تشهد أسعار الإيجارات في مدينة حلب تفاوتًا ملحوظًا بين أحيائها، إذ يتأثر السعر بموقع الحي ومستوى الخدمات المتوفرة فيه، إضافة إلى وضع البنية التحتية.
وخلال جولة ورصد أجرته على عدد من أحياء المدينة ومكاتب العقارات، وثقت أسعار الشقق المؤلفة من غرفتين وصالون.
وظهر التفاوت الكبير بين الأحياء الشرقية والغربية، وسط صعوبة متزايدة يواجهها السكان في العثور على منازل مناسبة للإيجار.
تفاوت الشرق والغرب
يغلب اعتماد المكاتب العقارية للدولار بدل الليرة السورية في تحديد الإيجارات، وذلك للحفاظ على قيمة الإيجار في حال تذبذب العملة، وأيضًا لاستلام الدولار بعدد محدود من العملات بدل المبلغ الضخم بالليرة السورية (خاصة مع تقاضي إيجار ستة أشهر أو سنة دفعة واحدة).
في القطاع الشرقي، يعد حي الشعار من أبرز الأحياء وأكثرها اكتظاظًا، إذ يبلغ متوسط الإيجار لشقة بمساحة 100 متر نحو 1,600 دولار سنويًا، مع توافر مدارس ومستشفيات وسوق شعبي.
غير أن أطراف الحي تعاني من سوء النظافة ودمار في الأبنية وانقطاع الكهرباء.
أما حي بستان الباشا فيسجل متوسط إيجار عند 1,000 دولار سنويًا، مع توفر بعض الخدمات الأساسية كمدارس ومستشفى وسوق شعبي.
في القطاع الجنوبي الشرقي، تتراوح الإيجارات بين 1,200 و2,000 دولار.
ويُعتبر حي صلاح الدين من أكثر الأحياء وجهة للسكان، إذ يبلغ متوسط الإيجار فيه نحو 1,500 دولار، بعد أن كان في السابق من الأحياء الأرخص.
ويضم الحي تجمعًا للمدارس ومستوصفًا وسوقًا شعبيًا، إلا أنه يعاني من قلة ساعات وصل المياه إضافة إلى غياب التنظيم في شوارعه بسبب الانتشار الكثيف لـ “البسطات”.
كما تشهد أحياء مثل بستان القصر والسكري والمشهد وسيف الدولة أسعارًا مقاربة لحي صلاح الدين.
بينما ترتفع الإيجارات في حي الإذاعة إلى حدود 2,000 دولار رغم غياب مركز طبي حكومي أو سوق شعبي يخدم السكان.
أما في القطاع الشمالي، فيصل متوسط الإيجار في أحياء مثل الخالدية والأشرفية ومساكن هنانو إلى ما بين 1,000 و2,000 دولار.
فيما تسجل أحياء مثل شارع النيل ومساكن السبيل أسعارًا أعلى، إذ يصل الإيجار فيهما إلى 2,500 و3,000 دولار سنويًا.
في المقابل، تُعتبر الأحياء الغربية الأعلى من حيث الأسعار، إذ يبدأ متوسط الإيجار من 2,500 دولار في حي الحمدانية.
ويرتفع إلى 3,700 دولار في جمعية الزهراء، ويصل في حلب الجديدة إلى 3,500 دولار. بينما يسجل حي الموكبامو نحو 3,400 دولار.
وتتميز هذه الأحياء بمساحات واسعة لا تقل عادة عن ثلاث غرف وصالون، إضافة إلى توفر مدارس وخدمات طبية نسبية، وإن كان يغيب عنها وجود أسواق شعبية.
وفي المدينة القديمة، تتراوح الأسعار بين 1,200 و1,800 دولار في أحياء مثل الجلوم والأصيلة وشارع السجن، وسط محدودية في توفر الخدمات الطبية والأسواق الشعبية.
ارتفاع الطلب.. قلة العرض
فاضل المحمود، صاحب مكتب عقاري بحي الميرديان، أوضح ل أن السبب الأبرز لهذا الارتفاع يعود إلى زيادة الطلب مقابل قلة العرض.
وأشار إلى أن العودة الجزئية لبعض العائلات النازحة من الخارج أو الأرياف، وغياب أي تنظيم أو ضوابط للسوق، أسهمت في ارتفاع الإيجارات في فترة ما بعد السيطرة الحكومية.
ويواجه المستأجرون ضغوطًا متزايدة مع استمرار موجة ارتفاع الإيجارات.
