أكد وزراء خارجية الولايات المتحدة ودول الترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، الأربعاء، التزامهم بضمان منع إيران من تطوير أي سلاح نووي أو امتلاكها له مطلقاً، فيما نقلت وكالة “رويترز” عن أربعة دبلوماسيين ترجيحهم أن تبدأ “الترويكا”، الخميس، عملية إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن المعروفة باسم “سناب باك” على إيران.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، إن الوزير ماركو روبيو تحدث هاتفياً إلى نظرائه البريطاني ديفيد لامي والفرنسي جان نويل بارو والألماني يوهان فاديفول، وبحث معهم “الملف النووي الإيراني”.
وذكرت الوزارة في بيان مقتضب، أن وزراء خارجية الولايات المتحدة ودول الترويكا الأوروبية الثلاث أكدوا جميعاً التزامهم بضمان عدم تطوير طهران لأي سلاح نووي أو امتلاكها له مطلقاً.
وفي وقت سابق الأربعاء، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قوله إن “القوى الأوروبية لا تملك أي صلاحية من الناحية القانونية والسياسية والفنية لتفعيل آلية (سناب باك) الخاصة بإعادة فرض العقوبات على طهران بموجب الاتفاق النووي”.
وأضاف عراقجي أن “بلاده مستعدة فقط لإجراء مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة بشأن الملف النووي، ومن موقع الندية”.
أمل في تسوية “نووية”
وعقدت إيران اجتماعاً مع دول الترويكا الأوروبية في جنيف حول برنامج طهران النووي، مع اقتراب موعد نهائي حدده الاتحاد الأوروبي بنهاية أغسطس، لإعادة فرض العقوبات تلقائياً.
وترغب القوى الأوروبية الثلاث في استئناف عمليات التفتيش على منشآت إيران النووية.
وأشار أربعة دبلوماسيين إلى أنه من المرجح أن تبدأ دول الترويكا الأوروبية، الخميس، عملية إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، لكنها تأمل في أن تعرض طهران التزامات بشأن برنامجها النووي خلال 30 يوماً تساهم في إقناعهم على تأجيل اتخاذ “إجراءات ملموسة”.
واجتمعت الدول الثلاث مع إيران، الثلاثاء، في مسعى لإحياء الجهود الدبلوماسية بشأن البرنامج النووي، قبل أن تفقد في منتصف أكتوبر، القدرة على إعادة فرض العقوبات على طهران، التي رُفعت بموجب الاتفاق النووي عام 2015 مع القوى العالمية.
“لا نتائج ملموسة”
وقال ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين، ودبلوماسي غربي إن “محادثات الثلاثاء لم تسفر عن التزامات ملموسة كافية من إيران، على الرغم من اعتقادهم بوجود مجال لمزيد من الدبلوماسية في الأسابيع المقبلة”.
وأضافوا أن “مجموعة الدول الأوروبية الثلاث قررت البدء في تفعيل ما يسمى آلية العودة السريعة لعقوبات الأمم المتحدة، ربما اعتباراً من الخميس، بسبب اتهامات بأن إيران تنتهك اتفاق عام 2015 مع القوى العالمية الذي يهدف إلى منع طهران من تطوير سلاح نووي”.
وقال الغرب إن “تقدم البرنامج النووي الإيراني يتجاوز الاحتياجات المدنية، بينما تنفي طهران سعيها لامتلاك أسلحة نووية”.
وتستغرق عملية الأمم المتحدة 30 يوماً قبل إعادة فرض العقوبات التي ستشمل قطاعات المال والمصارف والهيدروكربونات والدفاع الإيرانية.
وذكر دبلوماسي غربي طلب عدم الكشف عن هويته أنه “ستبدأ المفاوضات الحقيقية بمجرد تسليم الرسالة إلى مجلس الأمن الدولي”.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إن “تفعيل آلية العودة السريعة للعقوبات لا يزال خياراً متاحاً لمجموعة الدول الأوروبية الثلاث، فيما لم ترد وزارتا الخارجية البريطانية والفرنسية على طلبات التعليق فوراً”، ما دفع طهران إلى التلويح بـ”الرد القاسي” إذا أُعيد فرض العقوبات عليها.
عودة المفتشين
وعاد المفتشون النوويون من الأمم المتحدة إلى إيران لأول مرة منذ تعليق التعاون معهم في أعقاب الهجمات الإسرائيلية والأميركية على مواقعها النووية في يونيو الماضي، حسبما قالت وسائل إعلام رسمية إيرانية، الأربعاء.
وقال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، الثلاثاء، إنه “سُمح لهم بدخول البلاد، بالرغم من عدم وجود اتفاق بشأن ما سيُسمح لهم القيام به فعلياً أو ما إذا كان سيُسمح لهم بدخول المنشآت النووية”.
فيما قال عراقجي، إن دخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران جاء بقرار من المجلس الأعلى للأمن القومي، وذلك “لمراقبة عملية استبدال الوقود في محطة بوشهر للطاقة”، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”.
وأضاف: “لم يتم الموافقة بشكل نهائي على أي نص لاتفاقية بشأن إطار تعاون جديد بين إيران والوكالة”.
وأشار عراقجي في مقابلة إلى تصريحات مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن دخول مفتشي الوكالة إلى إيران، وقال إن “القانون الذي أقره مجلس الشورى قد جعل التعاون مع الوكالة، مشروطاً بقرار المجلس الأعلى للأمن القومي وبناء على ذلك، ووفقاً للقانون تُحال جميع طلبات الوكالة إلى المجلس الأعلى للأمن القومي للبت فيها.
وأضاف: “الآن تم اتخاذ القرارات بشأن استبدال الوقود في محطة بوشهر للطاقة، والتي يجب أن تتم تحت إشراف مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأي نوع من التعاون سيكون في إطار قانون مجلس الشوری لخدمة مصالح الشعب الإيراني”.
وأفادت وكالة “إيكانا” التابعة للبرلمان الإيراني، بأن عراقجي، أبلغ المشرعين أن “طهران لم تتوصل إلى اتفاق بشأن سبل استئناف العمل بالكامل مع الوكالة”.
وكانت مجموعة الدول الأوروبية الثلاث، قد عرضت تأجيل آلية العودة السريعة لفرض العقوبات لمدة تصل إلى ستة أشهر لإتاحة المجال لإجراء مفاوضات جادة، إذا استأنفت إيران عمليات التفتيش الكاملة للأمم المتحدة، وإذا دخلت في محادثات مع الولايات المتحدة.
وتسعى عمليات التفتيش أيضاً إلى “تحديد مخزون إيران الكبير من اليورانيوم المخصب الذي لم يتم التحقق منه منذ الهجمات”.
وتقوم إيران بتخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء انشطارية تصل إلى 60%، وهي درجة قريبة من نسبة 90% اللازمة لصنع الأسلحة.
الضربات الإسرائيلية
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران كان لديها، قبل بدء الضربات الإسرائيلية في 13 يونيو الماضي، مواد مخصبة إلى هذا المستوى، تكفي في حالة تخصيبها لدرجة نقاء أعلى لصنع ستة أسلحة نووية.
رغم ذلك، سيستغرق إنتاج سلاح نووي وقتاً أطول، وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها على الرغم من عدم قدرتها على ضمان سلمية برنامج طهران النووي بالكامل، إلا أنها “لا تملك أي مؤشرات موثوقة على وجود مشروع أسلحة منظم في إيران”.
وعقدت إيران والولايات المتحدة عدة جولات من المحادثات قبل يونيو الماضي.
وذكر دبلوماسي إن “إيران أظهرت بوادر لاستئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة في اجتماع، الثلاثاء، مع الثلاثي الأوروبي”، فيما قال مصدر إيراني إنها “لن تفعل ذلك إلّا إذا ضمنت واشنطن عدم شن ضربات عسكرية خلال المحادثات”.