اتهمت السلطات السورية في دمشق، فصائل محلية في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية جنوبي البلاد، بخرق وقف إطلاق النار، منتصف ليل الأربعاء، فيما قالت مجموعات تطلق على نفسها “الحرس الوطني” في السويداء، إن “مجموعات أهلية تصرفت من تلقاء نفسها لاسترجاع البلدات التي تُسيطر عليها القوات الحكومية”.

وكانت قناة “الإخبارية” السورية، نقلت عن مصدر أمني سوري، قوله، إن “الفصائل المتمردة” في السويداء، “خرقت اتفاق الهدنة واستهدفت نقاطاً للقوى الأمنية غربي المحافظة”، مشيراً إلى أن “قوى الأمن الداخلي في السويداء ردّت على مصادر النيران واستهدفت مواقع للفصائل المتمردة”.

وبدأت الهدنة بين الطرفين في يوليو الماضي بوساطة إقليمية ودولية، إثر موجة من العنف، أعقبت تدخل قوات من وزارة الدفاع السورية والأمن العام، لفض اشتباكات بين مجموعات درزية وأخرى عشائرية في المحافظة ذات الغالبية الدرزية.

وأشارت منصة “السويداء 24” المحلية، صباح الخميس، إلى تراجع حدة الاشتباكات على المحور الغربي من مدينة السويداء، لافتةً إلى استمرار سماع أصوات رشقات بشكل متقطعة بين الحين والآخر بالرشاشات الثقيلة، ونقلت المنصة الناشطة داخل المحافظة عن مصادر ميدانية قولها، إن “المحاور الغربية لم تشهد أي تغييرات تذكر على واقع خطوط السيطرة بين القوات الحكومية وفصائل (الحرس الوطني)”.

وأكدت قيادة “الحرس الوطني” في بيان نشرته على فيسبوك، أنها “لم تصدر أي أمر بالهجوم والتقدم على أي محور”، داعيةً المقاتلين إلى الالتزام الكامل بالهدنة وبنقاط التثبيت والتمركز السابق، وأضافت: “نرجو من أهلنا التحلي بالحس العالي بالمسؤولية والالتزام بالهدنة المتفق عليها دولياً وبالقرارات الصادرة عن قيادة القوات بهذا الخصوص، لتفويت الفرصة على تلك العصابات المجرمة في استغلال الموقف الدولي وإيجاد الذرائع لها لمزيد من الخروقات”.

وفي وقت سابق الأربعاء، قالت الأمم المتحدة إن الوضع الأمني في جنوب سوريا، لا يزال متقلباً، مشيرةً إلى أن الخدمات الأساسية تواجه ضغوطاً شديدة.

وأوضحت المنظمة الأممية في بيان، أن “الخدمات الأساسية في السويداء لا تزال تعاني من ضغوط شديدة بسبب النزاع والتدهور الاقتصادي والعقبات الإدارية، مع اضطرابات في قطاعات الغذاء والصحة والزراعة”،  لافتةً إلى أن ما يقرب من 420 ألف شخص تلقوا مساعدات إنسانية في محافظات درعا والسويداء وريف دمشق خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.

وفي منتصف أغسطس، أكدت الأمم المتحدة، أن أكثر من 190 ألف شخص نزحوا بسبب أعمال العنف، التي عطلت أيضاً الخدمات الأساسية والإمدادات التجارية، وأضافت أنها تواصل التعاون الوثيق مع السلطات السورية والشركاء الآخرين لتعزيز الاستجابة.

“خارطة طريق” لحل أزمة السويداء

وجرى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء، برعاية دولية، في يوليو الماضي بعد اشتباكات أودت بحياة المئات، وقالت وزارة الداخلية السورية آنذاك، إنها تدخلت لفض الاشتباكات، وفرض الأمن، وملاحقة المتسببين في الأحداث وتحويلهم إلى القضاء المختص. إلا أن الأمور خرجت عن السيطرة، لا سيما مع تدخل مجموعات من العشائر الموالية لدمشق، حيث أدانت تقارير دولية أحداث “العنف الطائفي”، التي وقعت في السويداء وأودت بحياة المئات.

وأعلن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، الشهر الماضي، أن الحكومة وضعت “خارطة طريق” للعمل على معالجة آثار أعمال العنف الدامية التي شهدتها السويداء.

وفي منتصف سبتمبر الماضي، اتفقت سوريا والأردن والولايات المتحدة، على خارطة طريق لحل الأزمة في السويداء “على أساس وحدة الأرض السورية، وأن كل السوريين مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات في دولتهم”، وفق ما أعلنت الخارجية السورية في بيان.

ونص الاتفاق على أن “محافظة السويداء جزء أصيل من سوريا ولا مستقبل لها خارجها، وأبناء المحافظة مواطنون سوريون متساوون بالحقوق والواجبات مع كل السوريين”.

وقال الاتفاق، إن “إنهاء فجوة الثقة بين الحكومة السورية والمحافظة يتطلب نهجاً متدرجاً متأنياً، يبدأ بتدابير لإعادة بناء الثقة ويعتمد حلولاً انتقالية تؤدي إلى إعادة الإدماج الكامل للمحافظة في الدولة السورية، وبما يعزز الوحدة الوطنية”.

وأكد الأردن والولايات المتحدة “أهمية الخطوات التي اتخذتها الحكومة السورية والالتزامات التي أعلنتها بعد جولتين من المباحثات استضافتهما العاصمة الأردنية عمان”.

كما رحبا بتأكيد وزير الخارجية السوري الالتزام بإنهاء الأزمة عبر “حل يضمن وحدة سوريا ويحفظ كل حقوق أبناء محافظة السويداء كمواطنين سوريين”.

واتفقت الدول الثلاث على التعاون لتنفيذ عدد من الخطوات بشكل عاجل “في إطار الاحترام الكامل للسيادة السورية”.

شاركها.