اخر الاخبار

الإمارات تدفع واشنطن للإعتراف بأرض الصومال مقابل بناء قاعدة إسرائيلية للتصدي لهجمات الحوثيين

وطن في خطوة مفاجئة، يستعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب للاعتراف رسميًا بأرض الصومال كدولة مستقلة وفق تقرير نشره موقه “ذا كراديل” . وقد يؤدي هذا القرار غير المسبوق، الذي كشف عنه وزير الدفاع البريطاني الأسبق جافين ويليامسون، ونقلته وسائل إعلام مثل “سيمفور”، إلى إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في القرن الأفريقي والممرات البحرية في غرب آسيا.

يقع إقليم أرض الصومال بالقرب من شبه الجزيرة العربية، وسيتيح اعتراف الغرب به نقطة ارتكاز استراتيجية جديدة في الحرب ضد اليمن، خاصة بعد أن فرضت صنعاء حصارًا على السفن المتجهة إلى إسرائيل منذ أكتوبر 2023. لكن هذه الخطوة قد تؤدي إلى توتر العلاقات الأمريكية مع حلفاء رئيسيين في المنطقة، مثل مصر وتركيا، اللتين تربطهما علاقات قوية بالصومال.

أرض الصومال دولة صاعدة في المنطقة
أرض الصومال دولة صاعدة في المنطقة

أرض الصومال: دولة صاعدة في المنطقة

وأعلنت أرض الصومال استقلالها عن الصومال عام 1991، لكنها لم تحصل على اعتراف رسمي من أي دولة حتى الآن. ومع ذلك، نجح الإقليم في بناء هوية سياسية واقتصادية مستقلة، حيث يضم ثلث سكان الصومال، ويعادل مساحته ولاية فلوريدا الأمريكية. وعلى عكس جاره الصومال الذي مزقته الحروب، يتمتع الإقليم باستقرار نسبي، رغم بعض الاشتباكات المسلحة في مناطقه الشرقية منذ 2023.

ويحتل الإقليم موقعًا استراتيجيًا بالقرب من خليج عدن، ويمثل ممرًا حيويًا للسفن المتجهة إلى قناة السويس واليمن. ومنذ بدء الحرب في اليمن عام 2014، سعت الإمارات إلى تعزيز نفوذها في القرن الأفريقي لمواجهة حكومة صنعاء. وفي عام 2016، وقّعت الإمارات صفقة بقيمة 442 مليون دولار لبناء ميناء في مدينة بربرة بأرض الصومال، والتي تبعد 260 كيلومترًا فقط عن مدينة عدن اليمنية.

بعد عام، تم توسيع الميناء ليشمل قاعدة بحرية وجوية، واستخدم منذ 2018 لشن ضربات داخل اليمن. ولا يزال التوسع العسكري مستمرًا في الميناء، حيث يتم بناء حظائر جديدة للطائرات.

محمد بن زايد داعم رئيسي لأرض الصومالمحمد بن زايد داعم رئيسي لأرض الصومال
محمد بن زايد داعم رئيسي لأرض الصومال

نحو تطبيع محتمل مع إسرائيل؟

تعمل الإمارات حاليًا على تأمين اتفاق بين أرض الصومال وإسرائيل. فمنذ عام 2010، كانت إسرائيل واحدة من الدول القليلة التي أقامت علاقات دبلوماسية مع أرض الصومال، رغم عدم الاعتراف بها رسميًا.

وقد زاد الاهتمام الإسرائيلي بالمنطقة بعد أن بدأت اليمن باستهداف إسرائيل بشكل مباشر ردًا على المجازر المستمرة في غزة. وتحافظ إسرائيل بالفعل على تعاون استخباراتي وعسكري مشترك مع الإمارات في جزيرة سقطرى اليمنية المحتلة.

وبحسب التقارير، فإن الصفقة التي تتوسط فيها الإمارات تتضمن إنشاء قاعدة عسكرية إسرائيلية في أرض الصومال مقابل الاعتراف بها كدولة مستقلة. هذا الوجود العسكري سيمكّن تل أبيب من الرد المباشر على الهجمات اليمنية، بدلاً من الاعتماد على الدول الغربية للقيام بذلك.

الوجود الأمريكي في القرن الأفريقي

تاريخياً، لعبت الولايات المتحدة دورًا عسكريًا بارزًا في القرن الأفريقي. ففي عام 1993، غزت القوات الأمريكية مقديشو، عاصمة الصومال، لمحاولة الإطاحة بالحكومة. لكن المعركة التي شهدت سحل جثث جنود أمريكيين في الشوارع، كانت “أكثر المعارك دموية للجيش الأمريكي منذ فيتنام” وفقًا لشبكة PBS. وبعد أشهر، سحبت واشنطن قواتها بالكامل.

ثم عادت القوات الأمريكية إلى التدخل في الصومال عام 2007 عبر عمليات بحرية ضد القراصنة وضربات جوية ضد حركة الشباب الصومالية. لكن رغم ذلك، استمرت الهجمات ضد القوات الأمريكية. وفي 2021، قرر ترامب سحب القوات الأمريكية من الصومال، لكن بايدن أعاد نشر 500 جندي أمريكي في 2022.

ورغم المساعدات العسكرية الأمريكية، لم يتمكن الجيش الصومالي من تحقيق مكاسب حقيقية ضد حركة الشباب. وفي 2024، أعلن إقليم بونتلاند استقلاله عن الصومال، كما شهدت جوبالاند اشتباكات عنيفة أسفرت عن استسلام 600 جندي صومالي إلى كينيا.

مواجهة النفوذ الصيني في القرن الأفريقي

وتلعب الصين دورًا متزايدًا في المنطقة، وهو ما يقلق واشنطن. فمنذ 2017، تدير الصين أكبر قاعدة عسكرية لها في العالم في جيبوتي، الدولة المجاورة لأرض الصومال. وقد تحولت جيبوتي من قاعدة للنفوذ الغربي إلى شريك وثيق لبكين، حيث دعمت الصين في ملف هونغ كونغ، وسمحت للسفن الإيرانية باستخدام موانئها.

وترى واشنطن أن الاعتراف بأرض الصومال قد يكون أداة لمواجهة النفوذ الصيني، وهو ما ورد ذكره في تقرير “مشروع 2025″، الذي يعتبر خريطة طريق لسياسات ترامب القادمة، حيث يدعو التقرير إلى الاعتراف بأرض الصومال كـ**”وسيلة لتعزيز النفوذ الأمريكي ضد الصين في جيبوتي”**.

المخاطر المحتملة على العلاقات الأمريكية الإقليمية

لكن الاعتراف بأرض الصومال قد يؤدي إلى تداعيات كبيرة على العلاقات الأمريكية في المنطقة. فمصر، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة، ترتبط بعلاقات قوية مع الصومال بسبب مخاوفها من سد النهضة الإثيوبي. وفي مواجهة اتفاق إثيوبياأرض الصومال بشأن ميناء بربرة، وقّعت مصر اتفاقية دفاعية مع مقديشو.

وكذلك، تركيا، وهي عضو رئيسي في الناتو، تعتبر الصومال شريكًا استراتيجيًا، حيث استثمرت أكثر من مليار دولار بين 2011 و2022، وأقامت أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو. كما حصلت أنقرة على امتيازات حصرية لاستكشاف النفط، والاعتراف بأرض الصومال قد يضعف نفوذ تركيا في المنطقة.

ورغم أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جمع قادة إثيوبيا والصومال في “إعلان أنقرة”، إلا أن الاتفاق لا يمنع إثيوبيا من الوصول إلى ميناء بربرة، لكنه يقلل من احتمالات اعتراف أديس أبابا بأرض الصومال كدولة مستقلة.

تأثير محتمل على مصالح إسرائيل وأمريكا

الاعتراف بأرض الصومال قد يؤدي إلى توتر في العلاقات الأمريكية مع مصر وتركيا، وهما حليفان رئيسيان في دعم المصالح الإسرائيلية. فمصر لعبت دورًا حاسمًا في تسهيل التجارة الإسرائيلية عبر قناة السويس، بينما تواصل تركيا تصدير الصلب والمواد الأساسية إلى إسرائيل. أي تراجع في دعم هذين البلدين قد يؤثر على إسرائيل، خاصة في ظل تصاعد الحرب في غزة.

وفي الوقت ذاته، يستمر النفوذ الروسي في التوسع في أفريقيا، حيث تبني موسكو قاعدة بحرية في بورتسودان، بينما عرضت مؤخرًا مساعدة عسكرية لمقديشو ضد حركة الشباب.

ووسط الحرب في غزة والصراع في اليمن، أصبحت أرض الصومال ساحة صراع جديدة بين القوى العالمية. اعتراف ترامب بها سيؤمن قاعدة استراتيجية للإمارات وإسرائيل، وسيعزز مواجهة الصين. لكن هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر، إذ قد تؤدي إلى خسارة دعم مصر وتركيا، مما يضع تحديات كبيرة أمام السياسة الأمريكية في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *