يُعد الكبد من أكثر أعضاء جسم الإنسان عملًا، فهو يُزيل السموم من المواد الضارة، ويُساعد على الهضم، ويُخزن العناصر الغذائية، ويُنظم عملية الأيض.

وعلى الرغم من مرونته المذهلة بل وحتى قدرته على التجدد إلا أن الكبد ليس منيعًا ضد التلف، وفي الواقع، يُمكن للعديد من العادات اليومية، التي غالبًا ما يتم تجاهلها، أن تُسبب تلفًا تدريجيًا قد يُؤدي في النهاية إلى حالات خطيرة مثل تليف الكبد أو فشل الكبد.

من تحديات أمراض الكبد أنها قد تُشكل تهديدًا خفيًا، وفي مراحلها المبكرة، قد لا تُسبب سوى أعراض غامضة مثل التعب المُستمر أو الغثيان.

ومع تفاقم الضرر، قد تظهر أعراض أكثر وضوحًا، ومن أبرزها اليرقان، حيث يتحول لون الجلد وبياض العينين إلى الأصفر. 

وفيما يلي بعض العادات الشائعة التي قد تُلحق الضرر بالكبد دون وعي.

سوء التغذية وعادات الأكل غير الصحية

يمكن أن تتراكم الدهون في الكبد بسبب اتباع نظام غذائي غير صحي، مما يؤدي إلى حالة تُسمى الآن مرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي (MASLD)، والمعروف سابقًا باسم مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD).

ويمكن أن تُضعف الدهون الزائدة في الكبد وظائفه، ومع مرور الوقت، تُسبب الالتهاب والتندب، وفي النهاية تليف الكبد. الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن وخاصة أولئك الذين لديهم وزن زائد حول البطن هم أكثر عرضة للإصابة بمرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي. 

وتشمل عوامل الخطر الأخرى ارتفاع ضغط الدم وداء السكري وارتفاع الكوليسترول، ويلعب النظام الغذائي دورًا كبيرًا. يمكن للأطعمة الغنية بالدهون المشبعة، مثل اللحوم الحمراء والأطعمة المقلية والوجبات الخفيفة المصنعة، أن ترفع مستويات الكوليسترول وتساهم في تراكم دهون الكبد. 

كما تُعد الأطعمة والمشروبات السكرية عامل خطر رئيسيًا. في عام ٢٠١٨، وجدت دراسة أن الأشخاص الذين يستهلكون كميات أكبر من المشروبات المحلاة بالسكر كانوا أكثر عرضة للإصابة بمرض الكبد الدهني بنسبة ٤٠٪.

وكما تساهم الأطعمة فائقة المعالجة، مثل الوجبات السريعة والوجبات الجاهزة والوجبات الخفيفة المليئة بالسكر المضاف والدهون غير الصحية، في إجهاد الكبد. 

ووجدت دراسة موسعة أن الأشخاص الذين يتناولون كميات أكبر من الأطعمة المصنعة كانوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض الكبد بشكل ملحوظ.

من ناحية أخرى، يمكن أن يساعد اتباع نظام غذائي متوازن وكامل في الوقاية من مرض الكبد الدهني، بل وحتى عكس مساره. 

وتشير الأبحاث إلى أن الأنظمة الغذائية الغنية بالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والبقوليات والأسماك قد تقلل من دهون الكبد وتحسن عوامل الخطر المرتبطة بها، مثل ارتفاع نسبة السكر في الدم والكوليسترول.

الإفراط في استخدام مسكنات الألم

يلجأ الكثير من الناس إلى مسكنات الألم التي تُصرف دون وصفة طبية، مثل الباراسيتامول، لعلاج الصداع وآلام العضلات والحمى. 

وعلى الرغم من أن الباراسيتامول آمن بشكل عام عند استخدامه، إلا أن الإفراط في تناوله حتى لو تجاوز الجرعة الموصى بها قليلًا قد يكون خطيرًا للغاية على الكبد.

يقوم الكبد بتفكيك الباراسيتامول، ولكنه ينتج في هذه العملية مادة ثانوية سامة تُسمى NAPQI. عادةً، يُعادل الجسم NAPQI باستخدام مادة واقية تُسمى الجلوتاثيون. وفي حالة تناول جرعة زائدة، تُستنفد مخزونات الجلوتاثيون.

قلة ممارسة الرياضة

يُعد نمط الحياة الخامل عامل خطر رئيسي آخر لأمراض الكبد. يُساهم الخمول البدني في زيادة الوزن ومقاومة الأنسولين واضطرابات التمثيل الغذائي. وظيفة الكبد وكلها عوامل قد تُعزز تراكم الدهون فيه.

المثير هو أن ممارسة الرياضة تُفيد الكبد حتى لو لم تفقد الكثير من الوزن، فقد وجدت إحدى الدراسات أن ثمانية أسابيع فقط من تمارين المقاومة قللت دهون الكبد بنسبة 13% وحسّنت التحكم في نسبة السكر في الدم. 

كما أن التمارين الهوائية فعّالة للغاية: فقد ثبت أن المشي السريع المنتظم لمدة 30 دقيقة، خمس مرات أسبوعيًا، يُقلل دهون الكبد ويُحسّن حساسية الأنسولين.

شاركها.