التطبيع ليس ضرورة.. بل خيار “مشروط”
أكد عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية المصري الأسبق، أن حرب 6 أكتوبر 1973 أثبتت أن إسرائيل لا تستطيع تحمل الحروب الطويلة، مشيرًا إلى أن أحداث 7 أكتوبر 2023 كشفت أمام العالم مدى هشاشة الدولة الإسرائيلية.
وفي لقاء مع قناة “المملكة” الأردنية، اليوم الأحد، أوضح عمرو موسىأن إسرائيل ما كانت لتشن حربًا على غزة لولا الدعم السياسي والقانوني الممنوح لها من بعض القوى الكبرى، مؤكدًا أن القانون الدولي يغض الطرف عن ممارسات إسرائيل، حتى عند احتلالها أراضٍ جديدة مثلما حدث في لبنان سابقًا.
وأضاف عمرو موسى: “إسرائيل دولة صغيرة لا يمكنها قيادة الشرق الأوسط، بل عليها أن تقبل كونها جزءًا من المنطقة، ولن تكون مقبولة عبر الخراب في غزة والاستيطان في الضفة عليها الاعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها.”
التحديات التي تواجه العالم العربي
وتطرق عمرو موسى إلى الوضع العام في العالم العربي، مؤكدًا أن الأوضاع قبل وبعد 7 أكتوبر 2023 سيئة، داعيًا إلى مراجعة شاملة للسياسات العربية، والتركيز على التعليم والبحث العلمي كأدوات رئيسية للنهوض.
وأشار إلى أن الدول العربية تواجه تحديًا كبيرًا يتعلق بالاستقرار والسلام، وهو ما يستدعي التعاون المشترك لمواجهة المشكلات. كما حذر من تحولات عالمية سريعة قد تؤدي إلى اضطرابات كبيرة، بسبب الصراعات والمخططات المتعلقة بإعادة تشكيل النظام الدولي.
وقال موسى: “دور الأمم المتحدة تراجع بشكل كبير، والعولمة يعاد تعريفها، والتقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي أصبحا المحرك الرئيسي للعالم.. فالسؤال الآن: أين نحن كعرب من كل هذا؟”
التطبيع مع إسرائيل.. خيار مشروط وليس ضرورة
وفيما يتعلق بملف التطبيع مع إسرائيل، شدد موسى على أنه ليس ضرورة حتمية، بل يجب أن يكون مرتبطًا بحل النزاع في المنطقة. وأوضح أن المبادرة العربية لعام 2002 تضمنت الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها، لكن بشروط محددة، مشيرًا إلى أن سياسات الاحتلال والدمار في غزة والضفة لن تجعل تل أبيب جزءًا من المنطقة.
وأضاف أن أحداث 7 أكتوبر أظهرت إصرار الفلسطينيين على حقوقهم، في مقابل عنصرية وتفرقة واضحة من الجانب الإسرائيلي. كما دعا إلى تفويض الجامعة العربية لعدد من الدول للتحدث مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول القضية الفلسطينية، استنادًا إلى مرجعية مبادرة بيروت 2002.
وشدد على أهمية عقد قمة عربية أمريكية لمناقشة الموقف الفلسطيني بوضوح، والضغط من أجل انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، والتفاوض حول القدس وحقوق اللاجئين.
الدعم الأمريكي لإسرائيل لا يتغير.. والتضامن العربي ضروري
وأشار موسى إلى أن الدعم الأمريكي لإسرائيل سيظل قائمًا بغض النظر عن هوية الرئيس الأمريكي، مؤكدًا أن النظام الدولي بات غير مبالٍ بالقانون الدولي أو بقرارات محكمتي العدل والجنائية الدوليتين.
وأضاف: “الدول الكبرى التي قادت العالم منذ عام 1945 لم تعد تهتم بالنظام الدولي، لذا على الدول العربية أن تتحد وتنسق مواقفها بشأن القضية الفلسطينية.”
كما أشاد بالموقفين المصري والأردني الرافضين لتهجير الفلسطينيين من غزة، مشددًا على أن القضية الفلسطينية ليست قابلة للإلغاء، ومؤكدًا أهمية اجتماع السداسية العربية في القاهرة، معربًا عن أمله في لقاء مباشر بين الرئيس الأمريكي وقادة الدول العربية المعنية بالأزمة.
أحداث 7 أكتوبر.. مقاومة مشروعة ضد الاحتلال
وحول توصيف أحداث 7 أكتوبر، أكد موسى أنها انتفاضة فلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، معتبرًا أنها كانت رد فعل على سياسات الاستيطان والتمييز العنصري التي تمارسها إسرائيل.
وأضاف: “قبل 7 أكتوبر، كانت إسرائيل تمارس القمع والتمييز العرقي، وتعمل على محو القضية الفلسطينية من الأجندة الدولية.. حتى الأغاني التي تتحدث عن حقوق الفلسطينيين لم نعد نسمعها، مما يشير إلى وجود خطة ممنهجة لإنهاء القضية تمامًا.”
وأشار إلى أن الاعتداءات على المسجد الأقصى، والتوسع الاستيطاني، وهدم القرى الفلسطينية، والتمييز العنصري، كلها أسباب أدت إلى اندلاع المواجهة في 7 أكتوبر.
وختم حديثه بالتأكيد على ضرورة التحرك العربي المشترك لمواجهة التحديات، معتبرًا أن التأخر في اتخاذ موقف موحد سيؤدي إلى تهميش الدور العربي في المستقبل العالمي.