ابتكر فريق بحثي بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية “كاوست” في السعودية، نظام طائرة مُسيّرة (درون) يعمل بالذكاء الاصطناعي يمكنه التعرف على الإبل، وتتبعها من الجو، دون حاجة إلى استخدام الأطواق المزوّدة بأنظمة تحديد المواقع (GPS) باهظة الثمن أو الاعتماد على الاتصالات عبر الأقمار الصناعية.
ويوفر هذا الابتكار خياراً منخفض التكلفة لمربي ورعاة الإبل لمواصلة أحد أقدم المهن في المملكة، كما يتيح للعلماء فهمًا أعمق لأنماط هجرة الإبل وسلوكياتها، بحسب بيان للجامعة.
تبدو الإبل من الجو غالبًا وكأنها جزء من المشهد الرملي، يصعب تمييزها عن الصخور أو الشجيرات، وللتغلب على ذلك، استخدم الفريق البحثي كاميرا واحدة مُثبتة على طائرة مُسيّرة لجمع لقطات جوية لقطعان صغيرة من الإبل في السعودية، ثم استخدم تقنيات التعلم الآلي لتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي.
كشف النموذج عن رؤى جديدة بشأن سلوك هذه الحيوانات، موضحًا أن أنماطها في الرعي ليست عشوائية، بل تتبع مسارات يمكن التعرف عليها، وفق “كاوست”.
وأظهرت النتائج أن الإبل – خاصة كبيرة السن – تسلك نمطًا منظمًا خلال الرعي يغطي مسافات طويلة على مدار اليوم، لكنها تعود دائمًا إلى مربيها قبل غروب الشمس، كما تبيّن أنها شديدة الحساسية لصوت الطائرة المُسيّرة، ولهذا حرص الباحثون على إبقائها على ارتفاع لا يقل عن 120 متراً عن سطح الأرض.
وفي الخطوة التالية، يخطط الفريق البحثي لجمع تسجيلات فيديو لقطعان أكبر حجمًا وأكثر تنوعًا من حيث الألوان والأحجام، لتدريب نظام الذكاء الاصطناعي على أداء أفضل.
ولعدة قرون، شكلت الإبل محور الحياة العربية، إذ وفرت وسيلة للنقل ومصدرًا للغذاء ورابطًا ثقافيًا مع الصحراء، والآن تسهم الإبل بأكثر من 2 مليار ريال سعودي سنويًا في الاقتصاد الوطني من خلال قطاعات تشمل الأغذية والمنسوجات والسياحة.
ومع ذلك، يظلّ الرعي تحديًا صعبًا، إذ ربما تجوب الإبل مسافات تصل إلى 50 كيلومترًا يوميًا عبر تضاريس ومناطق نائية، ما يؤدي أحيانًا إلى حوادث مرورية على الطرقات السريعة أو تدهور الغطاء النباتي نتيجة الرعي الجائر، أو ضياعها في الصحراء الشاسعة.
