قالت رئيسة لجنة التحقيق المستقلة بشأن المفقودين في سوريا (IIMP) التابعة للأمم المتحدة، كارلا كوينتانا، إن لدى اللجنة معلومات وأدلة قابلة للتحقق وموثوقة، تفيد بأن بعض الأشخاص المفقودين في سوريا ما زالوا على قيد الحياة.

‏اللجنة تحقق في مصير مئات الآلاف من السوريين المفقودين، وعملها يجري تحت عناوين الاختفاءات المرتبطة بالنظام السابق، والأطفال المفقودين، والمهاجرين، وخاصة أولئك الذين اختفوا على يد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وفق ما أكدته كوينتانا لوكالة “الأناضول” التركية، الثلاثاء 4 من تشرين الثاني.

‏”هذه ليست مهمة مؤسسة واحدة”، قالت رئيسة اللجنة، مؤكدة أن المؤسسات الوطنية، والمجتمع المدني، ووكالات الأمم المتحدة، والدول الأعضاء، وأقارب المختفين، يجب أن يشاركوا في هذه العملية.

‏وأشارت إلى أن الموارد محدودة دائمًا، ولكن الفرص المتاحة سيتم توجيهها نحو مشاريع ملموسة.

‏وكشفت كوينتانا أن المؤسسة تعمل بفريق مكون من حوالي 40 شخصًا، موضحة أن مأساة بهذا الحجم لا يمكن حلها بقوة مؤسسة واحدة.

‏لجنة التحقيق المستقلة بشأن المفقودين في سوريا (IIMP) منظمة حديثة العهد للغاية، بحسب كوينتانا، مشيرة إلى أن المؤسسة تأسست قبل عامين “بفضل نضال العائلات التي أقنعت الجمعية العامة للأمم المتحدة”.

‏ولفتت إلى أنه مع الإطاحة بنظام الأسد في سوريا، أصبح من الممكن الآن الدخول إلى الميدان فعليًا، معتبرة أنه قبل عشرة أشهر، لم تكن اللجنة حتى تفكر في الذهاب إلى سوريا للبحث عن المفقودين، بينما الآن يمكنها الدخول إلى سوريا.

‏اللجنة تجري مناقشات مع الهيئة الوطنية للمفقودين، ومع عائلات المفقودين، للبدء بالعمل على مشاريع ملموسة، بحسب كوينتانا، التي أبدت استعدادها لمشاركة معارف اللجنة وأدواتها ومهاراتها ومواردها مع السوريين.

‏وستعمل على العثور على المفقودين، سواء الأحياء منهم أو الأموات، مشددة على أنه ينبغي أن تتم هذه العملية على المستوى الوطني، وبدعم دولي.

‏وأوضحت رئيسة اللجنة أن لديهم معلومات عن أطفال ونساء مفقودين قد يكونون ضحايا للعبودية الجنسية أو الاتجار بالبشر.

‏وفيما يخص التنسيق مع الحكومة السورية، قالت كوينتانا، إنها التقت وزير الخارجية السوري، أسعد حسن الشيباني، خلال زيارتها إلى سوريا في نهاية كانون الثاني الماضي، كاشفة على أنها على اتصال مستمر مع رئيس اللجنة الوطنية للبحث عن المفقودين، التي أنشأها الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.

‏وتعتقد أن هذا التعاون يُمثل تحديًا، وهذه ليست مهمة سهلة، لأن تحقيق التنسيق وبدء العمل معًا أمر صعب للغاية، وهذه هي المرة الأولى في تاريخ العالم التي يحدث فيها هذا، “لا يوجد مثال آخر لمؤسسة دولية ووطنية تبحثان في آن واحد عن أشخاص مفقودين”، بحسب قولها.

‏وأضافت أن التعاون مع أنقرة ضروري لجمع المعلومات عن السوريين المفقودين عبر الحدود، مضيفة أن أكبر عقبة أمام العثور على المفقودين هي تبادل المعلومات.

‏وأكدت كوينتانا أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي وعلم الطب الشرعي في عمل المؤسسة، مشيرة إلى أن التكنولوجيا حيوية ليس فقط لتبادل المعلومات، ولكن أيضًا لجمع المعلومات المتناثرة.

