ألمح ممثلو الادعاء الفيدرالي إلى إمكانية سعيهم لإبعاد باتريك فيتزجيرالد، المحامي الرئيسي لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأسبق (FBI) جيمس كومي؛ بزعم تورطه في تسريبات للإعلام بعد إقالة الرئيس دونالد ترمب له من منصبه عام 2017، وفق مجلة “بوليتيكو”.

وفي مذكرة، قُدمت مساء الأحد، إلى القاضي الفيدرالي مايكل ناخمانوف، ذكر المدعون الفيدراليون أن فيتزجيرالد، وهو صديق مقرب لكومي، قد يواجه “تضارب مصالح يصعب تجاوزه” نتيجة تلك التسريبات.

ويمثل فيتزجيرالد موكله جيمس كومي في قضية جنائية أمر الرئيس ترمب برفعها، في سبتمبر، في ولاية فيرجينيا، يواجه فيها كومي تهمتين جنائيتين تتعلقان بالإدلاء ببيان كاذب وعرقلة إجراء اتحادي.

وهذه القضية هي الحلقة الأحدث في قصة العداء بين الطرفين منذ 2017.

ولطالما وصف ترمب كومي بـ”الشرطي الفاسد”، فيما أصبح الأخير من أبرز منتقدي الرئيس الأميركي، مؤيداً بايدن في انتخابات 2020، وهاريس في انتخابات 2024.

فريق تصفية

ويطالب ممثلو الادعاء في القضية القاضي بالإسراع في الموافقة على مقترح بتشكيل “فريق تصفية” من المحامين، يتولى مراجعة الأدلة في قضية كومي الجنائية؛ لتوضيح دور فيتزجيرالد في التسريبات التي تعود إلى 8 أعوام، من دون المساس بسرية العلاقة بين كومي ومحاميه.

وكان ممثلو الادعاء قد اقترحوا على المحكمة، الأسبوع الماضي، تشكيل “فريق التصفية”، لكنهم أكدوا في المذكرة الجديدة أن الطلب بات أكثر إلحاحاً “بعد ظهور مؤشرات على أن فيتزجيرالد لعب دوراً في تسريب معلومات من قبل كومي تبين لاحقاً أن السلطات صنفتها سرية”.

وتُعد “فرق التصفية” إجراءً روتينياً نسبياً، لكنه مثير للجدل في العديد من القضايا الجنائية البارزة التي تشمل مسؤولين حكوميين، أو متهمين من المحامين، أو في الحالات التي يخضع فيها محامو الدفاع أنفسهم للتحقيق.

وتتمثل مهمة هذه الفرق في مراجعة محتويات الهواتف، أو أجهزة الحاسوب التي تُصادر خلال التحقيقات الجنائية، واستبعاد أي مواد قد تخضع لسرية العلاقة بين المحامي وموكله، أو للامتياز التنفيذي، أو لأي قيود قانونية أخرى تحد من قدرة الادعاء على الاطلاع عليها.

تضارب مصالح

وقال ممثلا الادعاء تايلر ليمونز وجابرييل دياز في المذكرة: “استناداً إلى المعلومات المتاحة للعامة، استخدم المتهم محاميه الرئيسي الحالي لتسريب معلومات سرية على نحو غير قانوني”. وأضافا أن “هذا الأمر يثير تساؤلات حول تضارب المصالح، وأهلية المحامي الحالي للاستمرار في الدفاع”.

ولم تتضمن المذكرة الجديدة تفاصيل كثيرة، لكنها أشارت إلى تقرير صادر عن مكتب المفتش العام في وزارة العدل عام 2019، كشف أن فيتزجيرالد تصرف كوسيط عندما حاول كومي إيصال معلومات إلى وسائل الإعلام حول ما اعتبره محاولات غير لائقة من ترمب لإجباره على التعهد بالولاء له في الأيام التي سبقت إقالته.

واعترف كومي بعد نحو شهر من إقالته، خلال شهادته أمام مجلس الشيوخ، بأنه طلب من محامٍ آخر وصديق له، هو أستاذ القانون بجامعة كولومبيا دانيال ريتشمان، أن يقدم نسخاً من مذكراته لصحيفة “نيويورك تايمز”، في محاولة لضمان تعيين مستشار خاص للتحقيق في تصرفات ترمب.

تقرير المفتش العام

ووجد تقرير المفتش العام أن بعض المعلومات التي شاركها كومي مع محاميه كانت مصنفة سرية، وانتقده لتسريبه معلومات تحقيق حساسة إلى أطراف من خارج الإدارة وإلى وسائل الإعلام، لكنه أكد في الوقت نفسه أنه لم يجد أي دليل على أن كومي أو محاميه سربوا معلومات سرية واردة في أي من المذكرات إلى وسائل الإعلام.

وأضاف التقرير أن مكتب التحقيقات الفيدرالي تحرك لحذف المواد التي تلقاها فيتزجيرالد من حساباته الإلكترونية، وأن الأخير، وهو مدعٍ عام سابق في شيكاجو، “تعاون طوعاً وبسرعة” مع السلطات.

ورفضت وزارة العدل، خلال إدارة ترمب الأولى، ملاحقة كومي، أو أي طرف آخر، قضائياً بشأن طريقة تعامله مع مذكراته المتعلقة بمحادثاته مع ترمب أو تسريبها.

لكن كومي وُجهت إليه الشهر الماضي تهمتان بالإدلاء ببيانات كاذبة وعرقلة عمل الكونجرس، ويبدو أن هذه التهم ترتبط بإنكاره تورطه في تسريبات أخرى خلال شهادته أمام لجنة بمجلس الشيوخ عام 2020.

ورفض فيتزجيرالد، الأحد، التعليق على مذكرة الادعاء التي قُدمت قبل يوم واحد من الموعد المحدد لتقديم فريق الدفاع أول دفوعه الجوهرية في القضية.

“مقاضاة انتقائية”

ويعتزم محامو كومي المطالبة بإسقاط القضية استناداً إلى ما وصفوه بأنه “مقاضاة انتقائية وانتقامية”، إضافةً إلى الطعن في شرعية تعيين المدعية التي رفعت الدعوى، ليندسي هاليجان، التي عينها ترمب مؤقتاً في منصب المدعي العام للمنطقة الشرقية من ولاية فيرجينيا.

ولم يقدم ممثلو الادعاء للقاضي نسخة من تقرير المفتش العام، لكنهم قدموا رابطاً لنسخة منه محفوظة على موقع Wayback Machine التابع لأرشيف الإنترنت غير الربحي Internet Archive.

وكان مكتب المفتش العام في وزارة العدل قد ذكر مطلع الشهر الجاري أن موقعه الإلكتروني جُمد ثم أُغلق إثر مساعٍ من إدارة ترمب لإلغاء عمل مجلس المفتشين العامين للنزاهة والكفاءة، وهو الهيئة التي تضم مكاتب المفتشين العامين في الوكالات الفيدرالية.

شاركها.