اعتراض العمال على الأجور يؤخر جني القطن برأس العين
– رأس العين
تأخر جني محصول القطن في منطقة رأس العين شمال غربي الحسكة، نتيجة عدم رضا العمال عن الأجور التي حددها المزارعون، وسط توقعات بموسم زراعي ضعيف.
وصلت مدة التأخر إلى أكثر من 15 يومًا، ففي كل عام، جرت العادة أن يبدأ جني القطن في 20 من أيلول، في موسم يعد منتظرًا لكثير من العمال، إذ يعتمد معظم السكان البالغ عددهم نحو 115 ألف نسمة على العمل بالزراعة كمصدر دخل رئيس.
خلافات حول الأجور
اختلف المزارعون والعمال حول أجور جني محصول القطن للعام الحالي، وكانت الأجور في العام الماضي تتراوح بين 80 و100 دولار أمريكي، وهو مبلغ يتفق عليه صاحب الأرض مع مسؤول عن الورشة، مقابل جمع طن من القطن، يحتاج جمعه من أربعة إلى خمسة عمال، في وقت يصل إلى خمسة أيام.
هذا الموسم، حدد المزارعون الأجرة بين 60 و75 دولارًا، ما أثار استياء العمال الذين رأوا أن هذه التسعيرة لا تغطي احتياجاتهم المعيشية المتزايدة.
أعرب أحمد كمال، وهو عامل في جني القطن، عن استيائه من الأجرة الجديدة، وقال ل، إن هذا المبلغ منخفض سواء مقارنة بأجور العام الماضي، وبحجم المجهود البدني الذي يتطلبه العمل.
من جانبه، سامر الكريم، وهو عامل في جني القطن أيضًا، استغرب من تحديد أجر منخفض وسط ارتفاع في أسعار معظم السلع منذ العام الماضي، وقال إن الأجور العام الماضي كانت منخفضة أصلًا، لكن العمال اضطروا لقبولها تحت ضغط الحاجة.
أما كريم مصطفى، وهو مسؤول عن ورشة تضم 35 عاملًا، فقال إنه مع بدء موسم جني القطن، لم يقم بالعمل مع أي صاحب أرض زراعية حتى يتم تغيير التسعيرة على الأقل 100 دولار للطن.
وذكر ل أن الأجور الحالية غير كافية، إذ يشتغل العمال لساعات طويلة في ظروف متعبة، وأضاف أن تعبئة طن من القطن تتطلب من أربعة إلى خمسة أيام من العمل الشاق، ما يتطلب منهم مجهودًا بدنيًا كبيرًا لا يتناسب مع الأجر المقدم.
وأشار إلى أنه، كمسؤول عن ورشة عمال، يتحمل مصاريف مالية إضافية تشمل تكاليف كالنقل، معتبرًا أن الأجور الحالية ليست ملائمة نهائيًا.
تكاليف مرتفعة وأمراض
في المقابل، اشتكى مزارعون في منطقة رأس العين من ارتفاع التكاليف وتراجع محصول القطن، إذ أدت إصابة الأقطان بـ”دودة اللوز” إلى تلف قسم من المحصول، ما أجبرهم على تحديد تسعيرة لجني القطن تتناسب مع التكاليف التي وضعوها.
وقال المزارع حسام الحسون من قرية حميد شرقي رأس العين، إنه لم يتمكن من رفع أجور جني القطن بسبب كثرة التكاليف، مضيفًا أن غالبية الأقطان تعرضت لتلف شديد بسبب الدودة، ما أثر في جودة المحصول وحجم الإنتاج.
وأضاف ل أن المزارعين اتفقوا على ضرورة أن تكون تسعيرة جني القطن بين 60 و70 دولارًا للطن لتلبية التزاماتهم المالية.
وأشار إلى أن زراعة القطن تتطلب مصاريف كبيرة تشمل تكاليف الزراعة والأسمدة ومكافحة الآفات، ما يصعب دفع أجور مرتفعة لجني المحصول.
وذكر حسام أن الأسعار الحالية لا تعكس الوضع السائد، إذ لم يدفع التجار أكثر من 500 دولار للطن، وأن أي زيادة في تسعيرة الجني ستكون صعبة التحقيق في ظل هذه الظروف الاقتصادية الراهنة.
في العام الحالي، هددت “دودة اللوز” المعروفة بـ”دودة القطن” محصول القطن في رأس العين، وأثرت بشكل متفاوت في المحاصيل، ووصلت نسبة الضرر ببعض الأراضي إلى 50%.
وتتغذى هذه الحشرة الصغيرة على أوراق وثمار القطن، ما يؤثر على نموها وجودتها، ويرجع انتشارها إلى عدة عوامل، منها تقلبات الطقس التي وفرت بيئة مثالية لتكاثرها.
تراجع في المحصول
المتحدث باسم المجلس المحلي في رأس العين، زياد ملكي، قال ل، إنه تم تحديد أجرة جني القطن بالتعاون مع مجلس القبائل والعشائر والمزارعين والعمال بمبلغ 60 دولارًا أمريكيًا، مع إمكانية زيادتها إلى 70 دولارًا أمريكيًا.
وأوضح أن هذه التسعيرة تمت الموافقة عليها من قبل مكتب العشائر والقبائل في رأس العين، بالإضافة إلى المزارعين، لتكون مناسبة للجميع دون ظلم لأي طرف.
وفي حال لم تكن التسعيرة مناسبة، يمكن استبدالها أو زيادتها في حال توصل المزارعون والعمال إلى اتفاق حول تسعيرة معينة تلبي احتياجاتهم، وفق ملكي.
وأشار إلى أن المجلس المحلي لا يفرض تسعيرة محددة لجني القطن، بل تم توجيه كتاب من العشائر والقبائل للمجلس المحلي، يتضمن اقتراحًا بتحديد أجور جني القطن بـ60 دولارًا أمريكيًا.
وانخفضت المساحات المزروعة بالقطن من 65 ألف دونم في عام 2023 إلى 27 ألف دونم في العام الحالي، حيث يعود هذا الانخفاض إلى أن زراعة القطن لم تعد مجدية اقتصاديًا، نظرًا إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض كميات المحصول.
وتواجه المحاصيل الزراعية في رأس العين صعوبات التصريف، وتحكم التجار، وغياب الجهات الحكومية عن شراء محاصيل استراتيجية كما حصل في موسم القمح 2023.
وأكثر ما يؤرق قطاع الزراعة في رأس العين وجارتها تل أبيض هو التصحّر الذي ضرب مئات آلاف الدونمات، إلى جانب أراضٍ طالتها تكهفات وانهيارات أخرجتها عن الخدمة، وعززتها عوامل اقتصادية من ارتفاع تكاليف الاستصلاح واستخراج المياه، وعوامل بشرية من استنزاف للمياه الجوفية وتقصير الجهات المسؤولة، وعدم اهتمامها بالتربة والفلاح والمحصول.
تقع رأس العين بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليها “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، بينما تحيط بها جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي