رفع حكام ومدعون عامون من 25 ولاية دعوى قضائية ضد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سعياً لمنعها من وقف صرف مخصصات برنامج المساعدة الغذائية التكميلية (SNAP) للفقراء اعتباراً من الأول من نوفمبر، في الوقت الذي دخل فيه الإغلاق الحكومي يومه الثامن والعشرين. 

وقُدمت الدعوى، الثلاثاء، في مدينة بوسطن، ووصفت احتمال قطع المساعدات الغذائية، المتمثلة في قسائم الطعام للمحتاجين والفقراء، بأنه “خارج عن القانون وتعسفي واعتباطي”. 

وقالت وزارة الزراعة الأميركية، في مذكرة حديثة، إنها غير قادرة على استخدام الأموال الاحتياطية لصرف مخصصات البرنامج، في تناقض مع توجيهات سابقة أشارت إلى إمكانية استخدام تلك الأموال “في حال حدوث توقف جزئي في منتصف السنة المالية”.

ويُتوقع أن يفقد نحو 42 مليون أميركي، من بينهم 16 مليون طفل و8 ملايين أميركي تتجاوز أعمارهم الستين، قسائم الطعام التي يعتمدون عليها في حياتهم اليومية عبر البرنامج. 

وجاء في بيان للوزارة على موقعها الإلكتروني: “الخلاصة، المخزن قد نفد”، مضيفة: “لن يتم صرف أي مخصصات في الأول من نوفمبر، ونحن نقترب من نقطة مفصلية بالنسبة للديمقراطيين في مجلس الشيوخ”. 

اتهام ديمقراطي 

واتهم الديمقراطيون إدارة ترمب بأنها اختارت عمداً تعليق المساعدات الغذائية لملايين الأميركيين دون مبرر. وقالت المدعية العامة لولاية نيويورك ليتيتيا جيمس إن “برنامج المساعدة الغذائية التكميلية هو أحد أكثر أدواتنا فعالية في مكافحة الجوع، ووزارة الزراعة تملك الأموال اللازمة لتشغيله.. ولا مبرر للإدارة للتخلي عن العائلات التي تعتمد عليه كمصدر أساسي للطعام”. 

ويرفض الديمقراطيون في مجلس الشيوخ تمرير مشروع قانون تمويل قصير الأجل للحكومة ما لم يوافق الجمهوريون على مراجعة التخفيضات التي طالت برنامج الرعاية الصحية “أوباما كير”. 

وتؤكد الدعوى القضائية أن تعليق مزايا البرنامج يعد إجراءً “تعسفياً” وينتهك قانون الطعام والتغذية، الذي يوجب توفير المساعدات لجميع الأسر المؤهلة.  

ويقود القضية المدعون العامون في ماساتشوستس وكاليفورنيا وأريزونا ومينيسوتا، مؤكدين أن وقف المدفوعات الشهرية للمساعدات الغذائية سيكون سابقة هي الأولى من نوعها منذ تأسيس البرنامج قبل ستة عقود. 

وطالبت الولايات، إلى جانب واشنطن العاصمة، المحكمة بالتدخل العاجل لإلزام وزارة الزراعة باستخدام الأموال الاحتياطية لصرف مخصصات نوفمبر، وضمان استمرار حصول ملايين الأسر على المساعدات الغذائية في الأيام المقبلة. 

وقالت المدعية العامة جيمس: “ملايين الأميركيين على وشك الجوع لأن الحكومة الفيدرالية اختارت حجب المساعدات التي يفرض القانون توفيرها”. 

“حلول مبتكرة” 

في المقابل، قال رئيس مجلس النواب مايك جونسون إن إدارة ترمب “وجدت حلولاً مبتكرة لتمويل برنامج النساء والأطفال الرضع (WIC) ودعم الجيش، لكنها لم تجد طريقة للحفاظ على مخصصات SNAP”. 

وأضاف: “لقد قاموا ببعض الأمور الإبداعية والمذهلة لتخفيف الضرر قدر الإمكان”، مشيراً إلى أن محامي الإدارة لم يتمكنوا من إيجاد نص قانوني من الثلاثينيات يتيح استمرار صرف المساعدات الغذائية، التي تنتهي صلاحيتها في الأول من نوفمبر. 

وحثّ جونسون الديمقراطيين في مجلس الشيوخ على الانضمام إلى الجمهوريين لإعادة فتح الحكومة، مشيراً إلى أن الاتحاد الأميركي للعمال الفيدراليين دعا، في بيان صدر الاثنين، إلى تمرير مشروع قانون تمويل “غير مشروط” تدعمه الأغلبية الجمهورية لإنهاء الإغلاق فوراً. 

