نظمت وزارة الزراعة السورية بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، ورشة عمل موسعة في فندق “غولدن مزة” بدمشق، خُصصت لمناقشة واقع سلسلة قيمة الزيتون في سوريا، وفرص تطوير الإنتاج والجودة والتسويق والتصدير.
وتأتي الورشة التي أقيمت اليوم الثلاثاء، 23 من أيلول، ضمن المبادرة العالمية التي أطلقتها “فاو” عام 2021 تحت شعار “بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية”، حيث اختير الزيتون ليكون المنتج الوطني الأبرز في سوريا نظرًا لأهميته الزراعية والاقتصادية والثقافية.
وبحسب ما نقلت الوكالة السورية للأنباء (سانا)، شدد وزير الزراعة، أمجد بدر، خلال الجلسة الافتتاحية على أهمية استدامة قطاع الزيتون من الحقل حتى المستهلك، ودعم المزارعين والتعاونيات والقطاع الخاص عبر تحسين الممارسات الزراعية واللوجستية، وتبني معايير الجودة والتتبع (traceability) لتعزيز تنافسية المنتج السوري في الأسواق العالمية.

ووصف ممثل “فاو” في دمشق، طوني العتل، الزيتون السوري بأنه “جزء من الهوية الوطنية”، مشيرًا إلى أن أكثر من 300 ألف مزارع يعتمدون عليه كمصدر دخل رئيسي، إلى جانب كونه سلعة تصديرية ذات قيمة. ودعا إلى توحيد جهود الفاعلين في القطاع لوضع خطة تعافٍ لسلسلة الزيتون وزيته.

وأكد السفير الإيطالي في سوريا، ستيفانو رافانيان، اهتمام بلاده بدعم الزراعة السورية ونقل الخبرات، لكنه شدد على ضرورة رفع العقوبات عن دمشق لتمكينها من استعادة مقدراتها الزراعية والانفتاح على الأسواق الأوروبية.

وأبدى مدير معهد “سيام باري” الإيطالي، بيادجو دي تيرليتزي، عن استعداد المعهد للتعاون في تعزيز الموارد البشرية وتأهيل الكوادر الفنية السورية.

وتضمنت الورشة عروضًا عن واقع المساحات المزروعة بالزيتون، وحجم الإنتاج، وأنواع الأصناف السورية واستخداماتها الغذائية والطبية، إضافة إلى مناقشة أبرز التحديات التي واجهت هذا القطاع خلال السنوات الماضية، من تراجع الجودة وصعوبات التسويق إلى الحاجة لإعادة تأهيل البنية التحتية.

ودعا المشاركون إلى تأسيس “مجلس وطني للزيتون” يضم ممثلين عن الحكومة والقطاع الخاص لمتابعة ملف الجودة والإنتاج، وتحديث التشريعات بما يتماشى مع المواصفات العالمية، إلى جانب اعتماد مخابر متخصصة لإصدار شهادات المطابقة وتعزيز الحوكمة في التمويل والتسويق.

مدير الاقتصاد والتخطيط الزراعي في الوزارة، سعيد إبراهيم، كشف لـ(سانا) عن إعداد برامج تنفيذية بالتعاون مع “فاو” ضمن إستراتيجية تطوير قطاع الزيتون طويلة الأمد، تهدف إلى رفع جودة الزيتون وزيته ليتوافق مع المعايير العالمية، وتحسين الإنتاجية وتعزيز فرص التصدير.

وشارك في الورشة ممثلون عن مديريات الزراعة واتحاد الغرف الزراعية السورية ومنظمات إقليمية ودولية ومنتجون وشركات تصنيع في القطاعين العام والخاص، إلى جانب جهات مانحة، في خطوة تهدف إلى إعادة وضع الزيتون السوري على خريطة الإنتاج والتصدير العالمي.

واقع الزيتون في سوريا

بحسب بيانات وزارة الزراعة السورية يوجد في سورية أكثر من 101 مليون شجرة زيتون، منها حوالي 90 مليون شجرة مثمرة. وتُقدَّر المساحة المزروعة بأشجار الزيتون في سوريا بحوالي 674,000 هكتار (نحو 12% من المساحة المزروعة في البلاد).

وتعد أشجار الزيتون ثالث أكثر المحاصيل المزروعة في سوريا، وتساهم بنحو 3% من الدخل القومي للبلاد، و9.5% من الدخل الزراعي، فضلًا عن توفير فرص العمل لنحو 300 ألف أسرة سورية.

وبلغ إنتاج زيت الزيتون للموسم 2024 حوالي 122,000 طن، مع استهلاك محلي يُقدَّر بنحو 100,000 طن، مما يترك فائضًا نظريًا للتصدير يقارب 22,000 طن للموسم المشار إليه.

وتشير بيانات الاتحاد الأوروبي إلى أن الزيتون وزيت الزيتون كانا على رأس قائمة الأغذية الزراعية المستوردة من سوريا، وبلغت قيمة واردات الزيتون وزيت الزيتون من سوريا ذورتها في 2023 بواقع 58 مليون يورو، وتراجعت في 2024 إلى 38 مليون يورو، وهو ما يؤكد وجود قنوات تصديرية منظمة إلى الأسواق الأوروبية تسهم في توفير قطع أجنبي للبلاد.

توقعات بتراجع إنتاج الزيتون في 2025

أثرت التغيرات المناخية التي تشهدها المنطقة وتبعاتها من جفاف وانخفاض في معدل الأمطار، إضافة إلى تسجيل موجات حارة في غير مواعيدها، على إنتاج الزيتون في سوريا، ما أدى إلى تراجعه. كما لعبت التعديات الكبيرة التي طالت أشجار الزيتون في بعض المناطق من حرق إلى قص وقلع، دورًا كبيرًا في هذا التراجع.

وقال مدير المكتب الإعلامي في وزارة الزراعة، دياب صخوري، في وقت سابق ل، إن من المتوقع تراجع إنتاج الزيتون للموسم الحالي بنسبة 35% عن الموسم الماضي، إذ يقدّر بشكل أولي بحوالي 412 ألف طن.

وأوضح صخوري أن حوالي 20% من هذه الكمية تخصص لإنتاج زيتون المائدة، والجزء الأكبر لاستخراج الزيت، الذي يمكن أن يصل إلى 65 ألف طن في حال كانت الظروف البيئية ودرجات الحرارة مناسبة خلال هذه الفترة “لاصطناع الزيت في الثمار”.

وذكر صخوري أن التغيّرات المناخية المتمثلة في تراجع معدل الهطول المطري هذا العام باعتبار أن 80% من الزراعة بعلية، إضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة في فترات حرجة، كان لها تأثير سلبي كبير على العقد وتطور الثمار، ما أدى إلى تراجع الإنتاج بنسبة 35% تقريبًا عن الموسم الماضي.

كما يعتبر هذا الموسم سنة “معاومة” للزيتون في أغلب المناطق، بحسب صخوري، إضافة إلى عدم قدرة المزارعين على تقديم الخدمات الزراعية المناسبة من تسميد وري تكميلي للحد من تأثير التغيّرات المناخية.

توقعات بتراجع إنتاج الزيتون في الموسم الحالي

المصدر: عنب بلدي

شاركها.