الاستخبارات الأميركية: الصين أكبر تهديد عسكري وإلكتروني

أصدرت وكالات الاستخبارات الأميركية، الثلاثاء، تقريراً تضمن تقييمات للتهديدات التي تواجهها الولايات المتحدة، منها اعتبار أن الصين لا تزال تُشكّل التهديد العسكري والإلكتروني الأكبر لأميركا، وأنها تواصل التقدم بشكل “متفاوت” في تطوير قدراتها التي قد تستخدمها للسيطرة المحتملة على تايوان.
وذكر التقييم السنوي للتهديدات الصادر عن مجتمع الاستخبارات الأميركي، أن “الصين لديها القدرة على ضرب الولايات المتحدة بأسلحة تقليدية”، و”اختراق بنيتها التحتية من خلال هجمات إلكترونية، واستهداف أصولها الفضائية”.
ولفت إلى أنه “من شبه المؤكد أن الصين لديها استراتيجية متعددة الأوجه على المستوى الوطني مصمَّمَة لإزاحة الولايات المتحدة من مكانة القوة الأكثر تأثيراً في العالم في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030”.
وأشار التقرير، إلى أن الجيش الصيني “خطط على الأرجح لاستخدام النماذج اللغوية الكبيرة لبث أخبار مضللة، وتقليد الشخصيات، والتمكين من مهاجمة الشبكات”.
ويرى التقرير الاستخباراتي المكون من 31 صفحة، وشكلّت فيه المخاوف الأميركية من الصين قرابة ثلث محتواه، أن “بكين تعتزم زيادة الضغط العسكري والاقتصادي على تايوان”، وهي الجزيرة تعتبرها الصين إقليماً تابعاً لها.
ورجّح أن “الجيش الصيني يحرز تقدماً مطرداً، وإن كان بوتيرة متفاوتة، في القدرات التي قد يستخدمها في محاولة للاستيلاء على تايوان وردع، بل وهزيمة أي تدخل عسكري أميركي، إذا لزم الأمر”.
ووفقاً للتقييم الاستخباراتي، تواجه الصين “تحديات داخلية هائلة، تشمل الفساد، والاختلالات السكانية، والصعوبات المالية والاقتصادية التي قد تُضعف شرعية الحزب الشيوعي الحاكم في الداخل”.
واعتبر أن النمو الاقتصادي في الصين من المرجح أن “يستمر في التباطؤ بسبب انخفاض ثقة المستهلكين والمستثمرين”، مضيفاً: “يبدو أن المسؤولين الصينيين يستعدون لمزيد من المواجهة الاقتصادية مع الولايات المتحدة”.
وزعم التقرير أن الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية يسعون لـ”تحدي الولايات المتحدة عبر تنفيذ حملات مُدروسة لتحقيق تفوق عسكري”، لافتاً إلى أن حرب روسيا في أوكرانيا قد منحتها “دروساً قيّمة في مواجهة الأسلحة والاستخبارات الغربية في حرب واسعة النطاق”.
وترى وكالات الاستخبارات، أن إيران تواصل “تطوير أنظمة الصواريخ والطائرات المسيرة المنتجة محلياً وتسليح تحالف من جهات متشددة متشابهة التفكير”، لافتةً إلى أن واشنطن “لا تزال تعتقد أن طهران لم تصنع سلاحاً نووياً”.
جلسة لجنة الاستخبارات
وصدر التقرير الاستخباراتي قبل بدء رؤساء أجهزة الاستخبارات الأميركية جلسة استماع أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، الثلاثاء.
وقالت مديرة المخابرات الوطنية الأميركية تولسي جابارد خلال جلسة الاستماع، إن “الصين استثمرت بشكل كبير في الطائرات الشبحية، والأسلحة الأسرع من الصوت، والأسلحة النووية”، كما “تسعى للتفوق على الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي”.
وأضافت جابارد، أن الصين “تحت قيادة الرئيس شي جين بينج، تسعى إلى ترسيخ مكانتها كقوة رائدة على الساحة العالمية، اقتصادياً وتكنولوجياً وعسكرياً”، واصفةً بكين بأنها “المنافس الاستراتيجي الأكثر قدرة أمام واشنطن”.
وذكرت أن “الجيش الصيني يعمل على قدرات متقدمة، تتضمن أسلحة فرط صوتية، وطائرات لا يمكن للرادار رصدها، وغواصات متطورة، وأصولاً أكثر قوة في الفضاء والحرب الإلكترونية، وترسانة أكبر من الأسلحة النووية”.
وزعمت أن الصين “تعمل على بناء قدراتها العسكرية لتحقيق ميزة في حالة نشوب صراع عسكري مع الولايات المتحدة، ونحو مهاجمة تايوان”، لافتةً إلى أن “الجيش الصيني يوسع وجوده في منطقة آسيا والمحيط الهادئ”.
وترى جابارد أن بكين “تعمل على تطوير قدراتها السيبرانية لتنفيذ عمليات متطورة، بما يكفي لسرقة معلومات حساسة من الولايات المتحدة”.
وطغى على جلسة الاستماع في اللجنة استجواب محتدم من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين لراتكليف وجابارد، بسبب الكشف عن أنهما ومسؤولين بارزين غيرهما في إدارة الرئيس دونالد ترمب ناقشوا خططاً عسكرية حساسة جداً في دردشة جماعية شملت بطريق الخطأ صحافياً أميركياً على تطبيق “سيجنال” للرسائل.
وركز كثيرون من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين في استجوابهم على المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة. وقال تقرير الاستخبارات، إن الهجرة غير الشرعية واسعة النطاق أنهكت البنية التحتية الأميركية، و”مكّنت إرهابيين معروفين أو مشتبه بهم من العبور إلى الولايات المتحدة”.
من جهته، ذكر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA جون راتكليف، أن الصين لم تبذل إلا جهوداً “بين الحين والآخر للحد من تدفق المواد الكيميائية التي تغذي أزمة مخدر الفنتانيل في الولايات المتحدة، بسبب إحجامها عن اتخاذ إجراءات صارمة ضد الشركات الصينية التي تحقق أرباحاً”.
وأردف: “لا يوجد ما يمنع الصين.. من اتخاذ إجراءات صارمة ضد المركبات الأولية المستخدمة في الفنتانيل”.
وزاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الرسوم الجمركية على جميع الواردات الصينية بنسبة 20%، لمعاقبة بكين على ما يقول إنه “تقاعس عن وقف شحنات المواد الكيميائية للفنتانيل”. وتنفي الصين أنها تلعب دوراً في هذه الأزمة التي تعد السبب الرئيسي للوفيات الناجمة عن الجرعات الزائدة من المخدرات في الولايات المتحدة، لكن القضية أصبحت نقطة خلاف رئيسية بين إدارة ترمب والمسؤولين الصينيين.
روسيا وإيران
وتطرقت مديرة المخابرات الوطنية، إلى “تبني روسيا قوة نووية أكثر حداثة وقدرة على البقاء، مُصمّمة للتحايل على الدفاع الصاروخي الأميركي، وصولاً إلى إمكانية توجيه ضربة انتقامية مؤثرة بالداخل الأميركي في حالة وجود حرب نووية”.
وأشارت جابارد إلى أن إيران “تواصل سعيها لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، على الرغم من تدهور وكلائها ودفاعاتها خلال صراع غزة”.
وذكرت أن طهران “طورت وحافظت على صواريخ باليستية وصواريخ كروز وطائرات مسيرة، بما في ذلك أنظمة قادرة على ضرب أهداف أميركية في المنطقة”.
وأعربت عن “إبداء طهران استعدادها لاستخدام هذه الأسلحة، بما في ذلك خلال هجوم عام 2020 على القوات الأميركية في العراق، وفي الهجمات السابقة ضد إسرائيل، والتي جرت في أبريل وأكتوبر 2024”.
وتابعت: “يبلغ مخزون اليورانيوم المُخصّب في إيران أعلى مستوياته، وهو أمرٌ غير مسبوق لدولةٍ لا تمتلك أسلحةً نووية”.
ورجحت أن “تُواصل إيران جهودها لمواجهة إسرائيل والضغط من أجل الانسحاب العسكري الأميركي من المنطقة، من خلال مساعدة وتسليح وإعادة تشكيل تحالفها”.
وتتهم قوى غربية إيران بالسعي لتطوير أسلحة نووية بتخصيبها اليورانيوم لنسبة نقاء تصل إلى 60% بما يتخطى ما يقولون إنه نسبة مبررة في برنامج نووي مدني.