اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني و”الدعم السريع”

تجددت المعارك بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في عدة مناطق، الأربعاء، مع دخول الحرب عامها الثالث، وسط إدانات دولية إزاء ما يُوصف بأنه انتهاك للقانون الدولي والإنساني، فيما أعلن قائد “الدعم السريع” تشكيل ما سمَّاها “حكومة السلام والوحدة” الموازية.
وأفاد مراسل “الشرق” في السودان بأن المعارك المستعرة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” تتركز في 3 مناطق هي محور غرب وجنوب أم درمان، إضافة إلى محور شمال دارفور، ومحور نهر النيل والشمالية.
وقال إن الجيش السوداني أحرز تقدماً ميدانياً على جبهات جنوب وغرب أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، مضيفاً أنه عقب استرداده سوق “قندهار” غربي أم درمان نفَّذ عمليات تمشيط واسعة ونشر قواته في المنطقة التي كانت تُشكّل أحد أكبر معاقل “الدعم السريع”.
وأشار إلى أحياء واسعة من العاصمة الخرطوم تعيش أزمة إنسانية مضاعفة؛ نتيجة انقطاع خدمات المياه والكهرباء منذ أكثر من أسبوع عقب استهداف محطة توليد سد مروي شمال السودان من قبل قوات “الدعم السريع”.
استهداف معسكر زمزم
وفي سياق متصل، اتهمت “حركة جيش تحرير السودان” القائد الثاني لقوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، شقيق “حميدتي”، بالتخطيط والإشراف على ما وصفتها بـ”المجازر بحق المدنين في معسكر (مخيم) زمزم بولاية شمال دارفور”.
وذكرت الحركة، التي يتزعمها حاكم دارفور مني أركو مناوي، في بيان على “فيسبوك” أن “هذه المجزرة أودت بحياة 500 شخص”، لافتة إلى أن “الأسر النازحة من المعسكر، والتي وصلت إلى مدينة الفاشر، بلغ عددها حتى الآن 4415 أسرة”، وفقاً لإحصائيات مفوضية العون الإنساني بالمدينة.
فيما أفادت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين، في بيان، بأن الموجة الأولى من الهجمات المتعددة التي شنتها قوات “الدعم السريع” بدأت الخميس، واستمرت الهجمات حتى الجمعة والسبت، ما أدى إلى تدمير منازل وأسواق ومرافق للرعاية الصحية.
وقالت المنسقية، وفقاً لوكالة “رويترز”، إن الهجوم “خلَّف مئات الضحايا والمصابين، غالبيتهم من النساء والأطفال”. ونددت بالهجمات التي وصفتها بأنها “جرائم حرب مكتملة الأركان، وجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم”.
“حكومة موازية”
أعلن قائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، الثلاثاء، تشكيل ما سمَّاها “حكومة السلام والوحدة”، مشيراً إلى أنها تُمثّل تحالفاً مدنياً واسعاً يجسّد “الوجه الحقيقي للسودان”.
وقال حميدتي في كلمة، تزامناً مع دخول الحرب عامها الثالث: “نؤكد بفخر قيام حكومة السلام والوحدة، تحالف مدني واسع يُمثَل الوجه الحقيقي للسودان”.
وأضاف أن الحكومة الجديدة جاءت نتيجة “توقيع ميثاق سياسي ودستور انتقالي بالتعاون مع القوى المدنية والسياسية، والجبهة الثورية، والمجتمع المدني، والمنظمات الإنسانية، والحركات الشبابية، ولجان المقاومة”، لافتاً إلى أن الوثيقة تتضمن نموذج حكم لا مركزي “يُمكّن الأقاليم من حكم نفسها”.
ونوَّه إلى أن الوثيقة تنص على تشكيل مجلس رئاسي مكون من 15 عضواً يُمثّلون جميع أقاليم السودان، موضحاً أن الحكومة ستعمل على تقديم الخدمات الأساسية في جميع أنحاء البلاد، وليس فقط في المناطق التي تسيطر عليها قوات “الدعم السريع”.
ومضى حميدتي قائلاً: “نحن لا نبني دولة موازية، بل نبني مستقبل السودان الوحيد القابل للاستمرار… نصنع عملة جديدة، ونعيد الحياة الاقتصادية”.
يأتي هذا في وقت ترفض فيه الحكومة السودانية قبول أي اعتراف بـ”حكومة موازية”.
وكان وزير الخارجية السوداني علي يوسف، أكد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره المصري بدر عبد العاطي، في 23 فبراير الماضي، في القاهرة “لن نقبل أن تعترف أي دولة أخرى بما يُسمّى بحكومة موازية”، وذلك غداة توقيع قوات “الدعم السريع” وحلفاء عسكريين وسياسيين لها ميثاقاً لتشكيل حكومة منافسة في مناطق سيطرتهم.
فصل جديد من الحرب في السودان
يخوض الجيش السوداني حرباً ضد قوات “الدعم السريع” منذ عامين بعد خلافات بشأن خطط لدمج الأخيرة في القوات المسلحة في أثناء عملية سياسية للانتقال إلى حكم مدني بعد الإطاحة بالحكومة السابقة في 2021.
وتسببت الحرب في ظروف إنسانية مروعة وشردت أكثر من 12.5 مليون سوداني داخل البلاد وخارجها.
وحقق الجيش السوداني مكاسب في الأشهر القليلة الماضية، واستعاد السيطرة على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم.
وفي أواخر الشهر الماضي، عزز الجيش مواقعه بسيطرته على سوق رئيسية في أم درمان. ويسيطر الجيش بالفعل على معظم أم درمان، ويسعى إلى استعادة السيطرة على كامل منطقة العاصمة، التي تتألف من مدن الخرطوم وأم درمان وبحري.
دعوات دولية لوقف الحرب
من جانبها، دعت “مجموعة السبع”، الثلاثاء، إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في السودان، كما حثث الجيش في السودان وقوات “الدعم السريع” على الانخراط بشكل هادف في مفاوضات جادة وبنّاءة.
وأدانت المجموعة في بيان بمناسبة الذكرى الثانية للحرب، “النزاع الدائر في السودان، والفظائع والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والتجاوزات التي تشهدها البلاد، والهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع على الفاشر وحولها، وبالتحديد على مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين داخليا، والتي أسفرت عن سقوط عدد كبير من الضحايا، بما فيهم عاملون إنسانيون”.
وأعربت الدول الأعضاء في “مجموعة السبع” عن اضطرابها إزاء التقارير التي تحدثت عن “استخدام تجويع المدنيين كأداة حرب”، وشددت على أن هذه الأعمال محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي.
كما دعت الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” إلى الوفاء بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي وإعلان جدة، الذي يشير إلى مسؤوليتهما الحاسمة عن التفريق في كافة الأوقات بين المدنيين والمقاتلين وبين العناصر المدنية والأهداف العسكرية.