قال مسؤول السياسات في وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون”، إن واشنطن تعتزم لعب “دور محدود” في أي ضمانات أمنية لأوكرانيا، في واحدة من أوضح الدلائل حتى الآن على أن أوروبا سيتعين عليها تحمل عبء الحفاظ على سلام دائم في كييف، وذلك فيما يسعى الحلفاء الأوروبيون إلى صياغة هيكل للضمانات يشمل إرسال قوات برية إلى أوكرانيا.
وجاءت تصريحات إلبريدج كولبي، وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسات، الثلاثاء، خلال اجتماع ضم عدداً صغيراً من الحلفاء، رداً على أسئلة قادة عسكريين أوروبيين في جلسة ترأسها الجنرال دان كاين، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، وفق مجلة “بوليتيكو”
وقال مسؤولون أميركيون وأوروبيون، إن الاجتماع، إضافة إلى لقاء آخر عُقد على عجل لزعماء حلف شمال الأطلسي “الناتو”، الأربعاء، أثار قلقاً متزايداً لدى الحلفاء من أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيعتمد على أوروبا لضمان سلام طويل الأمد بمجرد انتهاء الغزو الروسي”.
وقال دبلوماسي في الحلف، تم اطلاعه على المداولات إن هناك إدراكاً متزايداً بأن أوروبا “ستكون الطرف الذي سينفذ ذلك على الأرض… الولايات المتحدة ليست ملتزمة بشكل كامل بأي شيء”.
وطالب قادة الدفاع في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وفنلندا الجانب الأميركي بالكشف عن طبيعة المساهمات التي يمكن أن تقدمها واشنطن من قوات وعناصر جوية لمساعدة أوكرانيا في الحفاظ على اتفاق سلام مع روسيا.
ويأتي ذلك، فيما اجتمع مسؤولون أوروبيون، الثلاثاء، لبحث خطة تقضي بإرسال قوات بريطانية وفرنسية إلى أوكرانيا ضمن اتفاق سلام، بما يشمل حجم وانتشار القوات العسكرية، وفقاً لمصادر مطلعة على الأمر. وقالت المصادر، التي طلبت عدم كشف هويتها، إن نحو 10 دول ستكون مستعدة لإرسال قوات إلى الدولة المنهكة بالحرب. لكن الشكل الذي سيكون عليه أي دعم أميركي لم يتضح بعد.
وتترقب حركة “اجعلوا أميركا عظيمة مجدداً” MAGA المؤيدة لترمب، لمعرفة الضمانات الأمنية التي ستقدمها الولايات المتحدة لأوكرانيا، ضمن أي اتفاق لإنهاء الحرب مع روسيا، في ظل تذبذبها بين الثقة في جهود ترمب للسلام، ونفور الحركة الراسخ من التدخل الأجنبي.
إلبريدج كولبي وتجميد مساعدات أوكرانيا
وأجرى وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسات هذا العام مراجعة لمخزونات الذخيرة الأميركية، دفعت وزير الدفاع بيت هيجسيث في يوليو الماضي، إلى تجميد المساعدات العسكرية المقدمة لأوكرانيا بشكل مؤقت، حتى دون إبلاغ البيت الأبيض.
كما ظل يضغط منذ فترة طويلة على الحلفاء الأوروبيين لبذل مزيد من الجهد في الدفاع عن القارة في مواجهة روسيا. واعتبرت “بوليتيكو” حضور كولبي في المحادثات مؤشراً على مسار أكثر صعوبة أمام أوروبا لتأمين دعم أمني أميركي.
وقالت المتحدثة باسم البنتاجون، كينجسلي ويلسون، في بيان: “وكيل الوزارة كولبي حضر اجتماع الليلة الماضية لنقل توجيهات الرئيس ترمب ووزير الدفاع هيجسيث المتعلقة بالضمانات الأمنية لأوكرانيا، بينما ندعم جهود الرئيس التاريخية لإنهاء هذا الصراع المأساوي”.
وأضاف: “كولبي ركز خلال الاجتماع على ضمان أن تعكس النقاشات تصريحات الرئيس ترمب بشأن القضية”.
وفي الإطار، قال أحد المسؤولين الأوروبيين: “لا نعلم أين يتركنا ذلك، الأمر يعيدنا عملياً إلى المربع الذي كنا فيه في الربيع مع تحالف الراغبين”، فيما حذر بعض المسؤولين الأوروبيين من أن اجتماعات هذا الأسبوع تمثل بداية سلسلة من “المفاوضات المعقدة والمساومات”، بينما تحاول أوروبا التعامل مع جهد محتمل “ضخم ومكلف” للحفاظ على السلام.
وتسلط هذه اللقاءات، التي جاءت بعد أيام من اجتماع ترمب والقادة الأوروبيين مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض في إظهار لوحدة الصف، الضوء على ضخامة المهمة التي تنتظر الحلفاء، إذ يدرسون خططاً لإرسال قوة لحفظ السلام إلى أوكرانيا وشراء مزيد من الأسلحة الأميركية لصالح كييف.
مهمة حلفاء أوكرانيا
وأسفرت اجتماعات البيت الأبيض، الاثنين، عن التزام أميركي أوضح بالضمانات الأمنية لأوكرانيا، رغم رفض الرئيس الأميركي، تقديم ضمانات في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أو نشر قوات أميركية على الأرض.
وكان ترمب أعلن، الاثنين الماضي، استعداده لإرسال قوات أميركية إلى أوكرانيا، لكنه تراجع في اليوم التالي، ملمحاً بدلاً من ذلك إلى إمكانية توفير دعم جوي للقوات الأوروبية هناك.
وقدم الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، الذي شارك في اجتماع البيت الأبيض، الأربعاء، إحاطة لـ32 دولة من أعضاء الحلف في بروكسل بشأن المحادثات، وبدأ مناقشة الضمانات الأمنية بشكل عام، وفق مسؤول في الحلف.
وكان من المقرر أن يعقد قادة الدفاع في دول “الناتو” اتصالاً مرئياً أكثر تفصيلاً في وقت لاحق من اليوم نفسه.
وقال مسؤول آخر في الحلف إن الأعضاء يأملون التوصل إلى خطط قابلة للتنفيذ لعرضها على قادتهم السياسيين، مضيفاً أن “التخطيط العسكري في أوروبا يجري تعديله لمواجهة أي سيناريو، فيما تستمر المساعي الدبلوماسية بالتوازي”.
في المقابل، طرحت الإدارة الأميركية مدينة بودابست كمكان محتمل لإجراء محادثات بين زيلينسكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، باعتبارها الخطوة التالية المرجحة في عملية السلام، لكن زيلينسكي قال الخميس، إن الأمر يمثل “تحدياً”، في الوقت الحالي.
ولا يعتقد سوى عدد قليل من المسؤولين أن الأمور ستسير بالسرعة التي يطالب بها ترمب، إذ قال أحد المسؤولين الأوروبيين: “الخلاصة الأساسية هي أن (اتفاق السلام) لا يتقدم بسرعة كبيرة”.
زيلينسكي: لا إشارات على إنهاء الحرب
والخميس، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس، إن أوكرانيا وأوروبا تريدان رؤية رد فعل قوي من الولايات المتحدة، إذا ما لم يكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جاهزاً لعقد اجتماع ثنائي، معتبراً أنه “لا توجد أي مؤشرات من موسكو على استعدادها لإنهاء الحرب وإجراء محادثات جوهرية”، وشدد على أن بلاده لن تعترف قانونياً بـ”احتلال” أراضيها.
وأضاف زيلينسكي في مؤتمر صحافي بكييف، أن بلاده تريد التوصل إلى تفاهم بشأن الضمانات الأمنية خلال 7 إلى 10 أيام، ثم يلي ذلك الاجتماعات الثنائية مع بوتين، والثلاثية التي تضم الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وفق ما نقلت عنه وكالة “رويترز”.
واعتبر زيلينسكي أن موسكو لا تظهر أي مؤشرات على نيتها عقد الاجتماع الثنائي، أو استعدادها لإنهاء الحرب.