الانتخابات الأكثر توتراً في ألمانيا منذ عقود.. كيف ستُحسم؟

حتى زمن قريب، قامت الثقافة السياسية في ألمانيا، لا سيما بعد الحرب العالمية الثانية، على انتخاب زعماء “مملين” لمنصب المستشار، فقد فضّلوا دائماً الاستقرار والبراجماتية والقيادة القائمة على الكفاءة والإجماع بدلاً من الشخصيات ذات الكاريزما النارية.
ويعكس هذا “ثقافة التحفظ” Zurückhaltende Kultur لدى الألمان عامة، بتأثير من التجارب التاريخية، لا سيما قيادة أدولف هتلر الكاريزمية والكارثية. لكن يبدو أن ذلك على وشك أن يتغير، ففي آخر أيام الحملة الانتخابية الألمانية قبل موعد الاقتراع في 23 فبراير 2025، تبدو الساحة السياسية منقسمة ومحتدمة، بين تصاعد اليمين المتطرف، واليسار المتشدد بصورة غير مسبوقة.
وفيما يواصل اليمين المتطرف؛ ممثلاً بحزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD)، تحقيق صعودٍ واضح في استطلاعات الرأي، تتجه الأنظار أيضاً إلى اليسار المتشدد (Die Linke)، الذي بدأ باستقطاب مفاجئ للناخبين الشباب والنساء بصورة لافتة في رد فعلٍ على تنامي قوة اليمين.
ويتمحور هذا الاستقطاب حول شخصيتين كاريزميتين: أليس فايدل (يمين متطرف)، وهايدي رايشينيك (يسار متشدد)، وهو الأمر الذي حذّر منه أحد أهم الفلاسفة الألمان، يورجن هابرماس، قبل 14 عاماً.
وفي مقال نشره في “نيويورك تايمز” عام 2010، حذر هابرماس من توجه مثير للقلق في ألمانيا، بانجذاب الجمهور على نحو متزايد إلى “شخصيات كاريزمية غير مسيّسة”، تبدو وكأنها “فوق” السياسات الحزبية؛ الأمر الذي عدّه هابرماس “تطوراً خطيراً على الديمقراطية”.
وأشار هابرماس إلى أن الخطر الحقيقي يكمن في الانفصال المتزايد بين السياسيين والجمهور. فمع “تزايد الضغوط الاقتصادية العالمية على الحكومات المقيدة” أكثر فأكثر، تشعر الأحزاب السياسة بالعجز عن تشكيل المستقبل في البلاد، ويفضي ذلك إلى خيبة الأمل لدى الجمهور، الذي يبدأ بالبحث عن شخصيات كاريزمية “تعد بالتغيير، لكنها لا تقدم حلولاً حقيقية”.
قبل عامين، لم تكن فكرة حصول حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) على أكثر من 10% من الأصوات تُعدّ واردة (حقق 10.3٪ في انتخابات 2021)، لكن مخاوف الناخبين بشأن الهجرة والأمن والاقتصاد دفعت بالحزب إلى آفاق سياسية جديدة. إذ تشير آخر استطلاعات الرأي إلى أنه قد يقترب من 20-22%، ويسعى المرشح الأبرز لحزب “البديل”، أليس فايدل، إلى استثمار استياء الناخبين من الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات الهجرة.
في المقابل، وجد الناخبون الشباب في خطاب اليسار المتشدد (Die Linke) بديلاً ينسجم مع مطالبهم بشأن العدالة الاجتماعية وحقوق المرأة وحماية البيئة. ولعبت النائبة الصاعدة هايدي رايشينيك دوراً محورياً في جذب الاهتمام من خلال خطب حماسية في البرلمان وظهورها المؤثر عبر منصات الشبكات الاجتماعية، ما أكسبها، بحسب تقرير نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية، لقب “ملكة تيك توك”.
ولئن كانت برامج الحزبين في منتهى التناقض؛ من خفض الضرائب إلى حد بعيد والانسحاب من الاتحاد الأوروبي لدى اليمين المتطرف، إلى السياسات الاشتراكية والبيئية الجذرية لدى اليسار، فإن نجاح كليهما يعكس حالة الاستقطاب التي يشهدها الشارع الألماني قبل الانتخابات.
