تُواجه آمال الحكومة البريطانية في الانضمام إلى منطقة تجارة أوروبية واسعة، بهدف تقليل التحديات المتعلقة بسلاسل الإمداد لصادرات السلع البريطانية بعد “بريكست”، عرقلة من جانب الاتحاد الأوروبي، حسبما نقلت “فاينانشيال تايمز” عن مسؤولون من الجانبين.

وأعلنت بريطانيا، الأسبوع الماضي، أنها تدرس الانضمام إلى اتفاقية “بان-أورومتوسطية” PEM، كجزء من استراتيجيتها التجارية الجديدة، مشيرة إلى أن هذه الخطوة قد تُعزز صادرات السلع البريطانية المتراجعة.

إلا أن المفوضية الأوروبية أوضحت لبريطانيا، أنها لا تدعم حالياً مثل هذه الخطوة، حسبما أكد أربعة أشخاص مطلعين على المناقشات، وهو موقف وصفه المسؤولون بأنه “محبط” للندن، بحسب الصحيفة البريطانية.

ويُعد هذا أول مؤشر على توتر في العلاقات بين بريطانيا وبروكسل منذ إعلان الجانبين “إعادة ضبط” علاقتهما خلال قمة 18 مايو الماضي، والتي وعدا خلالها بتحسين ترتيبات تجارة الطاقة وتوقيع اتفاق بيطري يُلغي الفحوصات على صادرات المنتجات الزراعية الغذائية.

واتفاقية PEM هي اتفاق بين الاتحاد الأوروبي و20 دولة أخرى في إفريقيا والشرق الأوسط، لتسهيل التجارة ودمج سلاسل التوريد داخل المنطقة الأوروبية، برسوم منخفضة بموجب اتفاقيات التجارة الحرة.

رفض أوروبي

ونالت خطوة الانضمام إلى PEM دعم مجموعات تجارية بريطانية، مثل “غرف التجارة البريطانية”، إذ ورد في الاستراتيجية التجارية البريطانية أنها قد تقلل من “البروقراطية المعقدة” وتزيد من “مرونة المصدّرين البريطانيين في مصادر مدخلاتهم”.

لكن مسؤولين في الاتحاد الأوروبي مطّلعين على المناقشات، أفادوا بأن المفوضية قررت أن انضمام بريطانيا إلى الاتفاقية لا يصب حالياً في مصلحة الاتحاد، لأنه قد يزيد من خطر استفادة منتجات بشكل غير عادل من دخول منخفض الرسوم إلى التكتل.

واستبعد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الانضمام مجدداً إلى السوق الأوروبية الموحدة، أو الدخول في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي، لكن الصناعات البريطانية دفعت الحكومة نحو النظر في الانضمام إلى اتفاقية PEM كخطوة مؤقتة لدعم مصدّري السلع.

وأشار خبراء في التجارة، إلى أن بريطانيا ستحتاج إلى تعاون من الاتحاد الأوروبي للانضمام إلى الاتفاقية، لأن ذلك يتطلب إعادة صياغة شروط اتفاق التجارة والتعاون القائم بين الجانبين بعد بريكست، على الرغم من أن اتفاقية PEM ليست حصرية للاتحاد الأوروبي.

وكانت بروكسل أشارت في وقت سابق، إلى انفتاحها على انضمام بريطانيا إلى PEM، لكنها غيرت موقفها لاحقاً، مبرّرة ذلك بالرغبة في الالتزام الصارم بالاتفاقات التي تم التوصل إليها في “التفاهم المشترك” المُعلن خلال قمة 18 مايو.

 إعادة ضبط العلاقة مع بريطانيا

وكانت اتفاقية PEM طُرحت في عام 2023 كحل محتمل لأزمة الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية بعد بريكست، كما قال مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي، ماروش شيفتشوفيتش، في يناير الماضي، إن الانضمام “أمر يمكن النظر فيه”.

وقال ديفيد هينيج، مفاوض التجارة البريطاني السابق في مركز أبحاث ECIPE: “تُظهر ترددات المفوضية الأوروبية التحدي السياسي المستمر في إصلاح العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. الاتحاد غير موحد بشأن أهمية إعادة ضبط العلاقة مع بريطانيا، ويمكن لقضايا مثل PEM أن تتعقّد بسهولة رغم أنها فنية من الناحية النظرية”.

وفي نقطة توتر منفصلة، لا يزال الاتحاد الأوروبي يطالب بالتنفيذ الكامل لاتفاق “إطار ويندسور” بشأن إيرلندا الشمالية، قبل أي اتفاق بيطري يُلغي الحاجة لمعظم الفحوصات على البضائع العابرة للبحر الأيرلندي.

وقد دخلت المرحلة النهائية من تطبيق إطار ويندسور حيز التنفيذ في 1 يوليو الجاري.

وكان المدير التنفيذي لشركة M&S، ستيوارت ماتشين، وصف التطبيق بأنه “جنون بيروقراطي”، قائلاً إنه يتطلب وضع علامات “غير مخصص للاتحاد الأوروبي” على 1000 منتج، بالإضافة إلى 400 منتج آخر ستخضع لفحوص جمركية كاملة.

وأضاف ماتشين، أن “الاتفاق البيطري بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة لا يمكن أن يأتي قريباً بما فيه الكفاية”، لكن مسؤولين في الاتحاد قالوا إن المفوضية “صارمة جداً” في موقفها بضرورة تنفيذ الاتفاق كاملاً قبل أي تقدم.

وقالت مصادر مطلعة، إن وزير الشؤون الأوروبية البريطاني، نيك توماس سيموندز، دعا مسؤولي أسواق تجارة التجزئة الكبرى لاجتماع في مقر الحكومة الخميس الماضي، ليحثهم على الالتزام بالاتفاق، وإلا فإنهم يُخاطرون بتعطيل المحادثات بشأن الاتفاق البيطري.

وأعرب الاتحاد الأوروبي مراراً، عن قلقه من أن العديد من سلاسل تجارة التجزئة العملاقة “السوبر ماركتس” في بريطانيا، لا تلتزم تماماً بالقواعد.

شاركها.