أعلن رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، اعتزامه تشكيل حكومة جديدة مكونة من 22 حقيبة وزارية أطلق عليها اسم “حكومة الأمل”، وشملت دمج بعض الوزارات مثل الزراعة والري، والتجارة والصناعة.

ويأتي هذا التشكيل في ظرف استثنائي تمر به البلاد، إذ تخوض الحكومة تحديات جسيمة، أبرزها إعادة العمل من العاصمة الخرطوم بدلاً من العاصمة المؤقتة بورتسودان الواقعة على الساحل الشرقي للبلاد.

وأوضح إدريس أن الحكومة ستعود تدريجياً إلى الخرطوم، بعد إعلان الجيش استعادته السيطرة الكاملة على العاصمة. إلا أن هذه العودة تواجه جملة من العقبات، على رأسها الدمار الواسع الذي طال وسط المدينة، حيث تقع معظم المباني الحكومية والوزارات، والتي تعرضت للحرق والتخريب خلال المعارك التي دارت بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وشهدت الخرطوم  أعنف المواجهات، إذ تعاني من تدهور واسع في البنية التحتية، حيث كانت مسرحاً للمعارك، فقد خرجت معظم شبكات الكهرباء والمياه عن الخدمة، كما توقفت الجامعات والمدارس عن العمل، بينما يواصل السكان العودة التدريجية وسط جهود حكومية لإعادة تأهيل المدينة.

وبدأت ولاية الخرطوم بالفعل بتنفيذ خطة إسعافية لإعادة المؤسسات إلى العمل، حيث عادت وزارة الداخلية وبعض إداراتها للعمل من قلب الخرطوم في إطار خطة لتأمين العاصمة، وإعادة تفعيل دور الشرطة.

وقال الطيب سعد الدين، المتحدث باسم حكومة ولاية الخرطوم، إن السلطات لجأت إلى إنارة الشوارع والمؤسسات في وسط المدينة عن طريق الطاقة الشمسية، بانتظار استعادة شبكة الكهرباء التي تعرضت خطوطها للنهب والتخريب. كما بدأت بعض الوزارات في العودة لمقارها القديمة، وشرعت في تقييم الأضرار التي لحقت بها.

الموظفون بين الأمل والمعاناة

رغم قرار الحكومة، إلا أن الموظفين يواجهون صعوبات جمة في العودة إلى الخرطوم. يقول عصام، وهو موظف حكومي يعمل حالياً من بورتسودان لـ”الشرق”، إن منزله تعرّض للدمار، ولا يصلح للعيش في الوقت الراهن، ما يجعل العودة صعبة، لا سيما مع ارتفاع تكاليف الترحيل والمواصلات في ظل الأزمة الاقتصادية.

وفي ذات السياق، يقول حسن، وهو موظف يعمل من الخرطوم، إنه انتقل من منزله المتضرر في بحري إلى منزل مستأجر في أم درمان، ما شكل عبئاً مالياً إضافياً عليه.

وأضاف: “العودة خطوة جيدة، لكن حجم الدمار الكبير يجعلها تحدياً حقيقياً، خاصة بالنسبة للموظفين الذين فقدوا منازلهم”.

قرار العودة إلى الخرطوم جاء بعد مشاورات مكثفة مع الجهات الأمنية، التي أكدت أن الوضع آمن إلى حد كبير، إلا أن استعادة الحياة المدنية في العاصمة تظل رهينة بعودة المواطن نفسه. فبدون المواطنين، لا تستطيع الحكومة أداء وظائفها، والعكس صحيح.

ويؤكد اللواء معتصم عبدالقادر، الخبير الأمني لـ”الشرق”، أن “عودة الحكومة إلى الخرطوم خطوة ضرورية لترسيخ سيادة الدولة، لكنها لن تكتمل ما لم تتحقق عودة متزامنة للمواطنين، لا سيما الموظفين وأسرهم، فهما ركيزتا استقرار العاصمة”.

وأضاف أن المؤسسات الأمنية وعلى رأسها الشرطة قادرة على بسط السيطرة ومنع أي تفلتات، وهو ما يشكل بيئة مساعدة لتطبيع الأوضاع تدريجياً.

ويرى عبدالقادر أن العملية تبادلية، وتتطلب جهداً مشتركاً بين الدولة والمجتمع، مشدداً على أن تطبيع الأوضاع يجب أن يبدأ بخطوات عملية واضحة، تبدأ بالأمن وتنتهي بإعادة الخدمات.

أولويات الحكومة الجديدة

في تعليقه على التشكيل الجديد، قال مبارك الفاضل، رئيس حزب الأمة، إن مهام الوزارات منصوص عليها ولا تحتاج لإعلانات سياسية.

وأضاف أن الأولوية ينبغي أن تكون لوقف الحرب، وتخفيف معاناة المواطنين بإعادة تشغيل الزراعة والمصانع، وتوفير الخدمات الأساسية.

وأكد أن أي حكومة ستكون بلا معنى ما لم تسبقها رؤية سياسية شاملة وخريطة طريق للسلام وإعادة الإعمار.

كما شدد على أن إعادة الموظفين للعاصمة تتطلب تمويلاً كبيراً وظروفاً مهيأة، ولن يتحقق ذلك دون وقف الحرب، وهو الشرط الذي ينتظر تحققه المجتمع الدولي للإفراج عن المساعدات المجمدة.

شاركها.