضت المدة التي تستغرقها عملية التخليص الجمركي للبضائع في الأمانات الجمركية على المنافذ البرية والبحرية من سبعة أيام، وفقًا للمخلص الجمركي عثمان عبد الله، إلى يومين أو ثلاثة أيام عمل ما لم تكن هناك مخالفات من قبل المستورد أو تأخيرات بتقديم فاتورة المستوردات.
وأشار عبد الله، في حديث ل، إلى أن عملية التخليص الجمركي تبدأ من وصول البضاعة إلى الميناء أو المعبر بتفريغ الحاويات أو الشحنة، وسحب إذن التسليم من قبل الوكيل الملاحي أو شركة النقل، وتقديم المستندات وتشمل: الفاتورة التجارية، شهادة المنشأ، بوليصة الشحن، بيان العبوة، وغيرها، وموافقة الجهات المختصة لبعض البضائع حيث تؤخذ عينات وتُرسل لجهات مخبرية لتحليلها مثل وزارة الزراعة أو الصحة، ثم دفع الرسوم الجمركية، ونقل البضاعة إلى مخازن المستورد.
مخاوف المستوردين: غموض المالية السورية
وفي حديث إلى، تحدث عضو المكتب التنفيذي في غرفة زراعة دمشق وريفها معتز سواح عن وجود بعض المخاوف لدى المستوردين من عملية الاستيراد لجهة الغموض من قبل وزارة المالية والهيئة العامة للضرائب والرسوم تجاه توضيح ما إذا كانت المستوردات تخضع لضريبة الدخل أم لا، كي يكون التاجر أو المستورد على بينة من قيمة الضريبة.
وتساءل سواح، “هل ستطلب دوائر المالية وهيئة الضرائب والرسوم البيانات الجمركية للمستوردات وتخضعها لضريبة الدخل أم لا في نهاية العام الحالي؟ هذا ما يؤرق المستوردين ويجعلهم يترددون في استيراد احتياجات السوق المحلية من مواد أولية ومنتجات في طور التصنيع وغيرها من المواد الغذائية والصناعية”، موضحًا أنه جرى توجيه هذا السؤال عدة مرات لوزارة المالية دون إجابة حتى تاريخه.
ويتحقق أثر الضريبة على المستوردات في معرفة التكاليف الحقيقية للمواد المستوردة، لأن وجود نسبة عالية أو منخفضة من الضريبة ينعكس على سعر المادة ذاتها المباعة في الأسواق، وهنا يدعو سواح إلى وضع مبادئ عامة وواضحة للاقتطاعات المالية على المستوردات والصادرات، كي يعرف التجار ما لهم وما عليهم من التزامات مالية.
واقترح أن يتم اقتطاع ضريبة الدخل على المستوردات (إن وجدت) في أثناء عملية التخليص الجمركي للبضاعة في المنافذ الحدودية عند دخولها إلى سوريا.
المالية تمتنع عن الإجابة
توجهت إلى مدير عام الهيئة العامة للضرائب والرسوم بالسؤال لتوضيح ما إذا كانت هناك ضريبة دخل سنوية على المستوردات، أو تم إيقاف هذه الضريبة، ريثما تتم إعادة دراستها وتخفيضها أو إعفاء المستوردين منها، لكنها لم تحصل على إجابات توضح القضية.
الرزنامة الزراعية والاستيراد
طالب عضو المكتب التنفيذي في زراعة دمشق وريفها باعتماد الرزنامة الزراعية في سوريا دليلًا لدى الجهات التي يتم استيراد المنتجات الزراعية بإشرافها ورعايتها وبتسهيل منها للحفاظ على استمرارية العمل الزراعي، مقترحًا فرض رسوم جمركية أعلى نسبيًا على المواد الزراعية المستوردة مثل الخضراوات والفواكه عندما يكون هناك إنتاج زراعي وفير منها في سوريا بهدف عدم الإضرار بالمنتج المحلي.
وخاطبت وزارة الزراعة ومديرياتها وغرف الزراعة، في وقت سابق من العام الحالي، الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، وأوقفت استيراد منتجات مثل البندورة والبطاطا والفروج والبيض خلال ذروة الإنتاج الزراعي لهذه المواد بهدف دعم وحماية الفلاحين والمنتج المحلي، وفقًا لما أفاد به سواح، وينبغي استمرار التنسيق حيال المستوردات طيلة العام.
وبينما تغيب الأرقام الرسمية عن حجم الاستيراد حتى الآن، شهدت القدرة على الاستيراد توسعًا هائلًا، ما مكّن الشركات السورية من الوصول إلى موردين وتقنيات ومواد خام دولية كانت غائبة لسنوات. وقد كان هذا الأمر بالغ الأهمية للصناعات التحويلية التي تحتاج إلى مدخلات مستوردة، ولقطاع إعادة الإعمار الذي يحتاج إلى معدات ومواد دولية، بحسب تحليل نشره الخبير في التجارة الدولية جهاد سنجاب، في موقع “التجار”.
ويستعيد قطاع التوريد تكامله تدريجيًا مع إعادة بناء الشركات السورية لعلاقاتها مع الموردين والعملاء الدوليين. وتتطلب هذه العملية وقتًا لإعادة بناء الثقة وبناء علاقات تجارية جديدة، إلا أن العوائق القانونية والمالية التي حالت دون ذلك قد أُزيلت.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي