قال البيت الأبيض إن أوروبا مهددة بـ “زوال حضاري” نتيجة لعقود من الانخفاض الاقتصادي، والرقابة السياسية، والهجرة، وذلك وفقاً لوثيقة جديدة للأمن القومي تُعتبر هجوماً آخر من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على القارة، بحسب “بلومبرغ”.

وتضمنت استراتيجية الأمن القومي، التي نشرها البيت الأبيض مساء الخميس، ووقعها ترمب، أن فشل أوروبا الثقافي والسياسي يشكل تهديداً أكبر لطريقة الحياة في القارة من أدائها الاقتصادي الضعيف.

وجاء في الوثيقة: “إن هذا الانخفاض الاقتصادي يتضاءل أمام الاحتمال الأكثر وضوحاً والأكثر قسوة للزوال الحضاري (…) إذا استمرت الاتجاهات الحالية، ستصبح القارة غير قابلة للتعرف عليها في غضون 20 عاماً أو أقل”.

وتنص وثيقة الاستراتيجية التي نشرها البيت الأبيض على أن “الاتحاد الأوروبي نفسه يتحمل مسؤولية العديد من مشكلات أوروبا”.

وتضمنت الوثيقة أن الكتلة الأوروبية أضعفت الحريات السياسية وفشلت في التصدي للهجرة التي قالت الولايات المتحدة إنها تؤجج التوترات الاجتماعية. كما هاجم التقرير ما وصفه بالرقابة والقيود على الحركات السياسية المعارضة.

إنهاء حرب أوكرانيا

ونصت أهداف الولايات المتحدة الرئيسية في أوروبا على إنهاء سريع للحرب في أوكرانيا، وفتح أسواق القارة أمام الشركات الأميركية، ومنع التوسع المستمر لحلف الناتو، حسبما ذكر التقرير.

وتطرق التقرير إلى غزو روسيا لأوكرانيا في نهاية الوثيقة فقط، وفي تلك النقاط الأخيرة، انتقدت الوثيقة القادة الأوروبيين وقالت إن إنهاء الحرب هو مفتاح الاستقرار الاستراتيجي مع روسيا.

وجاء في الوثيقة: “تجد إدارة ترمب نفسها في خلاف مع المسؤولين الأوروبيين الذين يحملون توقعات غير واقعية للحرب بينما هم في حكومات أقلية غير مستقرة، العديد منها يتجاهل المبادئ الأساسية للديمقراطية لقمع المعارضة”.

وجاء في الوثيقة أن أوروبا تظل حيوية إستراتيجياً وثقافياً للولايات المتحدة.

استراتيجية الأمن القومي، التي من المفترض أن تُنشر كل عام، ليس لها قوة قانونية، لكنها تشير إلى أولويات البيت الأبيض حول العالم. وقد ركزت الإصدارات السابقة في عهد الرئيس السابق جو بايدن وفي أول ولاية لترمب على التهديد الذي تمثله الصين وخصوم آخرون للولايات المتحدة بدلاً من توجيه انتقادات الولايات المتحدة إلى حلفائها في أوروبا.

انقسام أميركي أوروبي

بعد نحو عام من عودة ترمب إلى منصبه، أصبحت الانقسامات الأيديولوجية بين الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين في أوروبا واضحة، بحسب “بلومبرغ”.

وهاجم البيت الأبيض إجراءات الاتحاد الأوروبي التنظيمية تجاه شركات التكنولوجيا الأميركية، وقدم دعماً علنياً للأحزاب اليمينية المتطرفة عبر القارة، وهدد بقطع الدعم عن أوكرانيا ما لم تقدم كييف تنازلات شاملة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وكافحت الحكومات الأوروبية لوضع رد منسق منذ هجوم شنه نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس على الاتحاد الأوروبي في فبراير. ومؤخراً، كانت تصارع من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن خطة لاستخدام الأصول الروسية المجمدة التي تُحتفظ بها أساساً في بلجيكا لدعم قرض جديد تحتاجه أوكرانيا للحفاظ على حربها ضد الغزو الروسي.

ومن المتوقع أن يلتقي المستشار الألماني فريدريش ميرتس مع نظيره البلجيكي بارت دي ويفر ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في محاولة لطمأنة البلجيكيين أنهم لن يكونوا مسؤولين إذا قامّت روسيا بتحدي قانوني ناجح ضد هذه الخطة.

بينما كانت الحكومات الأوروبية تتصارع بشأن الضمانات لبلجيكا، كانت الولايات المتحدة تشجع بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على تأجيل الخطة، كما أفادت “بلومبرغ” في وقت سابق الجمعة.

وقد حددت الإدارة الأميركية نحو 140 مليار دولار من الأصول الروسية المحتفظ بها في بلجيكا كمصدر محتمل للأرباح بعد الحرب. بموجب خطة السلام المكونة من 28 نقطة التي تم إعدادها بين الولايات المتحدة وروسيا الشهر الماضي، سيتم استثمار الأموال في إعادة إعمار أوكرانيا والمشاريع التجارية بين الولايات المتحدة وروسيا، مع تخصيص 50% من الأرباح للولايات المتحدة.

ودفع فرض المفوضية الأوروبية غرامة قدرها 120 مليون يورو على منصة “إكس” التابعة لإيلون ماسك، الجمعة، لانتهاكها قوانين الاتحاد الأوروبي بشأن الاعتدال في المحتوى، الإدارة الأميركية إلى استياء إضافي.

وقال فانس قبل إعلان الغرامة: “يجب على الاتحاد الأوروبي دعم حرية التعبير، وليس مهاجمة الشركات الأميركية من أجل هراء”.

إعادة التوازن مع الصين

وفي هذه الاستراتيجية، كانت اللغة المستخدمة بشأن خصوم الولايات المتحدة، بما في ذلك الصين وروسيا، متواضعة.

ونصت الاستراتيجية على أن ترمب قد “عكس” ثلاثين عاماً من السياسة “الخاطئة” بعد أن “أصبحت الصين غنية وقوية، واستخدمت ثروتها وقوتها لصالحها”.

وتركز الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة على تعهد ترمب بـ “إعادة التوازن” للعلاقة الاقتصادية مع الصين من خلال العمل مع الحلفاء لمكافحة الدعم الحكومي، وسرقة الملكية الفكرية، وعمليات التأثير.

وأشار التقرير إلى أن ردع غزو صيني لتايوان يبقى أولوية، لكن الجيش الأميركي “لا يمكنه، ولا يجب عليه، أن يفعل ذلك بمفرده”، مؤكداً أن الدول في المنطقة بحاجة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي والسماح للجيش الأميركي بالوصول إلى المزيد من الموانئ والمنشآت الأخرى.

وتضمنت الوثيقة: “يجب على حلفائنا أن ينهضوا وينفقوا — والأهم من ذلك أن يفعلوا — المزيد من أجل الدفاع الجماعي”.

شاركها.