هل يمكن أن يشخّص «اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه» جينياً؟

ما «اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه»؟ هو اضطراب في النمو العصبي يمكن أن يؤثر على كل من الأطفال والبالغين، ويتميز بأنماط مستمرة من عدم الانتباه وفرط النشاط والاندفاع، التي يمكن أن تؤثر على جوانب مختلفة من الحياة اليومية. وفي حين أن معدل انتشار اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أعلى لدى الذكور منه بين الإناث؛ فمن الضروري إدراك أن ظهور الأعراض والعوامل الة بها قد يختلف بين الجنسين.
ويعد فهم التأثيرات الوراثية والعائلية على اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أمراً بالغ الأهمية لتحسين التشخيص والعلاج والدعم للأفراد المصابين بهذا الاضطراب؛ حيث يواصل الباحثون استكشاف التفاعل المعقد بين العوامل الوراثية والبيئية والعصبية التي تساهم في الاضطراب لتعزيز فهمنا وقدرتنا على تلبية الاحتياجات المتنوعة للأفراد الذين يعانون من هذه الحالة.
تشخيصات جينية مفاجئة
تشير الدراسة الحديثة إلى وجود نسبة عالية من التشخيصات الجينية لدى الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؛ إذ أظهرت أن 52 في المائة من العائلات المشمولة في البحث كانت تحمل تغيرات جينية محتملة لها صلة بالاضطراب.
وبالإضافة إلى ذلك؛ تبين أن بعض هذه التغيرات كانت وراثية، في حين كانت أخرى جديدة لم يتم العثور عليها لدى الوالدين. وهذا الاكتشاف يعدّ مفاجئاً؛ حيث يشير إلى أن تغيرات في جين واحد قد تكون سبباً للاضطراب. أضف إلى ذلك أن بعض الجينات المتأثرة تشترك أيضاً في تورطها في اضطرابات النمو العصبي الأخرى؛ مما يشير إلى وجود تداخل كبير في المسببات الوراثية لهذه الاضطرابات.
أظهرت الدراسة الحديثة عن دور الوراثة في اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أن مجموعة متنوعة من التغيرات الجينية يمكن أن تفسر الفروق في الأعراض وشدتها بين الأطفال المصابين بهذا الاضطراب. وقد يلعب التداخل الجيني دوراً في التفاوت في الأعراض بين الأطفال المختلفين، ويمكن أن يفسر بعض الصعوبات في التمييز بين اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه وحالات أخرى مثل حالات التوحد.
لكن الاختبارات الجينية ليست متاحة للعائلات حالياً، رغم أن الباحثين يأملون في أن يوفر التشخيص الجيني في المستقبل القريب معلومات تحذيريه تساعد الأطباء والأسر في فهم التوقعات المستقبلية للأطفال المصابين بالاضطراب.
كما يمكن أن يكشف التشخيص الجيني عن معلومات حول مدى استمرار الاضطراب حتى مرحلة البلوغ، وعن وجود اضطرابات تعلم محتملة، وكذلك نقاط القوة التي يمكن للأطفال الاعتماد عليها. وقد أشارت الدراسات الجينية الحديثة للتحكم في حالات الاضطراب إلى وجود آليات خطر وراثية شائعة ونادرة، مما يسلط الضوء على المسببات المرضية متعددة الجينات والمعقدة لهذا الاضطراب العصبي.
وتشير الدراسات التي أجريت على اضطرابات النمو العصبي الأخرى، مثل «اضطراب طيف التوحد autism spectrum disorder (ASD))» و«اضطراب توريت (Tourette disorder)» وتأخر النمو والإعاقة الذهنية والفصام، إلى أنه يمكن الحصول على تحديد آليات خطر محددة ورؤى إضافية حول بيولوجيا الاضطراب من خلال دراسة التباين الجيني غير الموروث من جديد.