‏وأوضحت أن الأساليب العلمية لا تستخدم فقط لتحديد هوية الموتى، بل أيضًا المفقودين الذين ما زالوا على قيد الحياة، قائلة “عندما نتحدث عن الطب الشرعي، فنحن لا نتحدث فقط عن الموتى، بل نحتاج إلى العلم والحمض النووي لتحديد هوية الأطفال المفقودين والأحياء أيضًا”.

‏وترى أن الثقة أساسية لنجاح المنظمة، لأنه إذا لم تبنِ اللحنة الثقة بين جميع الأطراف، فلن تتمكن من العثور على المفقودين، فهي بحاجة إلى الموارد والكوادر والعلم، لكن العنصر الأول والأهم هو الثقة، والعمل الدائم مع عائلات المفقودين، “لا يمكننا تحقيق ذلك دونهم”.

‏وأضافت أن الوقت ينفد بسرعة للعثور على المفقودين في سوريا، لكن العملية تتطلب الصبر أيضًا.

توصيات للتعامل مع ملف المفقودين

كينتانا قالت، في حديث سابق إلى، إن “إنشاء الهيئة الوطنية خطوة فعالة نحو قضية المفقودين وعلاقتها بالمصالحة الوطنية وبناء السلام. إنه اعتراف بالألم الذي تشعر به العائلات على أحبائها المفقودين والجرح الذي لا يزال مفتوحًا بكل بيت في سوريا”.

وأضافت، “في إطار ولايتنا الإنسانية، تدعم المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين جهود سوريا للبحث عن جميع المفقودين دون استثناء، لقد فُقد أشخاص في سوريا خلال أكثر من 50 عامًا من حكم النظام، بما في ذلك 14 عامًا من الحرب”.

رئيسة المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، قدمت عدة توصيات للتعامل مع ملف المفقودين في حديث سابق ل وهي:

  • البحث عن المفقودين في سوريا مهمة هائلة لا يمكن لأحد أن يقوم بها بمفرده، ومن الضروري التعاون مع جميع الهيئات الفاعلة والجهات المعنية ذات الصلة. يجب أن تتضافر جهود الجميع لدفع هذا الأمر إلى الأمام.
  • إشراك العائلات ومنظمات المجتمع المدني التي تعمل على هذا الأمر منذ سنوات أمر حيوي في عملية البحث عن المفقودين في سوريا.
  •  للمؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين دور مهم في مساعدة تقديم المعرفة والخبرة الخاصة والعمل معًا لدعم الجهود الوطنية.

“مجموعة دعم”

أطلقت الهيئة الوطنية للمفقودين، في 30 من آب الماضي، منصة “دعم الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا”، بالتعاون مع ست منظمات مجتمع مدني معنية بتوثيق المختفين قسرًا من السوريين منذ عام 1970، في مؤتمر صحفي حضرته حينها، وعدد من وسائل الإعلام المحلية والعربية.

وتهدف هذه المنصة (مجموعة الدعم)، إلى إنشاء بنك معلومات للمفقودين، إضافة إلى مشروع بطاقة لدعم ذويهم قانونيًا ونفسيًا واجتماعيًا، مع وضع بروتوكولات لحماية الشهود وتبادل البيانات.

وضمت المنصة، منظمات عديدة، شاركت في توثيق ضحايا الاختفاء القسري، أبرزها “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، و”المركز السوري لحرية الإعلام والتعبير”، و”الأرشيف السوري”، و”رابطة معتقلي صيدنايا” و”محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان” (LDHR)، و”رابطة عائلات قيصر”.

الهيئة الوطنية للمفقودين، تشكلت في 17 من أيار الماضي، وفق المرسوم رقم “19”، الذي أصدره الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.

ووثقت أكثر من 63 مقبرة جماعية في سوريا، فيما تتراوح تقديرات أعداد المفقودين بين 120 و300 ألف شخص، مع احتمال تجاوز هذه الأرقام بسبب صعوبة الحصر، وفق ما أفاد به رئيس الهيئة، محمد رضا جلخي، في وقت سابق.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.