وقال جونسون للصحافيين: “لديكم الآن مخرج”، لافتاً إلى أن غياب مراقبي الحركة الجوية، الذين لا يتلقون رواتبهم أثناء الإغلاق، أدى إلى تأخير أكثر من 8 آلاف رحلة في 26 أكتوبر، بينما لجأ بعضهم إلى بنوك الطعام لإطعام أسرهم. 

عائلات العسكريين

من ناحية أخرى، حذّر النائب الجمهوري أوجست بفلوجر، العسكري المتقاعد من تكساس، من أن “العائلات العسكرية تمر بوقت ضاغط للغاية”، معبراً عن قلقه من توقف الرواتب وتأثير ذلك على دفع الإيجار وشراء الطعام والوقود.  

وقال: “العدو لم يتوقف”، في إشارة إلى استمرار التحديات الأمنية رغم الإغلاق. 

ومن المقرر أن يلتقي نائب الرئيس جيه دي فانس مع الجمهوريين في مجلس الشيوخ، الثلاثاء، خلال الغداء الأسبوعي لمناقشة الإغلاق وحثهم على رفض أي تدابير قد تقيّد سياسات الرسوم الجمركية للرئيس. 

وفيما يستمر الإغلاق، يواصل الرئيس دونالد ترمب جولته في آسيا، حيث وصل الثلاثاء إلى اليابان للقاء رئيسة الوزراء ساناي تاكايشي، التي أصبحت الأسبوع الماضي أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في البلاد. ومن المتوقع أن يعود ترمب إلى واشنطن مساء الخميس. 

ورداً على سؤال أثناء رحلته حول إمكانية دفع رواتب مراقبي الحركة الجوية خلال الإغلاق، قال ترمب: “نعم، هناك طريقة، لكن على الديمقراطيين تمرير تمديد بسيط.. إنهم من يعرقلون”. 

واتهم الديمقراطيون الرئيس بالتغيب عن المشهد، ودعوا الجمهوريين إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات في غيابه. وقال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر: “الأميركيون يستحقون حكومة تعمل بجد كما يعملون هم، لا زعيماً يهرب من المسؤولية عندما يكونون بأمسّ الحاجة إليه”. 

وفي تطور لافت، أعلنت أكبر نقابة للموظفين الفيدراليين في الولايات المتحدة دعمها لمقترح الجمهوريين بإنهاء الإغلاق الحكومي فوراً من خلال تمرير “تمويل حكومي مؤقت غير مشروط” لا يتضمن تمديدات لدعم التأمين الصحي، وهو المطلب الأساسي للديمقراطيين. 

وقالت النقابة في بيانها: “حان الوقت لإنهاء هذا الإغلاق اليوم، لا حلول نصفية ولا مناورات سياسية.. أعيدوا الموظفين الفيدراليين إلى أعمالهم واصرفوا رواتبهم كاملة”. 

وسارع الجمهوريون إلى استغلال هذا الموقف للضغط على الديمقراطيين، معتبرين أن النقابة منحتهم غطاءً سياسياً وعمّالياً إضافياً في معركة الإغلاق. 

أما الديمقراطيون، فيتمسكون بمطالبهم المتعلقة بملف الرعاية الصحية، الذي يمثل محور الخلاف مع الجمهوريين بعد مرور 28 يوماً على الإغلاق. وقد عرقلوا 12 محاولة جمهورية لتمرير مشاريع تمويل مؤقتة، مطالبين بتمديد دعم أقساط “أوباماكير” وإلغاء تخفيضات “ميديكيد” التي أُقرت الصيف الماضي. 

ويؤكد الجمهوريون أن النقاش حول السياسات الصحية يجب أن يُرحّل إلى ما بعد إعادة فتح الحكومة، مشددين على أن الأولوية الآن هي “تشغيل الدولة مجدداً”. 

ويرى الديمقراطيون أن الأول من نوفمبر يشكل موعداً حاسماً، إذ تبدأ خلاله فترة التسجيل المفتوح للتأمين الصحي لعام 2026.  

ويحذر خبراء من أن عدم تمديد الدعم قبل ذلك التاريخ قد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أقساط التأمين الصحي، حيث تشير تقديرات مؤسسة Kaiser Family Foundation البحثية إلى أن الأقساط قد تتضاعف لملايين الأميركيين إذا لم تُمدد الإعانات. 

شاركها.