اخر الاخبار

الجزائر ومالي: الأزمة الدبلوماسية تتصاعد وسط تبادل الاتهامات

لا يزال بيان وزارة خارجية مالي يثير ردود فعل في الجزائر، بعد اتهامات من باماكو للحكومة الجزائرية بـ”دعم الجماعات المسلحة” في مالي، وذلك على خلفية تصريحات وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف الرافضة لتصنيف أي حركات في مالي من التي وقعت على “اتفاق الجزائر” ، على أنها “جماعات إرهابية”.

وأدان أعضاء بالبرلمان الجزائري، في تصريحات لـ”الشرق”، تصريحات الحكومة المالية، واعتبروها “خرقاً للأعراف الدبلوماسية” و”العلاقات بين البلدين”.

‎واتهمت وزارة الخارجية المالية في بيانها، السلطات الجزائرية بـ”التدخل في الشؤون الداخلية لمالي بأسلوب وصائي”، واعتبرت أن “مالي ليست بحاجة إلى دروس من الجزائر”، ودعتها إلى “معالجة أزماتها الداخلية”.

وجاء هذا البيان عقب تصريحات وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في مؤتمر صحافي، الأسبوع الماضي، بعدما أعلن رفض بلاده تصنيف الحركات السياسية في مالي، والتي وقّعت على “اتفاق الجزائر” في عام 2015، “حركات إرهابية”.

وكان المجلس العسكري في مالي قرر في 26 يناير 2024، إنهاء العمل بالاتفاقية الموقعة مع “حركة تحرير أزواد” (في شمال مالي) وغيرها من الجماعات الانفصالية في الشمال، بسبب ما اعتبرته “عدم التزام الموقعين الآخرين بتعهداتهم”، وهي خطوة انتقدتها الجزائر.

“البرلمان الجزائري يدين بشدة بيان مالي”

‎وقال عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الجزائري محمد هاني لـ”الشرق”، إن “البرلمان يدين بشدة ماورد في بيان مالي”. 

‎وأضاف هاني أن “فحوى البيان، يُعد تعدياً على الجزائر ودبلوماسيتها، رغم الجهود التي بذلتها الجزائر لتحقيق الاستقرار في شمال مالي من خلال اتفاق الجزائر”، معتبراً أن “تصريحات الخارجية المالية تأتي ضمن مخططات تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة”.

‎وقالت الخارجية المالية إن “تصريحات عطاف تعكس ما ورد في بيان سابق لحكومة مالي، تتهم فيه الجزائر بالتواطؤ مع الجماعات الإرهابية التي تزعزع استقرار البلاد”. ولم تصدر وزارة الخارجية الجزائرية حتى الآن أي بيان رسمي رداً على نظيرتها المالية.

‎وقال كمال خليفاتي، عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان):” لا يمكن اتهام الجزائر بدعم الإرهاب”، معتبراً أن “الجزائر عانت كثيراً من هذه الظاهرة خلال العشرية السوداء”، في إشارة إلى تسعينيات القرن الماضي، حيث أودت الحرب بحياة عشرات الآلاف من الجزائريين.

‎وأضاف خليفاتي في تصريحاته لـ “الشرق”، أن “الجزائر تمتلك تجربة رائدة في مكافحة الإرهاب”، و”تسعى لنقلها إلى دول الجوار بهدف تحقيق الأمن والاستقرار”.

وذكر خليفاتي أن “استقرار مالي هو من استقرار وأمن الجزائر، باعتبارها دولة مجاورة تتقاسم حدوداً برية مع الجزائر”، معتبراً أن “أي مشاكل داخلية تمس مالي ستكون لها تداعيات على الجزائر”.‎

ويأتي بيان خارجية مالي في الوقت الذي تسلمت فيه الجزائر رئاسة مجلس الأمن لشهر يناير، بعد حصولها على مقعد غير دائم.

‎وأعلنت الجزائر نهاية الأسبوع الماضي، عن برنامج عملها الذي يركز على “مكافحة الإرهاب في إفريقيا”، و”مشاركة خبراتها في هذا المجال”. ‎كما تعتزم الجزائر عقد اجتماع رفيع المستوى حول “مكافحة الإرهاب في إفريقيا” في 21 يناير المقبل، برئاسة وزير الخارجية أحمد عطاف.

‎مآلات الانسحاب

‎وبخصوص استمرار هجمات المجلس العسكري في مالي، المدعوم من قوات “فاجنر” الروسية على شمالي البلاد، والتوترات الدبلوماسية المتصاعدة بين الجزائر وباماكو، اعتبر الكاتب الصحافي حكيم بوغرارة أن “التوترات بين البلدين نابعة من طبيعة النظام العسكري الحاكم في باماكو، الذي وصل إلى السلطة عبر انقلاب ويرفض إجراء الانتخابات”.

‎وقال بوغرارة أن “انسحاب مالي من اتفاق الجزائر كان أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم الأزمة داخلياً، حيث تصر حكومة باماكو على رفض التفاوض مع الجماعات المعارضة في شمال مالي، التي كان الاتفاق ينص على إدماجها في الجيش المالي، وتخصيص 30% من عائدات الدولة لتنمية واستقرار الشمال”.

ويهدف “اتفاق الجزائر” الموقع عام 2015، إلى منع انفصال إقليم أزواد عن مالي، وضمان تكفل باماكو بتنمية الإقليم المهمش، وإدماج مسلحيه في قوات الأمن والجيش، وأيضاً في المناصب المدنية مع إنشاء لجنة لمتابعة اتفاق السلام.

وتعود جذور الأزمة في مالي إلى ستينات القرن الماضي، فمنذ استقلالها عن فرنسا عام 1960، شهدت المنطقة أربعة تمردات للأزواديين، الذين يشكون ضعف التنمية، بهدف الانفصال عن باماكو.

وتربط الجزائر ومالي حدود برية تمتد نحو 900 كيلومتر، مما يجعل أي انفلات أمني ناتج عن الصراع المسلح بين حركات الأزواد والجيش المالي مصدر تهديد للأمن القومي الجزائري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *