اخر الاخبار

التراشق بين الهند وباكستان يبقي النار تحت الرماد رغم الهدنة

رغم موافقتهما على تمديد اتفاق وقف إطلاق النار حتى 18 مايو، تستمر باكستان والهند في اتخاذ خطوات تصعيدية تهدد بعودة الحرب، في ظل مخاوف أميركية من احتمال خرق “الهدنة الهشة”، التي أعلن عنها الأسبوع الماضي “بشكل مفاجئ”.

وأوقفت الدولتان الجارتان، أسوأ قتال بينهما منذ ما يقرب من ثلاثة عقود بعد اتفاقهما على وقف إطلاق النار، السبت الماضي، عقب جهود دبلوماسية وضغوط من الولايات المتحدة.

لكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، سرعان ما عبّر عن قلقه من احتمال انهيار الاتفاق، إذ قال الخميس خلال زيارته قاعدة العديد الجوية في العاصمة القطرية الدوحة: “قمنا بتسوية الأمر. آمل، آمل ألا أغادر من هنا، ثم بعد يومين أكتشف أن الأمر لم يتم حله بعد، لكنني أعتقد أنه قد تم تسويته”.

ورغم الإعلان عن تمديد وقف إطلاق النار، إلا أن التوتر يزداد باستمرار، في ظل تواصل التهديدات المتبادلة بين الطرفين، والتي تترافق جولات ذات طابع عسكري، يقوم بها مسؤولون من الجانبين، لإظهار “الجهوزية، والقدرة على الردع”، ربما أكثر منه على الهجوم.

الهند تخطط لخفض حصة باكستان من مياه السند

وتدرس الهند خططاً لزيادة كميات المياه التي تسحبها من نهر السند، الذي يغذي المزارع الباكستانية، في خطوة قد تمثّل نقطة تحوّل في إدارة نظام مائي حدودي حيوي.

وأعلنت نيودلهي في أبريل، تعليق العمل بمعاهدة تقاسم مياه نهر السند، المبرمة منذ عقود مع جارتها باكستان، غداة هجوم استهدف مدنيِّين في الشطر الخاضع لإدارة الهند في إقليم كشمير، في 22 أبريل.

ونفت باكستان ضلوعها في الواقعة، لكن لم يعاد تفعيل الاتفاقية، رغم اتفاق الجارتين المسلحتين نووياً على وقف إطلاق النار.

وذكرت ستة مصادر لـ”رويترز” أنه بعد هجوم 22 أبريل، وجه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي المسؤولين بتسريع تخطيط وتنفيذ مشروعات على أنهار تشيناب وجهلم والسند، وهي ثلاثة مسطحات مائية متفرعة من مجرى نهر السند مصممة بشكل أساسي حتى تستخدمها باكستان.

وقال اثنان من الأشخاص إن إحدى الخطط الرئيسية قيد المناقشة تتضمن مضاعفة طول قناة رانبير على نهر تشيناب إلى 120 كيلومتراً، والتي تمر عبر الهند إلى مركز القوة الزراعية في باكستان في البنجاب.

وقالت 4 مصادر في إشارة لمناقشات ووثائق اطلعوا عليها، إن الهند يتاح لها سحب كمية محدودة من مياه نهر تشيناب للري، لكن قناة موسعة، قال الخبراء إن حفرها قد يستغرق سنوات، ستسمح لها بتحويل 150 متراً مكعباً من المياه في الثانية، ارتفاعاً من حوالي 40 متراً مكعباً حالياً.

وتعتمد نحو 80% من المزارع الباكستانية على نهر السند، كما هو الحال مع جميع مشاريع الطاقة الكهرومائية تقريباً التي تخدم البلاد التي يبلغ عدد سكانها حوالي 250 مليون نسمة.

كما هدد مودي، باستهداف ما سمّاها “مخابئ الإرهابيين” عبر الحدود مجدداً في حال حصول هجمات جديدة على بلاده، وهو ما اعتبرته إسلام أباد “تصريحات استفزازية”، وردّ عليها مسؤول كبير بالتهديد بـ”ضرب أهداف عالية القيمة وأخرى اقتصادية”.

ولم يتوقف التراشق بين الطرفين، إذا دعا مسؤول هندي إلى حفظ “الأسلحة النووية الباكستانية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، ما أغضب إسلام أباد، التي سارعت إلى الحديث عما سمته بـ”سرقات لمواد مشّعة من مراكز أبحاث هندية، مع التأكيد على أن قدراتها التقليدية كافية لردع نيودلهي”.

نيودلهي وسلاح باكستان النووي

وزار وزير الدفاع الهندي راجناث سينج، الخميس، الجزء الخاضع لإدارة الهند من كشمير لمراجعة الوضع الأمني العام والاستعداد القتالي للقوات في الخطوط الأمامية.

وخاطب سينج الجنود الهنود في سريناجار قائلاً: “لقد شهد العالم أجمع كيف هددت باكستان الهند بلا مسؤولية. واليوم، من أرض سريناجار، أود أن أطرح هذا السؤال: هل الأسلحة النووية آمنة في أيدي دولة مارقة، وغير مسؤولة كهذه؟ أعتقد أن الأسلحة النووية الباكستانية يجب أن تُحفظ تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، وفق قوله.

وردت باكستان على الفور على تصريحات سينج، معتبرةً أنها تعكس “جهلاً صارخاً باختصاصات ومسؤوليات” الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأعرب المتحدث باسم وزارة الدفاع الباكستانية، في تصريحات لـ”الشرق”، رداً على تصريح وزير الدفاع الهندي بشأن البرنامج النووي الباكستاني، عن اعتقاد بلاده بأن الوزراء الهنود يقومون بـ”تخريب ترتيبات وقف إطلاق النار”، وأدان بشدة تصريحات سينج بشأن ترسانة باكستان النووية.

واعتبر المتحدث في بيان صدر في وقت لاحق الخميس، تصريحات وزير الدفاع الهندي بأنها “غير مسؤولة”، وتكشف عن “انعدام الأمن العميق وإحباط وزير الدفاع الهندي فيما يتعلق بالدفاع الباكستاني الفعال وردعه ضد العدوان الهندي من خلال الوسائل التقليدية”، متهماً إياه بـ”الجهل التام باختصاصات ومسؤوليات وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

باكستان ترد بـ”حوادث مشعة”

واعتبر المتحدث الباكستاني أنه ينبغي للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الدولي أن يشعرا بالقلق إزاء ما وصفها بـ”حوادث السرقة المتكررة والاتجار غير المشروع بالمواد النووية والإشعاعية في الهند”.

وقال إنه في العام الماضي، عُثر على خمسة أفراد بحوزتهم جهاز مشعّ سُرق من مركز بهابها للأبحاث الذرية (BARC) في دهرادون، الهند. وفي وقت لاحق، عُثر على عصابة بحوزتها مادة كاليفورنيوم شديدة الإشعاع والسمية، بقيمة 100 مليون دولار أميركي، وهي مادة غير مشروعة.

كما أُبلغ عن ثلاث حوادث سرقة كاليفورنيوم في عام 2021″، حاثاً على إجراء تحقيق شامل في هذه الحوادث، داعياً الهند “إلى ضمان سلامة وأمن منشآتها وترسانتها النووية”.

ورغم إعلان نائب رئيس الوزراء الباكستاني إسحاق دار، الخميس، أن جيشي الهند وباكستان، اتفقتا على تمديد وقف إطلاق النار الذي بدأ الأسبوع الماضي حتى الأحد 18 مايو، قالت مصادر أمنية لـ”الشرق” إن “التصريحات الاستفزازية الصادرة عن الهند تحظى باهتمام بالغ. رغم وقف إطلاق النار، لم تخفف باكستان من حذرها. نحن مستعدون لأي مغامرة غير محسوبة من جانب الهند”.

وأضافت المصادر أن “القيادة السياسية والعسكرية الباكستانية تعهدت بأنه إذا ردت الهند على عملياتنا الانتقامية، فإن باكستان ستضرب أهدافاً ذات قيمة عالية واقتصادية في الهند”.

كما تعهد المدير العام للعلاقات العامة للجيش الباكستاني الفريق أحمد شريف شودري بـ”الرد السريع والحاسم على انتهاك الهند لوقف إطلاق النار”.

وقال شودري في بيان، إن “من يحاول انتهاك أراضينا وسلامتنا وسيادتنا، سيكون ردنا بلا رحمة”، مضيفاً أن بلاده والهند “قوتان نوويتان، والتوتر الخطير سيؤدي إلى الدمار”، محذراً نيودلهي من الاعتقاد بأنها “قادرة على فتح جبهة حرب ضد باكستان”، قائلاً إن هذا “سيؤدي إلى الدمار في المنطقة”.

تفاخر بـ”إنجازات”

وفي إطار الجهود التي يقوم بها مسؤولو البلدين لإبراز جهوزية قواتهما المسلحة، قام رئيس وزراء باكستان شهباز شريف، بزيارة قاعدة كامرا الجوية، في إقليم خيبر بختونخوا، شمال غربي البلاد، الخميس.

وأعلن شريف في كلمة ألقاها أمام طياري القوات الجوية الباكستانية إسقاط بلاده ست مقاتلات هندية، بينها ثلاث من طراز “رافال” الفرنسية، و85 طائرة مسيّرة.

وقال إن قوات بلاده المسلحة أسقطت ثلاث مقاتلات “رافال”، وواحدة من طراز “سوخوي”، وواحدة من طراز “ميغ 29” الروسية، وواحدة من طراز “ميراج 2000” الفرنسية الصنع، إضافة إلى 85 طائرة مسيّرة، بينها واحدة من طراز “Heron 1” إسرائيلية الصُنع.

وتقوم الحكومة الباكستانية حالياً بإعداد تقرير تفصيلي عن الأضرار الناجمة عن الهجمات الهندية منذ 6 مايو الجاري، فيما تستمر القوات العسكرية الباكستانية في حالة من الاستعداد القتالي اليقظ.

“إجراءات انتقامية”

وإلى جانب التراشق الإعلامي، كانت هناك سلسلة أخرى من الإجراءات الانتقامية المتبادلة بين البلدين منذ بداية الأسبوع، وتمثلت في طرد الدبلوماسيين وتسليم الأسرى العسكريين، من قوات أمن الحدود الهندية الذين تم القبض عليهم في 23 أبريل الماضي، بعدما تم العثور عليهم في الأراضي الباكستانية، بينما تحتجز الهند أحد عناصر القوات النظامية الباكستانية.

وأعلنت الدولتان أن دبلوماسيي كل منهما من أقسام التأشيرات “أشخاصاً غير مرغوب فيهم”، وأمر الطرفين دبلوماسيي هذا الشريحة من البلد الآخر، بمغادرة أراضيه خلال 24 ساعة.

واستمر التواصل بين البلدين، عبر الخط الساخن، من خلال المديران العامان للمنظمات غير الحكومية. وقد تواصل الطرفان ثلاث مرات خلال هذه الأزمة. ويتوقع أن تجري مكالمة في 18 مايو، موعد نهاية تمديد وقف إطلاق النار.. مع ذلك، فإن الاستقرار لم يرسُ بعد، والمخاوف كبيرة من انفجار الوضع مجدداً في حال لم يتم التعامل معه بشكل جيد من قبل الوسطاء.

وقف النار قد يعطّل صراعاً أكبر

وتستمر مراكز الأبحاث الرائدة في باكستان في اعتبار كشمير القضية الأساسية في الصراع الطويل الأمد بين باكستان والهند. وفقاً للسفير جوهر سليم، وزير الخارجية الباكستاني السابق والرئيس الحالي لمعهد الدراسات الإقليمية.

واعتبر سليم في تصريح لـ”الشرق” أن “حل نزاع جامو وكشمير أساسي لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين في جنوب آسيا”، معتبراً أن “تعنت الهند المستمر هو الذي أعاق حل هذه القضية”، من دون أن يستبعد أن يساعد وقف إطلاق النار “في منع الصراعات العسكرية الخطيرة”.

لكنه شدد على أن “العدالة وحدها كفيلة بإنهاء الأعمال العدائية بشكل دائم وإحلال السلام والازدهار في منطقة يقطنها ربع سكان العالم”، معرباً عن أسفه من أننا “نشهد الآن استمراراً لنفس الموقف، مما يهدد بتقويض مساعي الوساطة وبدء محادثات جادة”، متخوفاً من أن “يُعرّض هذا العملية المنشودة لإحلال السلام من خلال الحوار للخطر، ويدفع المنطقة مجدداً إلى حالة من التصعيد الخطير”.

وفي غضون ذلك، ذكرت مصادر في مكاتب الحكومة الباكستانية أنه “سيتم تقديم تفاصيل الأضرار الناجمة عن الهجمات الهندية إلى المنظمات الوطنية والدولية ووسائل الإعلام، في حين سيتم التخطيط لأعمال إعادة التأهيل.

تهديدات مودي

في خطاب ألقاه في 12 مايو الجاري، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي: إن باكستان بدأت “البحث عن سبل للنجاة”، بعد الإجراءات الهندية وهجومها الصاروخي، و”بدأت تُناشد العالم لتهدئة التوترات”.

وحذر من أن الهند ستراقب عن كثب أي “إرهاب ترعاه الدولة”، معتبراً أن “الوضع الطبيعي الجديد” سيكون “التعامل مع كل هجوم إرهابي باعتباره عملاً حربياً وسوف يحظى برد مناسب”، مضيفاً أن بلاده “أوقفت فقط” عملها العسكري ضد باكستان.

وسارعت وزارة الخارجية الباكستانية إلى إدانة تصريحات مودي، ووصفتها بأنها “استفزازية ومثيرة للجدل”.

وقالت الوزارة “في الوقت الذي تبذل فيه جهود دولية من أجل السلام والاستقرار الإقليمي، فإن هذا التصريح يمثل تصعيداً خطيراً”.

وأضاف البيان أن “باكستان تظل ملتزمة بتفاهم وقف إطلاق النار الأخير واتخاذ الخطوات اللازمة نحو خفض التصعيد والاستقرار الإقليمي”، مضيفاً أن أي عدوان مستقبلي سيواجه رداً.

“هدوء هش” ونبرة عالية لـ”التسويق المحلي”

محلل الشؤون الدولية الهندي سانجاي كابور، قال لـ”الشرق” إن هذا النوع من التوترات “لن يتم إخماده قريباً”، مضيفاً “أن خطابات نيودلهي القاسية ضد باكستان موجهة للاستهلاك الداخلي، لإظهار أنك لم تخسر المعركة”، مشيراً إلى أن أكبر خسارة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي هي أن أنصاره يشعرون الآن أن وقف إطلاق النار هو نوع من الاستسلام، لذا فهو يحاول تهدئة أنصاره. إنها نوع من معركة التصورات”.

وبحسب كابور، فإن القتال، الذي استمر بضعة أيام بين الهند وباكستان خلق العديد من “القضايا الجديدة بدلاً من أي حلول”، لذا فإن “هذا التصعيد لن يهدأ بسهولة”، على حد تعبيره.

ويتفق الكاتب الهندي الخبير في الشؤون الخارجية، كالول باتاتشاريا، مع هذا الرأي، وقال إنه “في وسائل الإعلام، يُشير الجميع تقريباً إلى أن هذه الهدنة هي وقف لإطلاق النار، لكن المديرين العاميَن للعمليات العسكرية في كلا البلدين، وحتى وزارة الخارجية في نيودلهي، لا تستخدم مصطلح وقف إطلاق النار. بل تُسميه “اتفاقاً لوقف إطلاق النار والأنشطة العسكرية. لم يستخدموا مصطلح وقف إطلاق النار”.

وأضاف باتاتشاريا لـ”الشرق”: “هذا ليس وقفاً (مُستداماً) لإطلاق النار، بل نوع من التوقف، وهذا يعني أن الحرب مستمرة، والتوتر والتصعيد موجودان”.

وشبّه هذه الحرب بأنها “نموذج لحرب عام 1965، والتي ستستمر لفترة طويلة… إذا حدث أي شيء في كشمير، شيء كبير، فسوف يبدأ من جديد، ثم قد يكون هناك توقف لبضعة أيام، ثم ستشهد النوع نفسه من التصعيد مرة أخرى”.

ويعتقد الخبراء في نيودلهي أن التوترات الحالية بين الهند وباكستان سوف تستمر لفترة طويلة. ويتفق كالول أيضاً مع النقطة التي مفادها أن الخطاب الحاد الحالي للهند ضد باكستان يرجع أيضاً إلى السياسة الداخلية الهندية.

جولة في الشطر الهندي من كشمير

وقامت “الشرق” بجولة في الشطر الهندي من إقليم كشمير، والتقت بميناكشي، التي قدمت إلى جامو من أمريتسار لحضور حفل زفاف ابن عمها في 8 مايو،  وتروي قائلة:”كنت قد سجلت دخولي إلى الفندق عندما سمعت صوت انفجار في الخارج”، وعندما خرَجت للتحقق مما يحدث، كانت جميع أضواء الفندق مطفأة.

وتضيف: “في الخارج، رأيت الناس يركضون وكانت السماء مليئة بالكرات من الّلهب”.

ولم يكن لدى ميناكشي أي فكرة أن نظام الدفاع الصاروخي الهندي هو الذي اعترض الطائرات بدون طيار القادمة من باكستان. وبحسب ميناكشي، فإنها تشعر بأن الناس غير مستعدين لذلك.

وتوضح: “كان هذا الأمر مفاجئاً لدرجة أن مدير الفندق لم يسمح لنا بالنوم في غرفنا، بل طلب من الجميع البقاء في الطابق السفلي من الفندق، وهذا جعلنا جميعاً أكثر قلقاً”.

وتم تأجيل حفل زفاف ابن عم مينا. وفي صباح اليوم التالي، وبسبب التصعيد المتزايد، عادت مينا وعائلتها إلى أمريتسار، لتواجه المزيد من الفوضى هناك. 

وشوهدت كُرات اللهب الحمراء في سماء راجوري، التي تبعد 150 كيلومتراً عن الفندق في جامو، والذي كانت تقيم فيه ميناكشي.

وتقع راجوري بالقرب من الحدود الهندية الباكستانية، حيث كانت إيبات، وهي معلمة في مدرسة خاصة، تستمع إلى الموسيقى في غرفتها عبر سماعات الرأس.

في البداية لم تكن لديها أي فكرة عما يحدث في الخارج، قبل أن تأتي إليها أمها راكضةً إلى غرفتها “وتعلو وجهها علامات القلق.

وتضيف: “ما إن أوقفتُ الموسيقى حتى سمعتُ انفجاراً قوياً. جاءت أمي لتأخذني إلى القبو طلباً للأمان. نادتني مرات عدة قبل ذلك، لكنني لم أستطع سماعها بسبب سماعات الرأس”، وعلى الرغم من توقف القصف في وقت لاحق، بقيت إيبات وعائلتها في القبو.

كانت إيبات محظوظة؛ لأنها كان لدى عائلتها قبو، لكن الجندي السابق أمارجيت لم يكن كذلك. ففي السابع من مايو، سقطت قذيفة هاون مباشرة على منزله في منطقة كاماخان في بونش، حيث لقي المحارب السابق، البالغ من العمر 50 عاماً، والذي خدم البلاد لمدة 18 عاماً، حتفه عندما اخترقت الشظايا رئتيه وقلبه. كانت منطقة بونش الأكثر تضرراً من التصعيد بين الهند وباكستان.

تقع المنطقة بالقرب من الحدود، وتبعد حوالي 250 كيلومتراً عن جامو. وقد أدى القصف عبر الحدود إلى سقوط أكثر من 12 شخصاً، وتضرر أكثر من 30 منزلاً، فيما غادر العديد من الأشخاص صوب المناطق الأكثر أماناً.

ويقول كامران، وهو من سُكان بونش، أن الكثير من القصص سمعوها عن الهجرة عام 1947، خلال حرب كشمير الأولى بعد انفصال باكستان عن الهند، لكن هذه المرة، رأوا مشاهد مُشابهة بأنفسهم. فقد ترك سكان بونش كل شيء وذهبوا إلى أماكن أكثر أماناً في الشاحنات والحافلات والسيارات والدراجات الهوائية. لكن كامران لم يستطع المغادرة بسبب مرض والديه المسنين.

الهند تلاحق مسلحين في كشمير

وكانت إيبات وعائلتها في راجوري يستعدون أيضاً لمغادرة المكان. لقد قاموا بتغليف كل شيء. “كنا ننتظر سيارة الأجرة لتقلنا عندما أخبرني أخي أن (الرئيس الأميركي دونالد ترمب) كتب تدوينة على “إكس”، كما تقول.

في البداية لم يكونوا متأكدين ما إذا كان ينبغي الوثوق به أم لا. لذلك أبقوا سيارة الأجرة في الانتظار. وأضافت: “عندما أعلنت الحكومة الهندية عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، كنا سعداء للغاية لدرجة أننا احتضنا بعضنا البعض”.

ومنذ ذلك الحين، تعيش العائلة في منزلها، ولكنهم لا زالوا خائفين.

في هذه الأثناء، وعلى الرغم من الهدنة، استمرت أعمال العنف المتفرقة في الجزء الذي تديره الهند من كشمير، حيث قتلت القوات الهندية العديد من المسلحين في منطقتي شوبيان وبولوواما في جنوب كشمير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *