اخر الاخبار

الحوثيون يستغلون حرب غزة لترميم شعبية متآكلة داخل اليمن

16 أكتوبر 2024آخر تحديث :

جماعة أنصار الله تستثمر في ضعف حكومة عدن

صدى الإعلام| أحدثت العملية العسكرية الإسرائيلية التي دخلت عامها الثاني في قطاع غزة تغييرا جذريا في الوضع في الشرق الأوسط، وامتد تأثيرها إلى الأزمة اليمنية المستمرة منذ ما يقارب العقد.

كان الحوثيون (أنصار الله) قبل سنة على وشك وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق سينهي رسميا انخراط المملكة العربية السعودية في الأزمة، ويترك المبعوث الخاص للأمم المتحدة أمام مهمة لا يحسد عليها تتمثل في محاولة تحقيق سلام مستدام بين الفرقاء اليمنيين.

وكان من الممكن أن تشمل هذه المفاوضات جماعة أنصار الله والحكومة الضعيفة المعترف بها دوليا.

وتسيطر الحكومة اليمنية التي تتخذ من عدن، عاصمة لها، على ثلثي أراضي البلاد وثلث سكانها. وتضم الحكومة خليطا غير متجانس، وهي منقسمة بين عدد من الفصائل التي يقودها الجيش.

وتعتمد الحكومة ماليا وسياسيا على الدعم السعودي والإماراتي. وأجبرت ضغوط الحوثيين السعودية في العام 2024 على التخلي عن سلاحها الرئيسي الفعال ضد الحوثيين، وهو منعهم من الوصول إلى المؤسسات المالية الدولية.

عن التحول إلى “شهرة عالمية “

وتراجع اهتمام دول أخرى في المجتمع الدولي بالقضية اليمنية، تاركين الأزمة للأمم المتحدة وجيران اليمن. وكان دعم الحكومة اليمنية للفلسطينيين منذ اندلاع حرب غزة لفظيا وضعيفا.


إقرأ أيضاً: رئيس جديد للمخابرات المصرية خلفاً لعباس كامل

ومنعت بعض القوى المنتمية للحكومة المظاهرات العامة من السكان المؤيدين للفلسطينيين. وحاولت بعض الفصائل تعزيز أهميتها العالمية بعد التدخل الدولي في حرب البحر الأحمر، بالدعوة إلى الدعم العسكري لمحاربة الحوثيين، وهو أمر لم يتحقق حتى كتابة التقرير الذي أعدته هيلين لاكنر من “عرب دايجست”.

وتبقى شعبية الحكومة الداخلية متدنّية بسبب ضعف الخدمات الأساسية والحوكمة.

وتحول الحوثيون في المقابل من حركة هامشية خارج شبه الجزيرة العربية إلى قوة مسلحة ذات شهرة عالمية. وأصبحوا حاملي شعلة لكل من يدعم المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، وهم معروفون لدى الملايين الذين يتظاهرون ضد الهجوم الإسرائيلي في شتى أنحاء العالم.

وخفف انخراط الحوثيين في إسناد حماس، من حدة التململ الشعبي داخل المناطق التي يبسطون سيطرتهم عليها بما في ذلك العاصمة صنعاء.

وكانت برزت في السنوات الماضية أصوات منتقدة لنهج الجماعة من الداخل، وخاصة محاولتهم فرض قيم دخيلة على المناطق الخاضعة لهم لكن، تلك الأصوات خبت مع تفجر الأحداث في غزة.

إسناد حماس والتململ الشعبي

ويستند تأثيرهم إلى إستراتيجيتين اتبعوهما في العام الماضي: إطلاق الصواريخ المباشرة ضد إسرائيل والهجمات البحرية على الشحن في البحر الأحمر وبحر العرب.

ولاحظ كثيرون في العالم العربي والإسلامي، التناقض بين العمل العسكري الحوثي المؤيد للفلسطينيين وضعف مواقف الدول العربية.

وبينما فشلت جل الصواريخ التي أطلِقت ضد إسرائيل خلال العام الماضي في بلوغ أهدافها أو التسبب في أي أضرار كبيرة، إلا أنها لا تزال كبيرة لأنها تجبر تل أبيب على استخدام أسلحتها المضادة للصواريخ، وتطلق الإنذارات.

وأعلن قائد الحوثيين عبدالملك الحوثي، في ذكرى هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، أن الحركة أطلقت أكثر من ألف صاروخ وطائرة مسيرة، واستهدفت 193 سفينة في طريقها إلى قناة السويس.

وأثرت هجمات البحر الأحمر بشكل خطير على مصر التي تعتمد على إيرادات قناة السويس، التي تمر منها 40 في المئة من التجارة بين آسيا وأوروبا.

إقرأ أيضاً: وزيرة خارجية ألمانيا: يمكن لإسرائيل قتل المدنيين في غزة لحماية نفسها

انخفاض إيرادات قناة السويس

وانخفضت إيرادات قناة السويس بنسبة 25 في المئة في العام الماضي من 9.2 مليار دولار إلى 7.2 مليار دولار مع تحول عدد كبير من السفن إلى الطريق الطويل حول إفريقيا ورأس الرجاء الصالح.

وكلفت زيادة أسعار التأمين وطريق الشحن الأطول الشحن الدولي 2.1 مليار دولار إضافية.

ونتج عن الهجمات على الشحن في البحر الأحمر غرق سفينتين، واحتجاز سفينة غالاكسي ليدر في نوفمبر الماضي (لا يزال الحوثيون يحتفظون بطاقمها) وإلحاق أضرار بعبارات أخرى.

وتشمل الاستجابة الدولية لضمان حرية حركة الشحن عملية “حارس الازدهار” التي أسستها الولايات المتحدة في ديسمبر الماضي مع عدد من الشركاء الدوليين (لا يشملون الدول المطلة على البحر الأحمر).

وكانت تدخلاتها أقل فعالية. وأطلقت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في يناير عملية بوسيدون آرتشر التي تستهدف مواقع الإطلاق في جميع أنحاء اليمن، على الساحل وفي الداخل. كما نظم الاتحاد الأوروبي عملية أسبيدس.

ويكمن نشاطها الرئيسي في مرافقة السفن في البحر الأحمر، وهي لا تشارك في أية أعمال هجومية. لكن هجمات الحوثيين لم تتأثر بكل هذه القوات في البحر الأحمر والهجمات المباشرة على مواقع الإطلاق والادعاءات الأميركية بأن قدرات أنصار الله قد تدهورت. وعبّر المسؤولون العسكريون عن إحباط الولايات المتحدة في أكثر من مناسبة.

وكان ميناء إيلات هدف الحوثيين الرئيسي في إسرائيل. وأمكن ضربه بنجاح لأول مرة في مارس الماضي وهو بالكاد في مدى الصواريخ الحوثية.

وأعلن الميناء إفلاسه وسرّح نصف موظفيه بحلول 24 يوليو. وأعلن الحوثيون وفصائل “المقاومة الإسلامية” في العراق، خلال الأشهر الأخيرة، مسؤوليتهم عن هجمات أخرى ضد إيلات وحيفا. والأهم من ذلك أن الصواريخ الأكثر قوة التي تلقاها الحوثيون بدعم إيراني مكنتهم من توسيع نطاق هجماتهم. وجاءت أول ضربة قاتلة في 19 يوليو عندما ضرب صاروخ تل أبيب في الليل، مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 10 آخرين. وسقطت طائرة ثانية في وسط إسرائيل في 15 سبتمبر الماضي.

وردت إسرائيل طبعا بالقوة المفرطة، وهاجمت مينائي الحديدة ورأس عيسى في 20 يوليو و29 سبتمبر، مما تسبب في إصابة 62 مدنيا.

وألحقت الهجمات أضرارا جسيمة بصهاريج تخزين النفط ومرافق الموانئ ومحطات الطاقة الحيوية لبقاء المدنيين وللجهود الإنسانية لمساعدة اليمنيين على تجنب المجاعة.

وجدير بالذكر أن الحديدة تشهد تفريغ 80 في المائة من المساعدات الإنسانية. وأجريت الإصلاحات على الفور ولكن تكلفة الخسائر لا تزال مرتفعة. وتختلف الهجمات الإسرائيلية عن الضربات الأميركية والبريطانية، فهي لا تحاول تجنب إصابة المدنيين.

وأكد البحث التفصيلي الذي أجراه مشروع بيانات اليمن تسجيل أكثر من 25 ضحية مدنية لكل غارة إسرائيلية مقارنة بـ0.32 لكل ضربة من عملية بوسيدون آرتشر و0.76 خلال 7 سنوات من الضربات السعودية.

وأصابت جميع الغارات الجوية الإسرائيلية أهدافا مدنية. ويخشى اليمنيون خسارة حياتهم في الضربة الإسرائيلية المقبلة، لكنهم ملتزمون التزاما عميقا بدعم غزة. وأثر ذلك على نظرتهم إلى أنصار الله.

وبينما يبقى كثيرون ممن يعيشون تحت وطأة حكم الحوثيين غير راضين عن طبيعته إلا أنهم يحترمون الجماعة لكونها الفاعل الأكثر تصميما في معارضة إسرائيل.

وعززت السعودية مؤخرا من خطابها تجاه فلسطين، لكن أعمال الحوثيين تبرز من حيث الفعالية والتأثير الدولي بعد سنة من بداية الحرب الإسرائيلية في غزة، التي امتدت الآن إلى لبنان. ولا يزال السلام في اليمن بعيد المنال حيث تبقى المفاوضات للتوصل إلى اتفاق معلقة وسيكون استئنافها صعبا مع استمرار حرب غزة.

المصدر: العرب اللندنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *