اخر الاخبار

السودان.. تحولات استراتيجية بالمعارك ونمط جديد من المواجهة

في منتصف أبريل الماضي، بدأ عام ثالث من الحرب في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، بسيطرة الجيش على وسط السودان وولاياته المجاورة لإقليم كردفان والذي يمثل حلقة الوصل ما بين الوسط والغرب، لكن ثمة ما يمكنه تعكير صفو انتصارات الجيش.

استيقظت مدينة بورتسودان، شرقي السودان وهي عاصمة البلاد الإدارية المؤقتة، صباح الأحد، على أصوات انفجارات لم تشهدها منذ اندلاع الحرب، هجوم بطائرات مسيرة استهدفت المطار، وقاعدة جوية، ومبان خدمية، بحسب بيان للمتحدث الرسمي للجيش.

هذا الهجوم غير المتوقع، على الرغم من تأثيره المحدود، إلا أنه فتح الباب أمام توقعات بحدوث سيناريوهات ربما تؤخر فرحة الجيش بإعلان الانتصار، بحسب مراقبين.

خارطة السيطرة

عقب سيطرة الجيش على 90% من الخرطوم أصبحت له الكلمة في ولايات شرق ووسط السودان، ما دفعه لتوسيع دائرة الهجوم لتصل إلى إقليم كردفان ليفكٌ حصار الأُبيض عاصمة الإقليم التاريخية، ويبدأ الزحف نحو جنوب كردفان.

قوات الدعم السريع لم تخرج بشكل كلي من وسط البلاد، إذ احتفظت بمساحة مناورة في أقصى جنوب غرب العاصمة الخرطوم وشمال ولاية النيل الأبيض، وبدأت الهجوم على غرب كردفان بهدف قطع الطريق أمام الجيش، وسيطرت على مدينتي النهود، ثاني مدن إقليم كردفان اقتصادياً، والخوي، وعززت من هجماتها على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وضاعفت من حصارها وتهجير قراها ومخيماتها، بحسب ناشطين.

وسيطرت على 3 من أصل 5 ولايات في دارفور، وأصبحت تشارك حركة جيش تحرير السودان في السيطرة على وسط دارفور، وبلدات في جنوب كردفان مع حليفها الجديد الحركة الشعبية شمال – عبد العزيز الحلو، لترسم فصلاً جديداً من المواجهة مع الجيش المنتشي بانتصاراته في الخرطوم.

إقليم كردفان “الجائزة الكبرى”

يعد إقليم كردفان من أهم أقاليم السودان من حيث المساحة والموقع والإنتاج، إذ يحتفظ بأكبر أسواق المحاصيل، وأعلى إنتاج في الصمغ العربي والحبوب، فضلاً عن أنه يربط بين وسط السودان وغربه.

ويضم الإقليم 3 ولايات هي شمال وجنوب وغرب كرفان، وجميعها تحتوي على تواجد عسكري للجيش يحفظ له تفوقه خاصة الجوي عن طريق قاعدة الأبيض، كما يسيطر الجيش على مدينتي الأبيض عاصمة شمال كردفان، وكادقلي عاصمة جنوب كردفان، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على الفولة عاصمة غرب كردفان، منذ يونيو 2024.




الباحث السياسي إبراهيم أحمد جمعة، يرى أن من يسيطر على كردفان هو الذي سيحسم المعركة كاملة، مشيراً إلى أن فرق الجيش في الإقليم لم تستجب للنداءات القبلية وظلت إلى جانب الجيش وهو ما يزيد من تماسكه في الإقليم.

نمط جديد للصراع

بداية العام الثالث للحرب، شهدت إعلان كل طرف عن نفسه، فالجيش يرى أنه بدأ المرحلة الثالثة من إنهاء تمرد الدعم السريع، بينما ترى القوات أنها أعادت تمركزها لتحقيق مكاسب جديدة.

عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، عمران عبد الله، قال لـ”الشرق”، إن القوات دخلت العام الثالث من الحرب باستراتيجية جديدة تركز على التوقف عن الانتشار لصالح السيطرة على مناطق حاسمة، وإعادة التمركز بما يتناسب مع الخطة القتالية الجديدة.

وأضاف، أن الخطة الجديدة باتت واضحة وحققت نتائجها، متوقعاً تحقيق المزيد خلال الفترة المقبلة، معتبراً أنه لم يتبق لإعلان سيطرة القوات الكاملة على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور، سوى ترتيبات لتجنيب من سماهم “المرتزقة”، خطر الموت. 

ويعتبر عمران، أن سيطرة قواته على مدينة النهود بولاية غرب كردفان، انتصاراً هاماً يُتيح لها التمدد غرباً وجنوباً وشرقاً والسيطرة على الحدود مع دولة جنوب السودان، مشيراً إلى أهمية إقليم كردفان، في خارطة السيطرة، بسبب أهميته الاقتصادية.

الخبير العسكري والضابط السابق في الجيش عمر أرباب، قال لـ “الشرق”: “من الواضح أننا في مرحلة جديدة من مراحل الحرب، إذ استفاد الجيش من انتشار قوات الدعم السريع واستطاع إضعافها وإخراجها من الكثير من المناطق التي يسيطر عليها حالياً”.

واستدرك: “لكن الآن نحن أمام واقع جديد، انتشار الدعم السريع في المواقع الجديدة، وحروب المناطق المفتوحة يزيد من صعوبة عمليات الكمائن.. في تقديري أن قوات الدعم السريع ستحاول السيطرة على مناطق بعينها، ثم تتجه إلى القتال العشوائي واستخدام المسيرات التي يصعب السيطرة عليها، خاصة أنها تستهدف المناطق المدنية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *