أعلنت وزارة الحرب الأميركية فتح تحقيق مع السيناتور الديمقراطي مارك كيلي، بشأن احتمالية ارتكاب خروقات للقانون العسكري، وذلك عقب ظهوره في مقطع فيديو برفقة عدد من أعضاء الكونجرس يحثون فيه الجنود على رفض أي “أوامر غير قانونية”، وفق ما أفادت وكالة “أسوشيتد برس”.

وأوضحت الوكالة أن بيان “البنتاجون”، الذي نُشر الاثنين، استند إلى قانون فيدرالي يجيز استدعاء العسكريين المتقاعدين إلى الخدمة الفعلية بأمر من وزير الحرب للمثول أمام محكمة عسكرية أو اتخاذ إجراءات أخرى.

وكان كيلي قد خدم سابقاً في سلاح البحرية الأميركية كطيّار مقاتل قبل أن ينتقل للعمل كرائد فضاء، وتقاعد برتبة نقيب.

ووصفت الوكالة خطوة “البنتاجون” بأنها “غير معتادة”، مشيرة إلى أن الوزارة كانت تحرص، حتى فترة الولاية الثانية للرئيس دونالد ترمب، على تجنّب أي مظهر من مظاهر التسييس، إذ نادراً ما توجه تهديداً مباشراً لعضو في الكونجرس بفتح تحقيق.

وأشار “البنتاجون”، في بيانه، إلى أن تصريحات كيلي في الفيديو قد تؤثر على “الولاء والمعنويات أو الانضباط داخل القوات المسلحة”، مستشهداً بقانون فيدرالي يحظر مثل هذا النوع من التأثيرات.

وجاء في البيان: “بدأت مراجعة شاملة لهذه الادعاءات لتحديد الخطوات المقبلة، والتي قد تشمل الاستدعاء إلى الخدمة الفعلية لإجراء محاكمة عسكرية أو اتخاذ إجراءات إدارية”.

كيلي يخضع لسلطة “البنتاجون”

ووفق التقرير، ظهر كيلي في الفيديو الذي نُشر الثلاثاء الماضي إلى جانب خمسة مشرّعين آخرين من قدامى العسكريين أو العاملين السابقين في أجهزة الاستخبارات، حيث وجّهوا رسائل “مباشرة إلى أفراد القوات المسلحة”.

وقال كيلي للجنود: “يمكنكم رفض الأوامر غير القانونية”، فيما شدد مشرّعون آخرون على ضرورة أن “يدافع العسكريون عن القوانين… وعن الدستور”.

ومن جانبه، صرّح وزير الحرب بيت هيجسيث، في منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بأن كيلي هو المشرّع الوحيد الذي يخضع للتحقيق، لأنه الوحيد الذي تقاعد رسمياً من الجيش، وبالتالي ما زال خاضعاً لسلطة البنتاجون.

وأضاف: “تصرفات كيلي تسيء إلى القوات المسلحة، وسيتم التعامل معها بالشكل المناسب”.

وذكرت الوكالة أنه بعد أيام من نشر الفيديو، اتهم الرئيس ترمب المشرّعين الذين ظهروا فيه بـ”الخيانة العظمى المعاقَب عليها بالإعدام”، وذلك في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي.

كما نقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن المتحدث باسم “البنتاجون”، شون بارنيل، قوله في بيان: “قواتنا المسلحة تنفذ الأوامر، ومدنيوها يصدرون أوامر قانونية”. وأضاف: “هؤلاء السياسيون فقدوا صوابهم”.

“دفاع نورمبرج”

وخلال مقابلة على شبكة CBS، الأحد، وصف كيلي تصريحات ترمب بأنها “بالغة الخطورة”، و”ذات تأثير كبير”، مؤكداً أن “ما يقوله (الرئيس) أدى إلى زيادة التهديدات الموجهة إلينا”. ولم يرد مكتب كيلي على طلب الوكالة التعليق بشأن تحقيق البنتاجون.

وأوضح التقرير أن العسكريين، وخصوصاً القادة منهم، ملتزمون قانونياً برفض الأوامر غير القانونية إذا توصّلوا إلى أنها كذلك، إذ يتوفر للقادة مستشارون قانونيون عسكريون يساعدونهم في اتخاذ هذا القرار، بينما يفتقر كثير من الجنود من الرتب الدنيا إلى هذا الدعم، ويعتمدون عادة على توجيهات قيادتهم المباشرة.

ولفتت الوكالة إلى أن السوابق القانونية تؤكد أن فكرة “مجرد تنفيذ الأوامر”، المعروفة اصطلاحاً بـ”دفاع نورمبرج”، وهو التبرير الذي استخدمه مسؤولون وضباط نازيون بارزون خلال محاكمات نورمبرج دون جدوى لتبرير أفعالهم في عهد أدولف هتلر، لا تعفي العسكريين من المسؤولية.

ومع ذلك، أشارت “أسوشيتد برس” إلى أن ردود فعل العسكريين على الفيديو عبر الإنترنت كانت “شبه معدومة”، ناقلة عن عسكري سابق يشارك في إدارة منتدى عسكري إلكتروني، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله إنه “من غير المرجح أن تصل رسالة المشرّعين إلى الجنود أصلاً، لأن الفيديو نُشر حصراً على منصة (إكس)، وكان طويلاً للغاية بحيث لا يمكن تداوله على منصات مثل (تيك توك) التي يعتمد عليها الجنود عادة في الحصول على المعلومات”. 

شاركها.