توصلت ألمانيا إلى اتفاق مع المفوضية الأوروبية بشأن خطة مالية متعددة السنوات، تسمح للبلاد بزيادة استثماراتها حالياً مع الالتزام بتقليص الإنفاق في السنوات اللاحقة، وفق ما صرّح به مسؤول ألماني رفيع المستوى لمجلة “بوليتيكو”.

ويوضح الاتفاق كيفية زيادة ألمانيا إنفاقها حتى عام 2029 مع الالتزام بقواعد الاتحاد الأوروبي المُعدّلة لضمان الاستقرار المالي داخل التكتل.

وقال المسؤول الذي تحدث للنسخة الأوروبية للمجلة: “في محادثات بناءة مع المفوضية الأوروبية، نجحت الحكومة الألمانية في الاتفاق على مسار متعدد السنوات للحد الأقصى المسموح به من نمو صافي الإنفاق الأولي الحكومي العام  في الفترة من 2025 إلى 2029”.

ويستفيد الاتفاق من المرونة التي تتيحها القواعد المالية الجديدة للاتحاد الأوروبي، حيث تعهدت برلين بكبح وتيرة الإنفاق بعد زيادة استثمارية قصيرة الأجل.

وأضاف المسؤول: “بفضل الاستثمارات في البنية التحتية والأمن والدفاع هذا العام والعام المقبل، سيزداد صافي الإنفاق في الميزانية الوطنية الألمانية بشكل ملحوظ. ومن المخطط أن ينخفض نمو صافي الإنفاق بشكل ملحوظ في السنوات التالية”.

وتهدف الخطة إلى تحقيق توازن بين الاستثمار والإصلاح الهيكلي وضبط المالية العامة، في إشارة إلى حكومة ألمانيا بشأن الميزانية في 24 يونيو الماضي. وبعد ذلك ترغب الحكومة في العودة إلى مسار أكثر توازناً، مدعوماً بـ”تدابير ضبط مالية موثوقة”.

وتتضمن الخطة أيضاً إصلاحات هيكلية تقول برلين إنها ستساعد على نمو الإيرادات الحكومية بمرور الوقت، مما يُرسل “إشارة قوية للنمو الاقتصادي واستدامة المالية العامة”.

ومن المقرر أن يُوافق مجلس الوزراء الألماني على الخطة، الأربعاء، وستتضمن بياناً من مجلس الاستقرار الذي يُمثل الولايات الاتحادية الألمانية.

متطلبات المرحلة

وفي مارس الماضي أعلن المستشار الألماني فريدريش ميرتس التوصل إلى اتفاق لإصلاحٍ جذريٍّ لقواعد ديون البلاد، بما يسمح بطفرةٍ في الإنفاق الدفاعي والأمني، بالإضافة إلى استثمارٍ في البنية التحتية بقيمة 500 مليار يورو خلال السنوات الـ 12 المقبلة.

وقال ميرتس حينها: “لن يكون هناك نقص في الموارد المالية للدفاع عن الحرية والسلام في قارتنا”. وأضاف: “لقد عادت ألمانيا. تُقدم ألمانيا مساهمة كبيرة في الدفاع عن الحرية والسلام في أوروبا”.

ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، جعلت ألمانيا، على غرار عدد من الدول الأوروبية، من تعزيز قدراتها العسكرية والدفاعية أولوية في ظل تصاعد التوترات في أوروبا.

وتراجعت قدرات الجيش الألماني الدفاعية، وقدرته على الردع على مدى السنين، على خلفية يقين الحكومات الألمانية المتعاقبة، وخاصة في ظل حكم المستشارة التاريخية، أنجيلا ميركل، بأن نهاية الحرب الباردة تعني اختفاء الأعداء، وسلاماً شبه دائم في القارة الأوروبية، وانسجاماً مع هذه الرؤية تم إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية في ألمانيا عام 2011.

وإلى جانب التهديد الروسي، شكلت مطالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب لأوروبا عموماً بزيادة الإنفاق العسكري، عنصر ضغط على ألمانيا، إذ طالب دول حلف الناتو بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 5% من الناتج القومي، وهدد بشكل ضمني بسحب الغطاء الأمني عن أوروبا، هو ما دفع هذه الدول للتعزيز جيوشها لضمان استقلالية أمنية وعسكرية.

خطة طموحة

وفي أول بيان حكومي له أمام البرلمان بعد انتخابه، أعلن المستشار الألماني، نيته الاستمرار في تعزيز قدرات الجيش الألماني ليصبح “أقوى جيش تقليدي في أوروبا”.

ويخدم في الجيش الألماني حالياً نحو 180 ألف جندي، ويقول الخبراء العسكريون إنه على ألمانيا أن ترفع العدد بـ100 ألف أخرى في العامين المقبلين للوفاء بالتزاماتها ضمن حلف الناتو، الذي يتوقع أن يطلب من ألمانيا في قمته المقبلة في لاهاي، تخصيص سبعة ألوية أخرى على الأقل لدعم عمليات الناتو، بالإضافة إلى تولي مسؤوليات أكبر في كل ما يتعلق بالدفاعات الجوية. 

وتسعى الحكومة الألمانية، لاستقطاب الشباب للخدمة في الجيش عبر برنامج تجنيد طوعي، رغم شكوك داخل المؤسسة العسكرية حول مدى إمكانية نجاح هذه الخطة.

وحسب المفتش العام للجيش الألماني، كارستن بروير، فإن “كل خطط رفع قدرات الجيش الألماني والإصلاحات الهيكلية تضع لنفسها سقفاً زمنياً أقصى هو عام 2029″، مشيراً إلى أنه بحلول ذلك العام “يتوجب أن يكون الجيش الألماني مستعداً لمواجهة أي تهديد”. 

ويقول بروير، إنه يتوقع أن تبلغ روسيا القوة التي تريدها لمهاجمة دولٍ من حلف الناتو في فترة 4 إلى 7 سنوات، ولكنه يفضل أن ينطلق من أسوأ التقديرات وأن يكون جاهزاً بعد 4 سنوات.

شاركها.