اخر الاخبار

الدراما المغربية في رمضان.. نجاحات فردية وانتقادات متكررة

مع اقتراب موسم دراما رمضان 2025 من نهايته، تتباين ردود الأفعال حول الإنتاجات التلفزيونية المغربية، التي قدمت خليطًا من الأعمال المتألقة والأخرى التي لم ترقَ إلى مستوى التوقعات. وعلى الرغم من التطور الملحوظ في الرؤية البصرية والإخراجية، تظل أزمة السيناريو تحديًا بارزًا، ينعكس على جودة العديد من الأعمال.

تميز حسن الفد هذا العام بابتعاده عن التلفزيون واعتماده على يوتيوب كمنصة رئيسية لعرض فقرته الكوميدية، حيث أعاد تقديم شخصية “كبور” في سياقات جديدة، تجمع بين كوميديا الموقف والباروديا لمعالجة قضايا اجتماعية بطريقة ساخرة. ويبدو أنه نجح مرة أخرى في جذب الجمهور والتفاعل الإيجابي، سواء عند عرضه على المسرح أو عبر المنصات الرقمية.

في المقابل، لم تحظَ الكوميديا التلفزيونية بنفس القبول، إذ تعرضت الأعمال المعروضة على القناتين الأولى والثانية لانتقادات حادة على وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب ما وُصف بـ”الاستهانة بذكاء المشاهد”، رغم استمرار القنوات في الدفاع عنها بدعوى تحقيقها “نسب مشاهدة مرتفعة”.

أزمة سيناريو 

رغم التقدم الذي حققته الدراما المغربية من حيث الجودة البصرية وزيادة عدد الإنتاجات، فإن أزمة الكتابة لا تزال تلاحقها. فمعظم الأعمال تعاني من ضعف بناء الشخصيات، وعدم وجود خلفيات نفسية واجتماعية تبرر تصرفاتها، مما يؤدي إلى أحداث غير منطقية تتطور بشكل عشوائي، إلى جانب المط المبالغ فيه، الذي يضعف الحبكة، ويفقد العمل زخمه الدرامي.

وسط الإنتاجات الرمضانية المتقاربة في مستواها، برز مسلسل رحمة الذي يُعرض على إم بي سي 5 كواحد من الأعمال الأكثر تميزًا. ويرجع ذلك إلى الإخراج المتقن لمحمد علي المجبود، الذي اعتمد على تنوع أماكن التصوير في الرباط، مما أضفى على العمل واقعية وحيوية. كما حاول تعويض ضعف السيناريو بالاعتماد على أداء ممثلين بارعين، أبرزهم منى فتو وعبد الله ديدان، اللذان قدما أدوارهما بتمكن وحرفية.

يطرح المسلسل قضية العنف الأسري ضد المرأة، حيث تدور الأحداث حول زوج يرفض طفله المعاق، محملاً زوجته المسؤولية، ويمارس عليها مختلف أنواع العنف النفسي والجسدي، وصولًا إلى تلفيق تهمة خيانة تدفعها إلى السجن، بينما يمضي في حياته متزوجًا من أخرى.

جدل “الدم المشروك”

أثار مسلسل الدم المشروك الذي يُعرض على القناة الثانية جدلًا واسعًا، بسبب تشابه حبكته مع المسلسلات الصعيدية المصرية. وقد زاد هذا الجدل مع اكتشاف أن كاتبة السيناريو، هاجر إسماعيل، مصرية مقيمة في المغرب، مما عزز فكرة التأثر بالدراما المصرية. لكن، رغم انتشار هذه الانتقادات، فإن فكرة الانتقام بين العائلات ليست حكرًا على الدراما الصعيدية، بل عولجت في عدة إنتاجات عالمية.

بعيدًا عن هذا الجدل، يعاني المسلسل من تطور بطيء للأحداث، حيث تدور معظم المشاهد في بيئتين رئيسيتين: بيتين متجاورين وسوق للماشية، ما يجعل السرد متكررًا ورتيبًا. ومع ذلك، يحاول بعض الممثلين، مثل ساندية تاج الدين ومريم الزعيمي، تقديم أداء جيد لإنقاذ العمل من الترهل الدرامي.

“الشرقي والغربي”.. تكرار دون تجديد

عاد الثنائي سامية أقريو ونورا الصقلي بمسلسل الشرقي والغربي، حيث تولتا كتابة السيناريو إلى جانب بطولته، بينما أسند الإخراج لشوقي العوفير، بعد أن أخرجت أقريو عملهما السابق دار نسا.

لكن رغم تاريخهما الناجح مع بنات لالة منانة، لم تستطع أعمالهما اللاحقة تحقيق نفس الصدى، ويرجع ذلك إلى ضعف الكتابة وغياب الحبكة المحورية. يعاني المسلسل الجديد من المط المبالغ فيه، حيث تبدو الأحداث مفككة وغير مترابطة درامياً، مما يجعل المشاهد يتوه بين المشاهد، دون أن يجد رابطًا قويًا يجمعها.

تتكرر في كل موسم درامي نفس الإشكالية: الإنتاجات تمتد إلى 30 حلقة، ما يؤدي إلى مط الأحداث بشكل يضعف البناء الدرامي. ربما لو اقتصر المسلسل المغربي على 15 حلقة، لكانت الأعمال أكثر تكثيفًا وجودة، مما يساعد في الحد من الأخطاء السردية وتحقيق تماسك أفضل في الحبكة.

شهد موسم رمضان 2025 في المغرب تفاوتاً واضحاً بين الأعمال، فمن جهة، نجح حسن الفد في كسب الجمهور مجدداً من خلال يوتيوب، وتميز رحمة برؤية إخراجية قوية رغم عيوب السيناريو، فيما سقطت أعمال أخرى في فخ التكرار والمط وضعف البناء الدرامي. يبقى التحدي الأكبر أمام صناع الدراما المغربية هو تطوير الكتابة، وتجديد الأفكار، والبحث عن توازن بين الجودة الفنية وجاذبية المحتوى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *