أقال البيت الأبيض، الأربعاء، سوزان موناريز من منصبها كمديرة لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، بعد أن رفضت الاستقالة تحت ضغوط لتغيير سياسة اللقاحات، ما أدى إلى استقالة مسؤولين كبار آخرين في المراكز، وأثار مواجهة بشأن إمكانية عزلها، وفق “واشنطن بوست”.
وجاء الإعلان، مساء الأربعاء، عبر وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية، التي أكدت أن موناريز لم تعد تشغل المنصب، بينما رد محاموها ببيان “شديد اللهجة” قالوا فيه إنها “لم تستقل ولم تُفصل”.
واتهم المحامون، وزير الصحة روبرت كينيدي جونيور، بـ”استخدام الصحة العامة كسلاح لتحقيق مكاسب سياسية”، و”تعريض حياة ملايين الأميركيين للخطر” من خلال إقصاء مسؤولين صحيين من الحكومة.
وقال المحاميان مارك زيد وأبي لويل في بيانهما: “حين رفضت مديرة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها سوزان موناريز تمرير توجيهات غير علمية ومتهورة، ورفضت إقالة خبراء صحيين متفانين، اختارت حماية الشعب على حساب خدمة أجندة سياسية… ولهذا السبب جرى استهدافها”.
وبعد وقت قصير من صدور هذا البيان، أعلن البيت الأبيض رسمياً إقالة موناريز، حسبما ذكرت “واشنطن بوست”.
“عدم انسجام”
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، كوش ديساي، عبر رسالة إلكترونية للصحيفة: “كما هو واضح تماماً من بيان محاميها، فإن سوزان موناريز ليست منسجمة مع أجندة الرئيس، لجعل أميركا بصحة جيدة مجدداً”.
وأضاف: “وبما أن موناريز رفضت الاستقالة رغم إبلاغها من قيادة وزارة الصحة بنيتها القيام بذلك، فقد أنهى البيت الأبيض عملها في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها”.
لكن المحامي زيد أكد أن موناريز “لم تكن تنوي الاستقالة مطلقاً، ولم تخبر أي شخص بنيتها القيام بذلك، ولا تزال قانونياً في منصبها، لأن الرئيس دونالد ترمب لم يقيلها بشخصه”.
مراكز السيطرة على الأمراض
وشهد، الأربعاء، سلسلة تغييرات، شملت استقالة المسؤول الطبي الأول بالوكالة ومدير مركز الأمراض المعدية وعدداً من كبار المسؤولين، ما أضاف مزيداً من الاضطراب داخل الهيئة الصحية الأبرز في البلاد.
ولطالما انتقد كينيدي وحلفاؤه مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، معتبرين أنها متساهلة للغاية مع صناعة الأدوية، ومصنعي اللقاحات.
ومنذ توليه منصبه كأكبر مسؤول عن الصحة في البلاد، أحدث كينيدي تحولات جوهرية في سياسات اللقاح، إذ حدد، الأربعاء، نطاق الموافقة على لقاحات “كورونا” لتقتصر على الفئات الأكثر عرضة للخطر، كما اتخذ خطوات يخشى خبراء طبيون أن تقوض استجابة قطاع الصحة العامة في البلاد.
وتعرضت موناريز، التي تم التصديق على تعيينها في أواخر يوليو الماضي، على مدى أيام، لضغوط من كينيدي ومحامي الإدارة ومسؤولين آخرين بشأن ما إذا كانت ستدعم إلغاء بعض الموافقات على لقاحات “كورونا”، وفقاً لشخصين مطلعين على تلك المحادثات.
وقال الشخصان المطلعان إن كينيدي، الذي يمتلك تاريخاً طويلاً في الدعوة المناهضة للقاحات، ومسؤولين آخرين استجوبوا موناريز، الاثنين الماضي، حول ما إذا كانت منسجمة مع جهود الإدارة لتغيير سياسة اللقاحات.
وقال مسؤول في الإدارة وشخص آخر مطلع بشكل مباشر على تلك المحادثة إن كينيدي وأحد أبرز مستشاريه، ستيفاني سبير، ضغطا أيضاً على موناريز، لإقالة كبار موظفيها بحلول نهاية هذا الأسبوع.
سياسة اللقاحات
وأفاد شخصان أن موناريز، التي عملت طويلاً عالمة في الحكومة الفيدرالية قبل أن يرشحها ترمب لقيادة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، رفضت التعهد بدعم تغيير سياسة لقاحات “كورونا” من دون التشاور مع مستشاريها.
وأضاف أحدهما أن ذلك دفع كينيدي إلى حثها على الاستقالة بحجة أنها “لا تدعم أجندة الرئيس ترمب”.
وقال ثلاثة أشخاص مطلعين على المحادثات إن موناريز رفضت الاستقالة فوراً، ولجأت إلى السيناتور بيل كاسيدي (جمهوري من لويزيانا)، رئيس لجنة الصحة في مجلس الشيوخ، الذي أدلى بصوت حاسم للتصديق على تعيين كينيدي بعد أن حصل على تعهدات بحماية اللقاحات.
وأضافوا إن كاسيدي رفض “بشكل غير معلن” مطالب كينيدي، ما زاد من غضب الأخير الذي هاجم موناريز بسبب إشراكها السيناتور في الأمر، وخيّر مسؤولون في الإدارة موناريز بين الاستقالة أو الإقالة.
وفي منشور على “إكس”، مساء الأربعاء، قالت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية إن موناريز لم تعد مديرة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، وكتبت: “نشكرها على خدمتها المخلصة للشعب الأميركي.. الوزير كينيدي يثق تماماً بفريقه في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، الذي سيواصل اليقظة في حماية الأميركيين من الأمراض المعدية داخل البلاد وخارجها”.
من جانبه، كتب زيد في منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، مساء الأربعاء، أن موظفي البيت الأبيض في مكتب شؤون الموظفين أبلغوا موناريز بأنها أُقيلت، لكنه شدد على أنه “بصفتها موظفة مُعينة من قبل الرئيس، وتم التصديق على تعيينها من مجلس الشيوخ، فإن الرئيس نفسه وحده من يملك صلاحية إقالتها”.
وأضاف: “نرفض الإخطار الذي تلقته الدكتورة موناريز لكونه معيباً من الناحية القانونية، وهي ما زالت تشغل منصب مديرة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، وقد أبلغنا مستشار البيت الأبيض بموقفنا”.
وعلق كاسيدي على “إكس” قائلاً إن رحيل موناريز سيستدعي خضوع الأمر لرقابة من لجنته.