أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، السبت، سحب ترشيح رجل الأعمال جاريد إيزاكمان لرئاسة وكالة ناسا، وهو الاختيار الذي كان مدعوماً من الملياردير إيلون ماسك.
وكتب ترمب، على منصته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشيال”، أنه سحب ترشيح إيزاكمان بعد مراجعة شاملة لـ”الروابط السابقة”، مشيراً إلى أنه سيعلن قريباً عن مرشح جديد “يكون متماشياً مع مهمة الوكالة، ويضع أميركا أولاً في الفضاء”.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن مصادر مطلعة على المناقشات قولها إن حلفاء ترمب أبلغوه أن إيزاكمان “تبرع سابقاً لديمقراطيين، من بينهم السيناتور مارك كيلي من أريزونا، والسيناتور السابق بوب كيسي من بنسلفانيا، إضافة إلى الحزب الديمقراطي في كاليفورنيا خلال دورتين انتخابيتين سابقتين”.
وأضاف مصدران للصحيفة أن ترمب أبدى دهشته لعدم إبلاغه بهذه التبرعات من قبل.
“الولاء أولاً”
واعتبرت الصحيفة أن هذا التراجع يُعد أحدث مثال على “اعتماد ترمب الولاء كمعيار رئيسي في اختيارات المناصب العليا في إدارته”.
إيزاكمان هو الرئيس التنفيذي لشركة “شيفت فور بايمنتس” Shift4 Payments لمعالجة المدفوعات، وكان ترمب قد مدحه عند إعلانه ترشيحه في ديسمبر، إذ كتب على منصة “تروث سوشيال” آنذاك: “جاريد سيقود مهمة ناسا في الاكتشاف والإلهام، ممهداً الطريق لإنجازات رائدة في علوم وتكنولوجيا واستكشاف الفضاء”.
ويُعد سحب الترشيح “خطوة استثنائية”، خاصة أن إيزاكمان كان قد حصل بالفعل على موافقة لجنة التجارة والعلوم والنقل في مجلس الشيوخ بتصويت 19 مقابل 9. وكان من المقرر أن يصادق عليه مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل، بحسب “نيويورك تايمز”.
اختبار نفوذ ماسك
وأضافت الصحيفة أن هذه الخطوة ستكون اختباراً لمدى استمرار “نفوذ ماسك” في البيت الأبيض بعد خروجه من دوره كمستشار، مشيرة إلى أن تعيينه كان أحد أبرز المكاسب التي حققها ماسك لنفسه.
إيزاكمان، الذي رفض التعليق عند الاتصال به عبر الهاتف، السبت، أُبلغ بقرار سحب ترشيحه الجمعة، وهو أيضاً اليوم الأخير لماسك في البيت الأبيض بصفته موظفاً حكومياً خاصاً.
وغادر ماسك، الذي قاد وزارة كفاءة الحكومة بصفته “الصديق الأول” لترمب، منصبه هذا الأسبوع. وقال ملياردير التكنولوجيا، الذي عارض ترمب علناً قبل أيام من رحيله، إنه “سيظل صديقاً ومستشاراً” للرئيس.
وقد ضغط ماسك شخصياً لدى ترمب من أجل اختيار إيزاكمان، بحسب شخص مطلع على النقاشات.
وكان إيزاكمان قد أنفق مبلغاً من أمواله الخاصة لم يفصح عن حجمه على مهمتين لشركة “سبيس إكس” SpaceX المملوكة لماسك، بينما قدمت “شيفت 4 بايمنتس” التي يترأسها تمويلاً بقيمة 27.5 مليون دولار لشركة الملياردير الأميركي.
وبدأ حلفاء ماسك، السبت، بالدفاع علناً عن إيزاكمان، في محاولة لتغيير رأي الرئيس بشأن سحب الترشيح. وكان من بين المدافعين عنه الناشطة اليمينية المتشددة لورا لومر، التي غالباً ما انتقدت مرشحين آخرين لترمب بسبب دعمهم السابق للديمقراطيين. وقد نشرت رسالة مطوّلة على منصة X وصفت فيها الخطوة بأنها “مؤامرة من الدولة العميقة لإضعاف الرئيس”.
كما عبّر بعض أعضاء الكونجرس الجمهوريين عن دعمهم لإيزاكمان. وقال السيناتور تيم شيهي من مونتانا، وهو حليف لترمب وعضو في لجنة مجلس الشيوخ التي وافقت على ترشيح إيزاكمان، إنه يعارض بشدة الجهود الرامية إلى إفشال الترشيح.
لحظة حرجة
وجاء سحب الترشيح في “لحظة حرجة” بالنسبة لوكالة الفضاء، حيث أن اقتراح ميزانية إدارة ترمب لعام 2026 يسعى إلى تقليص ميزانية “ناسا” بنسبة الربع، وتسريح آلاف الموظفين، ووقف تمويل عدد كبير من المهمات الحالية والمستقبلية.
وذكرت شبكة CNN أنه خلال جلسة استماع لتأكيد تعيينه أمام لجنة التجارة والعلوم والنقل بمجلس الشيوخ في أبريل الماضي، أكد إيزاكمان إلى أنه سيدعم جهود إنزال رواد الفضاء على المريخ، إذ كانت هذه التصريحات جديرة بالملاحظة؛ لأن “ناسا” ركزت بشكل كامل على برنامج “أرتميس”، الذي يهدف إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر، منذ ولاية ترمب الأولى.
ولم يُبدِ الرئيس اهتماماً بالاستكشاف البشري للمريخ، إلا حين أصبح ماسك حليفاً وثيقاً لترمب في عام 2024.
وقال إيزاكمان: “خلال رحلتنا إلى المريخ، ستتوفر لدينا حتماً القدرة على العودة إلى القمر، وتحديد الفوائد العلمية والاقتصادية والأمنية الوطنية المترتبة على الحفاظ على وجودنا على سطح القمر”.
وكان البعض داخل ناسا وخارجها يأمل أن يساعد تعيين إيزاكمان كمدير للوكالة في توفير الاستقرار وتحديد اتجاه أوضح لها، خاصة وأن الوكالة كانت تعمل تحت قيادة مدير مؤقت منذ بداية فترة ولاية ترمب.
وحتى لو أعلن ترمب عن مرشح جديد في وقت قريب، فإن الوكالة ستضطر الآن إلى الانتظار عدة أشهر أخرى قبل أن يتولى أحد المنصب بشكل رسمي.