قال ممثلو الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية، الاثنين، إنهم يجمعون أدلة على “جرائم قتل جماعي”، وذلك بعد أن فرضت قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور بالسودان.
وتجري المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً في مزاعم الإبادة الجماعية، وجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، ارتكبت في دارفور منذ عام 2005 عندما أحالها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لأول مرة، قبل وقت طويل من اندلاع الحرب الحالية عام 2023.
وقال ممثلو الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية في بيان: “في إطار التحقيق الجاري، يتخذ المكتب خطوات عاجلة، فيما يتعلق بالجرائم التي وقعت في الفاشر للحفاظ على الأدلة ذات الصلة، وجمعها لاستخدامها في الملاحقات القضائية في المستقبل”.
وتُعدّ إدانة قضاة المحكمة الجنائية الدولية الأخيرة لـ”زعيم الجنجويد” علي محمد علي عبد الرحمن المعروف أيضاً باسم “علي كوشيب”، بارتكاب جرائم مماثلة في دارفور عام 2004، بمثابة تحذير لجميع أطراف النزاع في دارفور من محاسبة مرتكبي هذه الجرائم الفظيعة.
“البحث عن الأمان”
وفر أكثر من 70 ألف شخص من الفاشر حتى الآن، وتحدث ناجون لـ”رويترز”:” عن تعرض رجال غادروا دارفور بحثاً عن الأمان للقتل”.
وذكر خبراء أن “أعمال العنف المُبلغ عنها تحمل سمات حوادث سابقة في دارفور، وُصفت على نطاق واسع بأنها إبادة جماعية”.
ولا يزال مصير ما يقرب من 200 ألف شخص يعتقد أنهم محاصرون في المدينة مجهولاً.
وقالت رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر لـ”رويترز” في مطلع الأسبوع إن” التاريخ يعيد نفسه في منطقة دارفور، وذلك بعد سقوط الفاشر في قبضة قوات الدعم السريع، مما يمنحها سيطرة فعلية على أكثر من ربع السودان”.
وفي الشهر الماضي، أدانت المحكمة الجنائية الدولية، ومقرها لاهاي، أول زعيم لميليشيات الجنجويد يمثل أمام المحكمة بتهمة ارتكاب فظائع في دارفور قبل أكثر من عشرين عاماً.
وأدانت المحكمة “كوشيب” لدوره ومسؤوليته في جرائم قتل، وشروع في قتل، واغتصاب، وتعذيب، مؤكدة أن حكمها صدر “استناداً إلى قناعة لا تدع مجالاً للشك بشأن الجرائم المنسوبة إليه”، ودوره المرتبط بحكومة السودان آنذاك، خاصة مع وزير الدولة السابق بوزارة الداخلية أحمد هارون، ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين، اللذين كان يتلقى منهما التعليمات، إلى جانب مسؤولين من مستويات أدنى.
واعتمدت المحكمة 1861 عنصراً من الأدلة كأدلة رسمية، وسمحت لـ1591 مجنياً عليه بالمشاركة في الإجراءات عبر فريق قانوني موحّد يمثلهم أمام المحكمة.
ويتسنى للمحكمة الجنائية الدولية مقاضاة المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، وفي بعض الحالات جريمة العدوان، إذا ارتكبت على أراضي إحدى الدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 125 دولة، أو من قبل مواطنين تابعين لهذه الدول، أو عندما تُحال القضية من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
“أوضاع كارثية” للنازحين في دارفور
وقال المتحدث باسم تنسيقية النازحين واللاجئين في دارفور آدم رجال، الجمعة، إن آلاف النازحين من مدينة الفاشر، يعيشون أوضاعاً “كارثية” في منطقة طويلة بجبل مرة، فيما قالت المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن عدد الضحايا في الفاشر كان بالمئات من المدنيين والمحتجزين أثناء هجوم قوات الدعم السريع على المدينة.
وسقطت عاصمة ولاية شمال دارفور، التي كانت آخر معقل كبير للجيش السوداني في إقليم دارفور بغرب السودان، في يد قوات الدعم السريع الأحد، لينتهي حصار استمر 18 شهراً.
وأضاف المتحدث باسم تنسيقية النازحين في دارفور لـ”الشرق”، أن المساعدات الدولية لم تصل بعد إلى منطقة طويلة، بعد سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، فيما يعاني مستشفى المنطقة من نقص حاد في الأدوية وسط ضغط متزايد من النازحين.
وأضاف أن المنطقة تواجه أيضاً نقصاً في الغذاء ومياه الشرب؛ بسبب الكثافة الكبيرة للنازحين، مشيراً إلى أن العديد من النازحين الفارين تعرضوا لـ”انتهاكات جسيمة” أثناء الطريق، بينما قُتل بعضهم برصاص قوات الدعم السريع خلال محاولتهم الفرار إلى منطقة طويلة.
ورفضت قوات الدعم السريع اتهامات سابقة بارتكابها انتهاكات، ووجهت اتهامات مضادة للجيش السوداني.
بدوره، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في السودان، إن الوضع في مدينة الفاشر بالسودان يزداد سوءاً، مع ورود تقارير عن فظائع تُرتكب ضد المدنيين.
وتشير مصادر محلية إلى أن آلاف الأشخاص، من بينهم كبار السن وذوو الإعاقة والجرحى، ما زالوا عالقين وغير قادرين على الفرار.