تجسّد فايدل (46 عاماً) صعود اليمين المتطرف في قالب غير مألوف؛ فهي خبيرة اقتصاد عملت سابقاً في مؤسسات مالية عالمية مثل “جولدمان ساكس” وبنك الصين، وترسم لنفسها، بحسب بروفايل أعدته صحيفة “نيويورك تايمز”، صورة “عالمية” بسلوكها المنضبط وملابسها الأنيقة، في حين يقف حزبها “البديل من أجل ألمانيا”، موقفاً معارضاً للهجرة والاتحاد الأوروبي، ويطالب بسياسات وطنية متشددة.
وعلى الرغم من أنها مثلية، وتعيش في سويسرا مع زوجتها التي تعود أصولها إلى سريلانكا، فإنها لا تتردد في الخطاب القومي المعادي للمهاجرين والمشتبه بتطبيعه مع الأفكار النازية.
وما زاد انتشارها أنها تلقت دعماً من شخصيات دولية مثل الملياردير الأميركي إيلون ماسك، عندما شارك تدوينة على “إكس”، مرفق معها تسجيل لشابة مراهقة ألمانية تتحدث فيه عن خوفها من المهاجرين وعدم شعورها بالأمان. وهو ما ساهم في منح حزبها دفعة إضافية في استطلاعات الرأي.
تعدّ فايدل شخصية صادمة لكثير من الألمان، إذ تجمع في حياتها الخاصة بين قيم ليبرالية منفتحة، بينما تؤدي دور المدافع الشرس عن هوية ألمانية محافظة ومعارضة لسياسات اللجوء.
على الجانب الآخر من المعادلة، ظهرت هايدي رايشينيك (36 عاماً) كصوت يساري متشدد يدفع بحزبها “اليسار” (Die Linke)، نحو استعادة مكانته السياسية.
انتقلت رايشينيك من كونها نائبة مغمورة إلى نجمة سياسية تشتهر بخطاباتها النارية في البرلمان، وعلى ذراعها صورة وشم للمفكرة اليسارية روزا لوكسمبورج وصورة وشم آخر لـ”نفرتيتي” وهي ترتدي قناع الغاز، إضافة إلى حضورها القوي على منصات الشبكات الاجتماعية.
ورغم صغر سنها نسبياً، استطاعت رايشينيك جذب جمهور واسع من الشباب والنساء والشرائح الأقل دخلاً، مدفوعة بأجندة اجتماعية قوية تطالب بتخفيض إيجارات البيوت، وزيادة الدعم الاجتماعي، والوقوف في وجه ما تراه عودة إلى الخطاب اليميني العنصري.
أبرز تجليات صعودها كانت لحظة وقوفها تحت قبة البوندستاج تنتقد تحالف الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU) مع حزب البديل (AfD) للتصويت على مشروع قانون لتشديد قوانين الهجرة، حينها ألقت كلمة حماسية في البرلمان تتحدث عن خطر “الفاشية” وضرورة “مواجهة التطرّف اليميني قبل فوات الأوان”، فانتشرت كلمتها بسرعة هائلة، وأصبحت رمزاً للمقاومة اليسارية في نظر مؤيديها، وحقق تسجيل للكلمة على منصة “تيك توك” ملايين المشاهدات.
وهكذا، بينما تمثّل فايدل الوجه العالمي لليمين المتطرف، استطاعت رايشينيك أن تبثّ روحاً شبابية في تيار يساري متشدد عجوز، ليجد كلا الطرفين مكاناً بارزاً في انقسام ألماني جديد ينهض بين القلق الاقتصادي وصراع الهوية والتدخلات الخارجية في فترة مفصلية من تاريخ البلاد.
ووسط هذا المشهد الانتخابي المعقد، أثارت كلمة نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس في أثناء مؤتمر ميونخ للأمن 2025، موجة غضب لدى السياسيين الألمان ووسائل الإعلام المحلية؛ فقد قال إن أوروبا نفسها –وليس روسيا أو الصين– أصبحت تهديداً للقيم الديمقراطية، ودعا علناً إلى إنهاء “الحواجز” أمام التعاون مع حزب “البديل من أجل ألمانيا”. ثم قام بخطوة غير مسبوقة بلقاء أليس فايدل، زعيمة حزب “البديل”، التي منعها منظمو المؤتمر من الحضور، ما عُدّ تدخلاً في الشؤون الداخلية الألمانية.
بعد خطاب دي فانس، هرع وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس إلى غرفة مع اثنين من مستشاريه لإعادة كتابة كلمته التي كان من المقرر أن يلقيها في اليوم نفسه.
وبعد أقل من ساعة، وقف وزير الدفاع المعروف بصراحته التي جعلته الأكثر شعبية في ألمانيا، أمام المنصة وهو غاضب بوضوح، قائلاً: “لقد تحدث (فانس) عن إبادة الديمقراطية، وإذا كنتُ قد فهمته بشكل صحيح، فقد قارن الوضع في أجزاء معينة من أوروبا بالأنظمة الاستبدادية”، وأضاف: “أيها السيدات والسادة، هذا أمر غير مقبول”.
كما ساهم الملياردير إيلون ماسك المقرّب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في تغذية خطاب حزب “البديل” من خلال إعلانه دعم الحزب، والتقليل من أهمية تركيز ألمانيا على ماضيها النازي.
مع ذلك، ليس من المتوقع أن تتبوأ فايدل أو رايشينيك بعد الانتخابات منصباً سياسياً بارزاً، لكنهما ستشكلان تحدياً أمام السيناريوهات المحتملة لتشكيل حكومة ائتلافية فعّالة.
وعلى الرغم من أن معظم الباحثين المتخصصين في دراسة نتائج الانتخابات يرون أن السيناريوهات في الانتخابات الألمانية لا تزال مفتوحة، مع أن هناك حقيقتين: أولاً، يبدو أن فريدريش ميرز من الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU)، المرشح الأكثر حظاً لتشكيل ائتلاف حكومي. وثانياً، أن أي تحولات طفيفة يوم الانتخابات قد يؤدي إلى تغيير جذري في فرصه لتشكيل الحكومة. لذلك، سنلقي نظرة مسبقة على السيناريوهات المختلفة وتداعياتها، بناء على التحليل الذي أدلى به لـ”الشرق” البروفيسور جيرو نويجباور (جامعة برلين)، وهو باحث في العلوم السياسية، مختص بشؤون الأحزاب الألمانية وتحالفاتها، إضافة إلى تحليل موسع أجراه البروفيسور شتيفان براون، وهو أيضاً متخصص بشؤون الأحزاب الألمانية.
السيناريو الأول: حزب الاتحاد المسيحي يختار بين أحد شريكين: الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) أو الخضر (Grüne)
على الرغم من أن حزب الاتحاد المسيحي (CDU/CSU) لم يصرح بذلك علناً، هذا السيناريو يُعد حلماً بالنسبة للحزب الديمقراطي المسيحي. فإذا فشل كل من الحزب الديمقراطي الحر (FDP)، وتحالف سارة فاجنكيشت، في تجاوز حاجز 5% لدخول البرلمان، سيكون بإمكان الاتحاد المسيحي، إجراء محادثات مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر، ثم اختيار شريك للتحالف معه. ومع ذلك، فإن ميرز سيواجه تحديات في تنفيذ وعده الانتخابي بـ”تغيير سياسي حقيقي”.
لكن هناك فرصة في أن يتمكن ميرز من بناء قواعد ثقة مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، سواء في التعامل مع الأزمات العالمية الكبرى مثل الحرب في أوكرانيا، أو في تطبيق سياسة هجرة أكثر صرامة. حتى إن حل النزاع بشأن إصلاح “مكابح الديون” يبدو ممكناً بعد الأزمة التي شهدتها قمة ميونيخ مع نائب الرئيس الأميركي.
ويعتمد الأمر على قرار الحزب النهائي لكيفية التعامل مع ميرز. ورغم أن حزب “الخضر” لا يبدو بديلاً حقيقياً، فإن ميرز يريد استخدامهم كورقة ضغط في أثناء المفاوضات مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) بعدم رفع سقف مطالبه.
السيناريو الثاني: حزب الاتحاد المسيحي + الحزب الاشتراكي الديمقراطي + الحزب الديمقراطي الحر (FDP)
هذا السيناريو يثير قلقاً كبيراً داخل الاتحاد المسيحي. وبالرغم من وجود بعض التعاطف التقليدي مع الحزب الديمقراطي الحر (FDP)، إلا أن فكرة تشكيل تحالف مع حزب يقوده كريستيان ليندنر الذي أثارت في الفترة الأخيرة سلوكياته غير “الدولتية”، مخاوف عدة، يبدو مقلقاً بالنسبة للاتحاد المسيحي.
تكمن المشكلة الأولى في أن قيادة الحزب الديمقراطي الحر لم تثبت نفسها كشريك يمكن الثقة به. والثانية، أن قضية رفع “مكابح الديون” أصبحت ذات أهمية قصوى، خاصة بعد مؤتمر ميونيخ للأمن.
وليندنر كان وزيراً للمالية في حكومة شولتز، لكنه انسحب فجأة من الحكومة، ما أدى إلى انهيارها والدعوة إلى انتخابات مبكرة، لأنه كان يرفض مطالبات شولتز برفع القيود عن حد أعلى لديون الدولة.
ويجد الكثيرون في قيادات حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) صعوبة في تصور أن ليندنر قادر على الدخول في ائتلاف حكومي جديد، وأن ينقلب جذرياً على سياساته. علاوة على ذلك، فإن الحزب الاشتراكي الديمقراطي قد يرفض الدخول في أي ائتلاف حكومي يضم أيضاً ليندنر.
السيناريو الثالث: حزب الاتحاد المسيحي + الحزب الاشتراكي الديمقراطي + الخضر
هذا السيناريو يمثل كابوساً داخل الاتحاد المسيحي في الوقت الحالي، لسببين رئيسيين. الأول، أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر سيكونان متساويين في القوة تقريباً مع الاتحاد المسيحي (CDU/CSU)، ما يعني أن وزن الحزب داخل الائتلاف سيصبح أقل، ومن ثمّ سيصبح تنفيذ “التغيير السياسي” الذي وعد به ميرز أكثر صعوبة. الثاني، أن مشاركة الخضر في الحكومة تُعتبر مستبعدة تماماً داخل الحزب الاجتماعي المسيحي (CSU).
وسيتطلب هذا السيناريو مهارات تفاوضية عالية من ميرز في محادثاته مع “الحزب الاشتراكي الديمقراطي”، و”الخضر” للوصول إلى اتفاق يمكن تسويقه على أنه “تحول سياسي” و”بداية جديدة”، لا سيما فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والمناخية والهجرة. ومع ذلك، ورغم صعوبة هذا السيناريو، فإن ميرز يدرك تماماً أنه احتمال وارد.
السيناريو الرابع: أن يحقق الاتحاد المسيحي فوزاً كاسحاً لكن بثمن
من منظور ميرز، يبدو هذا السيناريو بمثابة الحلم، خاصة في ظل ثبات استطلاعات الرأي عند مستويات منخفضة لعدة أشهر. ومع ذلك، فإن العديد من القادة في الحزب الديمقراطي المسيحي يعتبرونه أمراً ممكناً، لسببين: الأول، أن العديد من الناخبين يفضلون الانضمام إلى الطرف الفائز في نهاية الأمر. الثاني، أن “الحزب الاشتراكي الديمقراطي” و”الخضر”، لا يمكنهما الادعاء بشكل مقنع بأن لديهما فرصة لتولي منصب المستشارية، ما يجعل ميرز المرشح الوحيد دون منافسة مباشرة.
لكن هناك مشكلة: إذا جاء هذا النجاح على حساب الحزب الاشتراكي الديمقراطي، فسيؤدي ذلك إلى إضعاف قيادة الحزب الاشتراكي داخلياً، ما سيجعل من الصعب عليها إقناع أعضائها بالدخول في تحالف مع ميرز، الذي لا يحظى بشعبية كبيرة داخل الحزب. لذلك، رغم أن “الاتحاد المسيحي” قد يبتهج بهذا الفوز في البداية، قد يصبح تشكيل الحكومة أكثر تعقيداً بعد ذلك.
واستبعد البروفيسور نويجباور في حديثه لـ”الشرق”، أن يعقد ميرز تحالفاً مع “حزب البديل من أجل ألمانيا” (AfD)، وقال: “لا يزال الرفض الحازم للتعاون معه موقفاً ثابتاً في الحزب، مع أن هنالك بعض السياسيين داخل فروع الحزب في الولايات يدعون إلى التعاون مع حزب البديل”.
وحذّر من أن أي تغيير في الموقف تجاه حزب “البديل” قد يؤدي إلى تمزيق حزب “الاتحاد الديمقراطي المسيحي”، كما حصل مع الأحزاب التقليدية المحافظة الأخرى في فرنسا وإيطاليا، التي تفككت بعد فتح الباب أمام اليمين المتطرف.
ويتوجه الألمان الأحد 23 فبراير 2025، إلى صناديق الاقتراع، وسط تصاعد لليمين المتطرف وتحديات اقتصادية محتملة؛ إذ تشير التقارير إلى أن الاقتصاد الألماني يقترب من حالة ركود مستمر، في حين يواصل الناخبون الشكوى من ارتفاع كلفة المعيشة وأسعار إيجارات البيوت.
ويروّج حزب “البديل من أجل ألمانيا” لسياسات تهدف إلى تخفيف الأعباء الضريبية على الشركات والأسر الألمانية، إضافةً إلى انتقادات حادة للمشروع الأوروبي والعملة الموحدة.
بينما يطرح حزب اليسار (Die Linke) برامج لخفض الإيجارات وزيادة الإعانات الاجتماعية وتمويل الإنفاق الحكومي عبر فرض ضرائب أعلى على الأثرياء، ويستقطب الشباب الذين يخشون تحوّل البلاد نحو التطرف اليميني، ما يقلق الأطراف المؤيدة لاقتصاد السوق الحر.
في المقابل، تسعى الأحزاب التقليدية؛ الاشتراكي الديمقراطي، والاتحاد المسيحي، والخضر – إلى استعادة زمام المبادرة وتقديم حلول وسطية بين ضبط المالية العامة وتعزيز التنافسية الاقتصادية.
وقال بوريس بيلتونين، المتحدث باسم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لـ”الشرق”، إن حزبه “يريد زيادة النمو. لدينا 3 أفكار محددة لهذا الغرض: أولاً، نريد تشجيع الشركات على الاستثمار. ثانياً، نريد أن ننشئ صندوقاً (دويتشلاندفوندس) الذي يجمع رأس المال الخاص والعام لتمويل توسيع خطوط الكهرباء وشبكة التدفئة لدينا وبناء المساكن البلدية. وثالثاً، نريد تحديث قواني مكابح الديون لخلق مساحة أكبر للمناورة في الميزانية”.
وأضاف: “ألمانيا بلد هجرة. نحن منفتحون على هجرة اليد العاملة ومنفتحون على الأشخاص المضطهدين سياسياً ويحتاجون إلى حمايتنا. وفي الوقت نفسه، نريد الحد من الهجرة غير النظامية”.
وفي ظل هذه التحوّلات، يشير محللون إلى أن شكل الحكومة المقبلة لن يُحدد فقط السياسات الداخلية، بل قد يؤثر في مستقبل الدور الأوروبي لألمانيا وموقفها من قضايا الهجرة والاقتصاد والأمن. وبحسب كلمات البروفيسور نويجباور: “ما كان يبدو مستحيلاً في الماضي، قد يصبح واقعاً في ألمانيا” بعد 23 فبراير.