كشفت دراسة علمية حديثة نُشرت بمجلة “Nature Metabolism”، في 11 من حزيران الحالي، عن آلية عصبية جديدة ومثيرة تُظهر أن دماغ الإنسان يبدأ بالتعامل مع الطعام والتفاعل معه حتى قبل تناوله فعليًا، عبر ما بات يُعرف بـ”دائرة الشم الغذائية”.
الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين في جامعة “Rutgers University “، تسلط الضوء على كيفية استجابة الدماغ لرائحة الطعام، وتحديدًا على نشاط الخلايا العصبية في منطقة الحاجز المتوسط، التي أظهرت تفاعلًا مع رائحة الطعام يسبق عملية الأكل نفسها، ووفق الباحثين، فإن هذا النشاط العصبي يُسهم في توليد الإحساس بالشبع والامتلاء حتى قبل دخول السعرات الحرارية إلى الجسم.
الدماغ يشم ويأمر بالتوقف عن الأكل
لفهم هذا المسار العصبي الفريد، راقب العلماء استجابات الدماغ باستخدام تقنيات تصوير عصبي متقدمة، ووجدوا أن رائحة الطعام تنشّط مجموعة من الخلايا العصبية المسؤولة عن نقل إشارات تتعلق بالشبع، هذه الإشارات تنخفض تدريجيًا بمجرد البدء بتناول الطعام، ما يشير إلى أن الدماغ يعتمد على التوقعات الحسية كجزء أساسي من عملية ضبط الشهية.
وتعتبر هذه النتائج بمثابة خطوة جديدة نحو فهم كيف يتفاعل الدماغ مع البيئة الغذائية المحيطة بنا.
السمنة وتعطيل دوائر الشبع
اللافت في نتائج الدراسة هو ما توصل إليه الباحثون حول الفروقات بين الأفراد من حيث الوزن، فقد بيّنت الدراسة أن هذه الدائرة العصبية الفعالة لدى الأفراد ذوي الوزن الطبيعي، تُظهر خللًا واضحًا لدى المصابين بالسمنة، وهذا الخلل قد يفسّر جزئيًا لماذا يعاني بعض الأفراد من اضطرابات في التحكم بالشهية، ويقدم أساسًا علميًا لفهم أسباب مقاومة الجسم لفقدان الوزن رغم محاولات الحمية.
دواء “أوزيمبيك” بين الأمل والتحذير
نتائج الدراسة تفتح أيضًا الباب أمام تقييم جديد للعقاقير المستخدمة حاليًا لعلاج السمنة، مثل دواء “أوزيمبيك” الذي يعتمد على تحفيز مستقبلات “GLP-1” لإنتاج الإحساس بالشبع، إلا أن تفعيل هذا المسار العصبي بشكل دائم قد يؤدي إلى اضطراب التوازن الطبيعي بين الشهية والشبع، وربما يفسر بعض الآثار الجانبية التي تم رصدها في المرضى، مثل الغثيان المستمر أو فقدان الكتلة العضلية.
يشير الباحثون إلى أن فهم ديناميكية هذه الدائرة العصبية قد يساعد في تطوير أدوية أكثر دقة، تُفعل آليات الشبع فقط عندما يكون ذلك ضروريًا، بدلًا من تعطيل إشارات الجوع بشكل دائم.
شمّ الطعام كوسيلة علاجية
من المقترحات المثيرة التي تطرحها الدراسة، إمكانية استخدام الروائح أو المحفزات الحسية كوسيلة غير دوائية للتحكم بالشهية.
هذه الفكرة قد تقود إلى ابتكارات في علاج اضطرابات الأكل، أو تطوير أدوات تساعد الأشخاص على تقليل الكميات التي يتناولونها دون الشعور بالحرمان.
وتشير النتائج إلى أن تعديل البيئة الحسية حول الإنسان، من الروائح إلى الإشارات البصرية، يمكن أن يكون له تأثير ملموس على سلوكه الغذائي.
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي