الري العراقية لـ”الشرق”: لدينا مشروعات لمواجهة نقص المياه

ذكر مسؤول عراقي في وزارة الموارد المائية العراقية أن هناك مجموعة من المشروعات لمواجهة أزمة النقص الحاد في المياه الصالحة للشرب والري، تعتمد على اتفاقيات مع دول الجوار وصيانة السدود والخزانات القائمة، وأخرى تتعلق بحملات توعية المواطنين والمزارعين من أجل ترشيد استهلاك المياه.
وتقول منظمة اليونيسف إن ملايين العراقيين باتوا يواجهون صعوبة في الحصول على مياه الشرب جراء الجفاف والتغيرات المناخية التي تتفاقم في البلاد.
وتشير السلطات العراقية إلى تراجع المخزون المائي الاستراتيجي إلى 7.5 مليارات متر مكعب، فضلاً عن تراجع إيرادات المياه في نهري دجلة والفرات وروافدهما لكثرة السدود المقامة على منابعهما في تركيا وإيران، وانخفاض معدل سقوط الأمطار على عموم العراق إلى أدنى مستوياتها، الأمر الذي تسبب في وجود تداعيات كارثية للأزمة على كافة الأصعدة.
وفي مقابلة مع “الشرق”، الأربعاء، قال خالد شمال مصحب، مدير عام الهيئة العامة لمشاريع الري والاستصلاح والمتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية العراقية، إن”أزمة المياه في العراق تعود إلى عدة أسباب، أولها “مرتبط بأن العراق متلق للمياه من دول الجوار من تركيا وإيران وسوريا، وبالتالي أكثر من 70% من إيرادات المياه هي خارجية”.
وأضاف: “دول الجوار المائي تنفذ مشاريع استراتيجية كبرى كالسدود، وهذه المشاريع أضرت بحصة العراق، وبالتالي أصبح لا يتلقى إلا أقل من 50% من إيراداته المائية”.
إنشاء السدود
وقالت الحكومة العراقية إن تركيا أنشأت على مدار العقود الأربعة الماضية أكثر من 22 سداً و19 محطة طاقة كهرومائية على نهري دجلة والفرات، أكبرها سد “أليسو” الذي افتتح عام 2018، والذي تبلغ مساحة بحيرته 300 كيلومتر مربع، ويخزن أكثر من 11 مليار متر مكعب من المياه.
وبحسب خبراء مختصين بالمياه والسدود، فإن وجود هذه السدود سيخفض من حصة العراق من مياه نهر دجلة بنسبة 50% خلال سنوات قليلة، وهو ما سيؤدي لفقدان العراق لمساحة واسعة من أراضيه الزراعية، وبالتالي سيزيد من مساحات التصحر فيه.
كما يعاني العراق من تأثيرات التغيرات المناخية، إذ شهد تراجعاً في معدلات سقوط الأمطار وتزايداً في الجفاف وظاهرة التصحر.
وذكر مدير عام الهيئة العامة لمشاريع الري والاستصلاح أن “التغيرات المناخية وارتفاع معدل درجات الحرارة التي أدت إلى أن يكون العراق ضمن أكثر 5 دول تأثراً بالتغيرات المناخية وبظاهرة الجفاف المرتبطة بقلة الإيرادات وارتفاع درجات الحرارة”.
ولفت مصحب إلى أن أسلوب إدارة المياه في العراق وبدائية أساليب الري وعدم صيانة وتطوير المشروعات المائية خلال السنوات الماضية، يعمق من أزمة نقص المياه الصالحة للشرب والري.
وأشار المسؤول العراقي إلى أن “المياه تمثل أحد أهم مرتكزات الأمن الوطني للبلاد؛ وبالتالي فإن أزمة الجفاف انعكست بشكل سلبي على المجتمع والاقتصاد”.
وذكر مدير عام الهيئة العامة لمشاريع الري والاستصلاح والمتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية أن “الجهات الحكومية المختلفة اتخذت عدة إجراءات لمواجهة هذه الأزمة، ومن بينها التفاوض المباشر مع دول الجوار، والتي أثمرت عن توقيع اتفاقية إطارية مع تركيا لتأمين حقوق العراق المائية لـ10 سنوات مقبلة”.
وأشار إلى البدء في تنفيذ مشروعات لتحسين المياه من خلال تأهيل وصيانة البنى التحتية لمشاريع الري، والتوسع في محطات معالجة مياه الصرف، إضافة إلى تشجيع المزارعين على أساليب الري الحديثة الموفرة للمياه.
وقال مصحب لـ”الشرق”، إن “الوزارة تنفذ عدداً من المشاريع المهمة فيما يخص الري المغلق، وبرنامج صيانة وتفتيش السدود، وإدامة وصيانة منشآت البنى التحتية لمشاريع الري والبزل (الصرف)، ومشاريع الري والاستصلاح”.
وأضاف أنه “جرى تنفيذ بعض المشاريع الريادية المرتبطة بالري الحديث، مثل الري الأنبوبي المغلق، فضلاً عن جهود الحكومة بدعم المزارعين بانتهاج الري الحقلي الحديث أو الري المقنن وهو أغلب ما يكون الري بالرش أو المنقطات”.
ولفت المسؤول العراقي إلى أنه “تم تشديد الإجراءات القانونية للتصدي لحالات التجاوز والإسراف في استهلاك المياه من جانب بعض المزارعين وأصحاب المزارع السمكية غير المرخصة”، مشيراً إلى أن العقوبات قد تصل إلى السجن أو الغرامة.
وضع حلول لأزمة نقص المياه
في المقابل يطالب مختصون في مجال الري والمياه الحكومة العراقية بتنفيذ وعودها والمضي قدماً في المشروعات التي أعلنت عنها سابقاً لوضع حلول لأزمة نقص المياه، خاصة في فصل الصيف.
وحث كامل الكعبي، المختص في الموارد المائية، الحكومة العراقية والقائمين على ملف المياه على العمل من أجل “الاستفادة من كميات الأمطار في فصل الشتاء وكذلك المياه التي تضطر تركيا إلى إرسالها للعراق؛ بسبب امتلاء الخزانات فيها”.
وقال الكعبي لـ”الشرق”: “يجب على العراق ووزارة الموارد المائية أن تهتم بإجراء بحيرات صناعية ونواظم وأماكن لتخزين هذه المياه والاستفادة منها في أوقات الذروة في فصل الصيف، حتى لا نشعر بأي أزمة مائية أو أي فراغ”.
وفي منتصف مارس 2023، أعلنت وزارة الزراعة العراقية خروج نحو نصف الأراضي الزراعية في عموم البلاد من الإنتاج، نتيجة الجفاف الذي ضرب البلاد بين سنوات 2020 و2023؛ بسبب تراجع مناسيب نهري دجلة والفرات وشحّ الأمطار، وهو ما عطّل استغلال 27 مليون دونم زراعي.
ويتجاوز إجمالي معدل الاستهلاك لكافة الاحتياجات في العراق نحو 53 مليار متر مكعب سنوياً، بينما يحتاج العراق إلى 70 مليار متر مكعب لتلبية احتياجاته.