الحجر الأسود..خدمات متهالكة في مدينة دمرتها الحرب

– زينب ضوا
مع ارتفاع أعداد العائدين إلى مدينة الحجر الأسود التابعة إداريًا لمحافظة ريف دمشق، بعد سقوط النظام السابق، وفوق ركامها الذي يبلغ 1.5 مليون متر مكعب، تزداد معاناة الأهالي جراء سوء الخدمات ضمن المنطقة، وضعف استجابة الجهات المعنية لمطالب أهالي المدينة ومجلسها المحلي.
وشهدت الحجر الأسود عودة بطيئة للسكان في السنوات الأخيرة قبل سقوط نظام الأسد، نتيجة سوء الخدمات وارتفاع تكاليف إعادة ترميم منازلهم، وصعوبة الحصول على الموافقات الأمنية المفروضة سابقًا.
وبلغ عدد المباني المدمرة في مخيم “اليرموك” والحجر الأسود 2109 مبانٍ مدمرة كليًا، 1765 مبنى مدمرًا بشكل بالغ، و1615 بشكل جزئي، ليصل مجموع المباني المتضررة إلى 5489، وذلك خلال الأعوام الثمانية من بعد انطلاقة الثورة السورية في آذار 2011، وفق أطلس نشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب، في 16 من آذار 2019.
قليل من الحياة
عانت علياء درويش، السيدة الأربعينية، من غلاء الإيجارات التي اضطرت لدفعها طوال سنوات التهجير، ما دفعها بمساعدة أبنائها لإعادة ترميم نصف ما تبقى من منزلها المدمر في الحجر الأسود، وقبول العيش “بقليل من الحياة”، بحسب تعبيرها ل.
وتتشارك عشرات العوائل التي هجّرت من المدينة المعاناة نفسها لجهة ارتفاع إيجارات المنازل، وغلاء الحياة المعيشية، ومخاوف العودة لترميم المنازل المدمرة في ظل نقص الخدمات داخل أحياء الحجر الأسود، وتضرر البنية التحتية بشكل كبير، بحسب ما قالته مفيدة الجاسم، وهي من سكان حي الثورة في الحجر الأسود.
يشكو رامي السيد، التهميش الذي تعاني منه مدينة الحجر الأسود، والمستمر منذ عقود طويلة حتى اليوم، إذ لا تتوفر أدنى متطلبات البنية التحتية للعيش فيها، بالتزامن مع انتشار الأنقاض والركام، وعدم قدرة البلدية على إزالتها.
وتفتقر المدينة لأي نقطة أمنية رسمية، يستطيع الأهالي اللجوء إليها في حال حدوث أي مشكلة، في الوقت الذي ترتفع به معدلات الجريمة في سوريا، بحسب ما قاله رامي ل.
حال سكان الحجر الأسود
بلغ عدد العوائل التي عادت إلى الحجر الأسود بعد سقوط نظام الأسد حوالي 4000 عائلة، وما زال توافد العائلات مستمرًا بشكل يومي، بحسب ما قاله رئيس بلدية الحجر الأسود، براء محمد بركات، ل.
وعانى الأهالي خلال حكم النظام السابق صعوبة في الحصول على “الموافقة الأمنية” التي كان يفرضها كشرط أساسي للعودة، ولم يتجاوز عدد الحاصلين عليها 550 عائلة، لكن عدد الذين عادوا وقتها فعلًا لا يتجاوز 350 عائلة.
بلغت نسبة الدمار في الحجر الأسود 70%، وتقف البلدية عاجزة أمام هذا الدمار، مع غياب الآليات والميزانية الكافية لتحسين الخدمات، ويتم الاعتماد حاليًا على المجتمع المحلي لتجاوز بعض العقبات، بحسب رئيس البلدية.
وينقسم سكان الحجر الأسود حاليًا إلى قسمين، أصحاب “الموافقة الأمنية” الذين حصلوا عليها سابقًا بشق الأنفس، وقسم آخر عاد خلال الأشهر الخمسة الماضية، اضطروا للعيش داخل ركام بيوتهم المهدمة، لعدم توفر الأموال لترميمها.
وأوضح بركات أن الوضع الخدمي سيئ جدًا في مدينة الحجر الأسود، وهي مدينة منكوبة وبالحديث عن 4000 عائلة (حوالي 24 ألف نسمة) عادت إلى المدينة، فهو رقم لا يساوي شيئًا أمام مساحة المنطقة، إذ كانت تضم قبل الثورة حوالي 650 ألف نسمة.
خدمات متهالكة وانعدام الميزانية
تحتاج مدينة الحجر الأسود إلى شبكة صرف صحي، وإعادة تعبيد للطرق خاصة الرئيسة منها، إثر تعرضها للقصف والتخريب، وتعمل البلدية بمساعدة المجتمع الأهلي على رصف وردم الطرقات والحفر المنتشرة، وتغطية فتحات الصرف الصحي لتجنب وقوع الأهالي فيها وتعرضهم للخطر، بحسب رئيس البلدية، براء محمد بركات.
وبالرغم من التعاون بين مجلس البلدية والمجتمع الأهلي، فإن نقص الآليات وعدم توفر الميزانية الكافية يقفان عائقًا أمام حل جميع المشكلات الخدمية، إذ لا تملك البلدية سوى جرّار واحد وهو بلا مقطورة، وسيارة قمامة واحدة، وتم رفع طلبات إلى محافظة ريف دمشق لتزويدها بآليات خاصة لإزالة الركام الذي يبلغ 1.5 مليون متر مكعب، وهو قابل للزيادة عند البدء بإزالة البيوت المتهالكة.
أثبت الدراسات التي أجراها مهندسو وحدة المياه، عدم صلاحية شبكة مياه الشرب في المدينة والحاجة لاستبدالها، ورغم وجود 30 بئرًا ضمن الحجر الأسود، لا يعمل سوى بئر واحدة، وهي غير كافية لتزويد جميع الأهالي الموجودين حاليًا، وتبلغ تكلفة مد شبكة مياه جديدة دون صيانة الآبار حوالي 20 مليار ليرة سورية، بحسب بركات.
وفيما يتعلق بواقع الكهرباء ضمن مدينة الحجر الأسود، تملك المدينة ثلاث محولات للكهرباء باستطاعة 650 واطًا، وهو ما كان يتناسب مع عدد القاطنين قبل سقوط نظام الأسد، لكن لا يتناسب مع العدد الموجود حاليًا، كما أنها لا تصل إلى كافة الأحياء كالجزيرة وحوش الريحانية، خاصة بعد احتراق إحدى المحولات، وبعد رفع عدة طلبات إلى طوارئ كهرباء السيدة زينب، ومديرية كهرباء ريف دمشق، حصلت مدينة الحجر الأسود على محولة باستطاعة 1000 واط.
مرتبط
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي