اكتشف باحثون من اليابان أن بروتينين محددين هما CFAP91 و EFCAB5، يلعبان دوراً محورياً في حركة الحيوانات المنوية، وأن فقدان وظيفة أي منهما يقلل الخصوبة بشكل ملحوظ.
وأفادت نتائج الدراسة التي نشرتها دورية “Nature Communications”، بأن بروتين CFAP91 يوجد في تركيب ذيل الحيوان المنوي، الذي يُسمى “السوط” وهو المسؤول عن دفع الحيوان المنوي للأمام حتى يصل إلى البويضة.
لكن السوط ليس مجرد خيط بسيط، بل بناء معقد يشمل ما يُعرف بـ”الأشواك الشعاعية”؛ وهذه الأشواك تعمل كأعمدة دقيقة تنظّم حركة السوط وتضمن أن الضربات التي ينفذها متناسقة وقوية.
وقال الباحثون في جامعة أوساكا، إن بروتين CFAP91 يُعتبر أحد المكونات الأساسية في هذه الأشواك، أي أنه بمثابة قطعة رئيسية في البنية التي تتحكم في حركة الحيوان المنوي. فإذا غاب هذا البروتين أو تعطل، ينهار هذا التنظيم، ويفشل الحيوان المنوي في الحركة الطبيعية، ويصبح عاجزاً عن الوصول إلى البويضة؛ لذلك يرتبط غياب CFAP91 بشكل مباشر بضعف الخصوبة أو العقم عند الذكور.
أما بروتين EFCAB5 فيعمل بالقرب من بروتين CFAP91، كأنه مساعد له، ويقول العلماء إن دوره ليس في بناء السوط نفسه، بل في ضبط حركة الحيوان المنوي الدقيقة، مثل كيفية انحناء السوط وشدة ضرباته، ويمكن اعتباره “الموجه” أو “المنظم” لحركة السوط.
العقم – منظمة الصحة العالمية
- يؤثر العقم على ملايين الأشخاص – ويخلّف أثراً على أسرهم ومجتمعاتهم المحلّية، وتشير التقديرات إلى أن شخصاً واحداً تقريباً من كل 6 أشخاص في سن الإنجاب يُصاب بالعُقم في جميع أنحاء العالم.
- يصاب الجهاز التناسلي الذكري بالعُقم في أغلب الأحيان بسبب مشكلات في قذف السائل المنوي، أو انعدام الحيوانات المنوية أو تدني مستويات إنتاجها أو تشوه حركتها.
- ربما يصاب الجهاز التناسلي للأنثى بالعقم بسبب مجموعة تشوهات تلحق بالمبيضين والرحم وقناتي فالوب ونظام الغدد الصماء، من بين أسباب أخرى.
- قد يكون العقم أولياً أو ثانوياً، ويتمثل العقم الأولي في عجز الشخص بالكامل عن تحقيق الحمل، أمّا العقم الثانوي فيتمثل في تحقيق الحمل لمرة واحدة على الأقل في السابق.
وبحسب الدراسة؛ فإن وجود EFCAB5 ضروري حتى تكون الحركة فعالة وموجهة في الاتجاه الصحيح. إذا تعطل هذا البروتين، حتى لو كان السوط موجوداً، فلن تكون حركته منسقة بما يكفي، وبالتالي تقل فرص الحيوان المنوي في إخصاب البويضة.
وأوضح الباحث الرئيسي، هاوتينج وانج، أن بنية السوط معقدة للغاية وتشمل “الأشواك الشعاعية التي تتحكم في حركته “وبروتين CFAP9 يعد جزءاً من هذه الأشواك، وقد ارتبط بالعقم عند البشر، لكن لم يكن واضحًا سبب ذلك”.
وللتأكد من دور بروتين CFAP91، اعتمد فريق البحث على فئران تجارب معدلة وراثياً لا تعبر عن هذا البروتين، وظهرت على الحيوانات المنوية لدى هذه الفئران تشوهات في تكوين السوط، ما أدى إلى إصابة الذكور بالعقم.
وعند إعادة إدخال البروتين إلى الفئران نفسها، لاحظ الباحثون أنه يتفاعل مع بروتينات أخرى معروفة ضمن الأشواك الشعاعية.
الوسم القريب
واستخدم فريق البحث تقنية تسمى “الوسم القريب” لتحديد البروتينات المرتبطة بـ CFAP91 داخل الحيوانات المنوية الناضجة.
وهذه التقنية هي أداة متقدمة في علم الأحياء الجزيئي تساعد العلماء على تحديد البروتينات أو الجزيئات القريبة من بروتين معين داخل الخلية.
وتعتمد تلك التقنية على دمج هذا البروتين بإنزيم خاص يضع، عند تنشيطه، علامة كيميائية على كل ما يقترب منه، وبعد ذلك تجمع هذه البروتينات الموسومة وتُحلل لمعرفة طبيعة التفاعلات.
وما يميز هذه التقنية أنها تكشف ليس فقط التفاعلات القوية والمستقرة، بل أيضًا اللحظية والضعيفة التي يصعب رصدها بطرق تقليدية، ما يجعلها أداة قوية لفهم الشبكات المعقدة التي تتحكم في وظائف الخلية وصحتها.
وأظهرت النتائج أن بروتين EFCAB5 يقع بجوار CFAP91 ويؤدي دوراً رئيسياً في تنظيم حركة الحيوان المنوي.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة، هاروهيكو مياتا، إن فئران التجارب التي حذف منها CFAP91 لم تفقد فقط القدرة على تكوين سوط طبيعي، بل عانت أيضاً من عقم كامل “أما إعادة إدخال البروتين فأثبتت أنه يعمل كدعامة لتجميع الأشواك الشعاعية، وأن البروتين المجاور EFCAB5 أساسي بدوره في التحكم في الحركة المتخصصة للحيوانات المنوية”.
وأكدت النتائج أن البنية الجزيئية للحيوانات المنوية أكثر تعقيداً مما كان يعتقد، وأن العقم الذكري ربما يرتبط بخلل في بروتينات دقيقة تتحكم في الحركة.
ويرى الباحثون أن فهم هذه العلاقات ربما يمهد الطريق لتطوير فحوص جديدة لتشخيص أسباب العقم، وربما ابتكار علاجات تستهدف هذه البروتينات تحديداً.