في حي صلاح الدين، قال أحمد الأحمد (50 عامًا) وهو موظف في أحد المطاعم، إن مالك المنزل الذي يستأجره رفع قيمة الإيجار تدريجيًا خلال السنوات الماضية.
وأكد ل أن قيمة آخر عقد وصلت إلى 1,500 دولار سنويًا، ويطالب اليوم بزيادة جديدة لتصل إلى 1,700 دولار، مع شرط دفع الإيجار مقدمًا عن عامين كاملين، وإلا سيطلب منه إخلاء المنزل.
وفي حي الخالدية، يروي مصطفى الخالد، رب أسرة من ثلاثة أشخاص ويعمل سائق سيارة أجرة، أنه اضطر للبحث لأسابيع قبل أن يتمكن من استئجار شقة مكونة من غرفتين وصالون مقابل 2,000 دولار سنويًا.
وأضاف ل أن التكاليف لم تقتصر على الإيجار، إذ دفع نحو 500 دولار إضافية لصيانة شبكة المياه والكهرباء في المنزل قبل الانتقال إليه.
الأسعار المذكورة لا تشمل تكاليف الصيانة أو أتعاب المكاتب العقارية، والتي تعادل عادة أجر شهر كامل من قيمة الإيجار السنوي.
ومع استمرار عدم استقرار سوق العقارات وغياب أي آليات رقابية، تبقى معاناة المستأجرين قائمة بانتظار حلول عملية تحد من موجة الارتفاع المتصاعدة.
المحافظة تبحث القضية
مع تصاعد الحديث وشكاوى السكان حول الارتفاع المتواصل للإيجارات في أحياء حلب، نظمت محافظة حلب، الخميس 21 من آب، ورشة عمل موسعة في مبنى المحافظة.
وتهدف الورشة إلى مناقشة واقع الإيجارات والبحث في آليات عملية لتخفيضها وضبط العلاقة بين المالكين والمستأجرين.
وبحسب ما نشرته المحافظة على صفحتها الرسمية في “فيسبوك“، ناقش المجتمعون سبل ضبط القيمة الحقيقية للإيجارات عبر الدوائر الاجتماعية وتحديد الأسعار تبعًا للمناطق السكنية والفئات الاجتماعية.
وأشار بيان المحافظة إلى غياب تشريع قانوني أو جهة مختصة تحدد القيم التأجيرية حتى الآن.
كما تطرق الاجتماع إلى تنظيم مسألة التمديد الحكمي لعقود الإيجار ووضع ضوابط لها، تشمل مدة الإيجار وحالة السكن وأسباب الإخلاء، بما يضمن حقوق المستأجرين ويوازن العلاقة مع المالكين.
ومن بين الحلول المطروحة، تعزيز الخدمات في الأحياء المتضررة عبر ترحيل الأنقاض وإصلاح البنية التحتية وتسهيل رخص الترميم.
بالإضافة إلى دعم البنوك لتقديم قروض ميسرة لترميم المنازل، بما يسهم في تسريع عودة الأهالي وتخفيف الضغط عن الأحياء التي تشهد ارتفاعًا متسارعًا في الإيجارات.
وشدد الحضور على أهمية تشجيع شركات التطوير العقاري والجمعيات التعاونية السكنية، عبر توفير أراضٍ معدة للبناء ومنح الحوافز والتسهيلات اللازمة.
وطالبوا بالإسراع في عمليات إعادة الترميم والبناء، مع توفير الدعم اللازم للمنظمات والجمعيات العاملة في هذا المجال.
كما تم التأكيد على ضرورة تسهيل منح القروض السكنية وقروض الترميم، والبحث في توفير مساكن بسيطة ضمن بعض المناطق العشوائية، بما يعيد التوازن إلى سوق الإيجارات ويخفف الأعباء المتزايدة على السكان.
وحضر الورشة محافظ حلب عزام الغريب إلى جانب نوابه فواز هلال وعلي حنورة، ومعاون المحافظ لشؤون الخدمات فراس المصري.
إضافة إلى ممثلين عن نقابة المحامين وتجار البناء وأصحاب المكاتب العقارية وشركات الإنشاء، وممثلين عن الجمعيات السكنية والبلدية وعدد من الأهالي المتضررين من ارتفاع الأسعار، وذلك نقلًا عن المحافظة.
ارتفاع الإيجارات في درعا يحرم محدودي الدخل من السكن
مرتبط
المصدر: عنب بلدي