في ظل تصاعد المنافسة الاستراتيجية وتزايد الضغوط العملياتية، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، قبل أيام، عن استثمار جديد يقارب مليار دولار لضمان الدعم طويل الأمد لصواريخ كروز AGM-158، وتحديداً صاروخ (LRASM) طويل المدى المضاد للسفن، وصاروخ (JASSM) جو-أرض بعيد المدى.

ويندرج هذا التمويل ضمن اتفاقية إطارية قائمة تتيح توريد كميات غير محددة من هذه الأسلحة الاستراتيجية، وفقاً لموقع Army Recognition.

ويستفيد من هذا العقد شركة “لوكهيد مارتن” (Lockheed Martin)، بوصفها المقاول الرئيسي والشركة المصنعة لكلا النظامين، حيث ستتم عمليات الإنتاج في منشآتها بمدينة أورلاندو في ولاية فلوريدا، على أن يُستكمل المشروع بحلول 17 يوليو 2030.

ويهدف التمويل إلى ضمان استمرارية خطوط الإنتاج، وتعزيز مرونة قطاع الصناعات الدفاعية الأميركية من خلال مشتريات تمتد لعدة سنوات، والتي تُعتبر ضرورية لتعزيز قدرة الجيش الأميركي على التصعيد السريع في أوقات الأزمات.

مواصفات AGM-158

يُمثّل صاروخا AGM-158 JASSM، وAGM-158C LRASM نسختين متطورتين من بنية تكنولوجية مشتركة طورتها شركة Lockheed Martin وتُتستخدم بشكل واسع لدى القوات الأميركية وحلفائها.

وصُمم صاروخ JASSM في الأصل لضرب أهداف استراتيجية محصنة بدقة عالية من مسافات بعيدة، ويبلغ مدى نسخته الأساسية 370 كيلومتراً، بينما تصل نسخة JASSM-ER المطورة إلى مدى 1000 كيلومتر بفضل محرك توربيني مطور وخزان وقود موسّع

ويستخدم الصاروخ نظام ملاحة بالقصور الذاتي مدعوماً بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، إلى جانب مستشعر حراري متطور ونظام التعرف التلقائي على الأهداف (ATR)، مع هامش خطأ دائري (CEP) لا يتجاوز ثلاثة أمتار.

ويبلغ وزن رأسه الحربي المخترق 432 كيلوجراماً، ويمكن إطلاقه من طائرات متعددة مثل B-1B وF-16، وحتى عبر نظام الإسقاط الجوي “رابيد دراجون” (Rapid Dragon) من طائرات الشحن.

أما نظام LRASM، المُشتق من نظام JASSM-ER، فقد تم تطويره خصيصاً لتلبية متطلبات الحرب البحرية الحديثة، لا سيما في بيئات الحرب الإلكترونية التي التي يصعب فيها الاعتماد على إشارات GPS أو شبكات القيادة والتحكم.

ويتميز الصاروخ بأجهزة استشعار سلبية متعددة الوظائف، ونظام ملاحة مضاد للتشويش، مع نظام اختيار أهداف ذاتي، ما يتيح له تحديد الأهداف البحرية وضربها حتى مع بيانات توجيه ضعيفة أو غير دقيقة.

ويبلغ وزن رأسه الحربي 1000 رطل، ويُحلق على ارتفاع منخفض فوق سطح البحر لتقليل بصمته الرادارية، فيما ويتجاوز مداه 200 ميل بحري. وقد حقق بالفعل تكاملاً تشغيلياً مع طائرات B-1B التابعة لسلاح الجو الأميركي وطائرات F/A-18E/F التابعة للبحرية الأميركية.

كما يجري حالياً تطوير نسخة للإطلاق العمودي متوافقة مع أنظمة Mk 41 المستخدمة في الأسطول الأميركي.

ويُمثّل الصاروخان معاً جيلاً جديداً من أسلحة كروز دون سرعة الصوت، منخفضة الرصد، والقادرة على اختراق الدفاعات الجوية الحديثة.

وبينما يُوفر صاروخ JASSM قدرة هجومية استراتيجية ضد أهداف برية، يُوسّع صاروخ LRASM هذه القدرة إلى المجال البحري، مع استفادتهما من قاعدة لوجستية مشتركة.

ويعزز إنتاجهما واسع النطاق، ونسخهما القابلة للتصدير، وبرامج التحديث المستمرة، بما في ذلك نسخة JASSM-XR بعيدة المدى وترقيات الربط البياني الآني، من دورهما المتنامي في عقائد الضربات بعيدة المدى لدى الحلفاء.

تحديث تكتيكي شامل

وفي موازاة هذا الاستثمار، تواصل Lockheed Martin جهودها لدمج الصاروخين على نقاط التعليق الخارجية لمقاتلات F-35 Lightning II، لا سيما النسخة F-35B.

ويُعد هذا التكامل جزءاً من برنامج التحديث (Block 4)، الذي وصفه مسؤولو الشركة في معرض باريس الجوي 2025 باعتباره “التحديث الأكثر طموحاً حتى الآن”.

كما تنفذ الشركة عقد استحواذ عاجل لصالح مكتب نشر نظام LRASM، لتحسين تقنيات سبق تسليمها ضمن برامج القدرة التشغيلية الأولية (IOC) لطائرات B-1B وF/A-18E/F.

وبالتوازي مع ذلك، تُبذل جهود كبيرة لتطوير نسخة إطلاق عمودي متوافقة مع أنظمة Mk 41 الحالية في الأسطول الأميركي.

وكجزء من تعزيز القدرات، افتتحت Lockheed Martin في يونيو 2022 منشأة إنتاج جديدة، تضم خطوط طلاء روبوتية، واختبارات آلية، وأنظمة محاكاة إنتاجية؛ لتحسين تخطيط الإنتاج المستقبلي.

ويؤكد هذا الاستثمار الإضافي، التزام الولايات المتحدة بتطوير ودعم قدرات الضربات بعيدة المدى، التي تُعد ضرورية في بيئة استراتيجية تتسم بتصاعد التهديدات البحرية والبرية، ويدعم هذا التعزيز بنية ردع هجومية تعتمد على تعدد المنصات ودقة الذخائر المتقدمة الحديثة.

شاركها.