يجتمع قادة العالم الأسبوع المقبل، في نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ستهيمن عليها عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المنصة، والحرب في قطاع غزة وأوكرانيا، والاعتراف الغربي المتزايد بدولة فلسطينية، والتوتر مع إيران بسبب برنامجها النووي.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش “نجتمع في أجواء مضطربة، بل وتتسم بالضبابية”. وجاء تعليقه قبل أسبوع من استضافة الأمم المتحدة التي تضم 193 عضواً لكلمات سيلقيها حوالي 150 رئيس دولة أو حكومة، إلى جانب عشرات الوزراء الآخرين على مدى ستة أيام.
وأضاف للصحافيين الثلاثاء “تحتدم الخلافات الجيوسياسية وتستعر الصراعات. ويتزايد الإفلات من العقاب. وترتفع درجة حرارة كوكبنا… ويرزح التعاون الدولي تحت ضغوط لم نشهدها في حياتنا”.
وسيكون ترمب على رأس المشاركين في الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام. ودعا الرئيس الأميركي في وقت سابق إلى خفض التمويل الأميركي للمنظمة الدولية، وأوقف مشاركة واشنطن في مجلس حقوق الإنسان التابع لها، وأوقف أيضاً تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وانسحب من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). وأعلن عن خطط للانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ ومن منظمة الصحة العالمية.
فرصة ترمب لـ”التباهي بإنجازاته”
وسيتحدث ترمب، الثلاثاء، بعد ثمانية أشهر من بدء ولايته الثانية التي اتسمت بتخفيضات حادة في المساعدات الخارجية الأميركية، التي أثارت فوضى إنسانية عالمية، وأثارت تساؤلات حول مستقبل الأمم المتحدة، مما دفع جوتيريش إلى محاولة خفض التكاليف وتحسين الكفاءة.
وقال ريتشارد جوان، مدير مجموعة الأزمات الدولية في الأمم المتحدة، عن ترمب “إنه يستمتع بالجمعية العامة ويستمتع أيضاً باهتمام القادة الآخرين”.
وأضاف “أظن أنه سيستغل ظهوره للتباهي بإنجازاته العديدة، وربما يحاول مجدداً اثبات أنه يستحق جائزة نوبل للسلام”.
ويصف ترمب الأمم المتحدة بأنها منظمة صاحبة “إمكانات كبيرة”، لكنه يقول إن عليها أن “ترتب أوضاعها”. ويتخذ الموقف الحذر نفسه من تعددية الأطراف الذي كان سمة مميزة لولايته الأولى من 2017 إلى 2021، واتهم المنظمة العالمية بعدم مساعدته في محاولة التوسط في السلام في مختلف النزاعات.
وقال جوتيريش “تبذل الأمم المتحدة جهوداً حثيثة في الوساطة من أجل السلام… ولكن ليس لدينا أي جزر أو عصي”.
ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هو الهيئة الوحيدة التابعة للأمم المتحدة التي يمكنها فرض عقوبات، لكنه وصل إلى طريق مسدود بشأن الصراعين في قطاع غزة وأوكرانيا لأن الولايات المتحدة وروسيا تتمتعان بحق النقض (الفيتو).
وأضاف “لدى الولايات المتحدة الجزرة والعصا. لذا في بعض الحالات، إذا كنت قادراً على الجمع بين الاثنين، أعتقد أنه يمكن أن تكون لدينا طريقة فعالة جداً للتأكد من أن عملية السلام يمكن أن تؤدي إلى نتيجة ناجحة على الأقل”.
ومن المتوقع أن يجتمع جوتيريش وترمب رسمياً الأسبوع المقبل، للمرة الأولى منذ عودة ترمب إلى منصبه في يناير، وهو واحد من أكثر من 150 اجتماعاً ثنائياً قال الأمين العام للأمم المتحدة إنه حدد مواعيد لها، وأطلق على الأسبوع وصف “كأس العالم للدبلوماسية”.
حرب ومجاعة
ويجتمع الزعماء بينما تقترب الحرب بين إسرائيل وحركة حماس بقطاع غزة من عامين، وتتفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع الفلسطيني، إذ حذر مرصد عالمي لمراقبة الجوع من أن المجاعة تكشفت ومن المرجح أن تنتشر بحلول نهاية الشهر.
ومن المقرر أن يلقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب أمام المحكمة الجنائية الدولية في تهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة والتي تنفيها إسرائيل، خطاباً أمام الجمعية العامة الجمعة.
وبدأت إسرائيل هجوماً برياً تتوعد بشنه منذ فترة على مدينة غزة الثلاثاء.
وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، عن الاجتماع القادم في نيويورك “سنذكر العالم مرة أخرى بأن هذه الحرب لن تنتهي ببقاء الرهائن في غزة.”
وقبل أن تبدأ الكلمات أمام الجمعية العامة الثلاثاء، سيجتمع القادة، الاثنين، في قمة، تستضيفها فرنسا والسعودية، تهدف إلى بناء زخم نحو حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين.
وتعهدت كل من أستراليا وبلجيكا وبريطانيا وكندا وفرنسا بالاعتراف رسمياً بدولة فلسطينية، لكن البعض ربط الاعتراف بشروط.
عباس يحضر بالفيديو
ولن يحضر الرئيس الفلسطيني محمود عباس شخصياً. وقالت الولايات المتحدة، إنها لن تمنحه تأشيرة دخول، مما أثار انتقادات واسعة في الأمم المتحدة، ومن المتوقع أن يظهر عبر الفيديو في كل من قمة الاثنين وخطابه أمام الجمعية العامة، المقرر عقده الخميس من الأسبوع المقبل.
وقال المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور “ستكون فلسطين هي القضية الأبرز في هذه الدورة للجمعية العامة”.
ويتناول جدول الأعمال صراعاً آخر، وهو الحرب الروسية المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات في أوكرانيا لكن لا يتوقع أن يشهد هذا الملف تقدماً يذكر.
ومن المقرر أن يلقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف خطابين أمام الجمعية العامة. ولا يحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عادة الاجتماع السنوي للأمم المتحدة.
وقال دبلوماسيون إن من المرجح أن يعقد مجلس الأمن اجتماعات حول أوكرانيا وغزة خلال جلسة الجمعية العامة عالية المستوى.
وستكون هناك أيضاً دبلوماسية اللحظة الأخيرة في نيويورك بشأن البرنامج النووي الإيراني، حيث تسعى طهران إلى تجنب إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن الدولي في 28 سبتمبر.
ومن المتوقع أن يحضر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ووزير الخارجية عباس عراقجي اجتماعات الأمم المتحدة.