دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، دول الاتحاد الأوروبي إلى زيادة الاستثمار في مصر، مؤكداً أن موقع القاهرة الاستراتيجي، يتيح للشركات الأوروبية النفاذ إلى أكثر من 1.5 مليار مستهلك في إفريقيا، والمنطقة العربية والاتحاد الأوروبي.

جاء ذلك خلال الحدث الاقتصادي المصاحب للقمة المصرية الأوروبية الأولى في بروكسل، بحضور رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين، وأكثر من 300 من رؤساء وممثلي أكثر من 60 شركة أوروبية، إلى جانب 100 شركة مصرية، و15 مؤسسة من مؤسسات التمويل الدولية، بالإضافة إلى ممثلين عن الهيئات الاقتصادية التابعة لدول الاتحاد الأوروبي.

وقال الرئيس المصري إن الاتحاد الأوروبي يعد الشريك التجاري والاستثماري الأول لمصر، بنسبة تصل إلى نحو 27% من تجارة مصر الخارجية العام الماضي، كما مثلت استثمارات الاتحاد الأوروبي نحو 32% من أرصدة الاستثمار الأجنبي المباشر في نفس العام.

وحسب بيان للرئاسة المصرية، ذكر السيسي في كلمته، أن المناقشات خلال المؤتمر شملت “دراسة إنشاء ممر استثماري أوروبي في مصر، يكون بوابة للأسواق الإفريقية والعربية، وأفكاراً حول تعميق اندماج مصر في سلاسل الإمداد الأوروبية، وتناولاً معمقاً لدور القطاع الخاص، والتزام الدولة المصرية بدعمه، ليكون محركاً رئيسياً للتنمية”.

وأضاف السيسي أن القاهرة، وبروكسل على أعتاب مرحلة جديدة في مسار التعاون الاقتصادي “تتطلب رؤية أوسع وطموحاً أكبر، وسط هذه التطورات غير المسبوقة، التي شهدتها منطقتنا ومحيطنا الإقليمي، خلال الأعوام الأخيرة”، مؤكداً أن “مصر اليوم تمثل فرصة حقيقية وملموسة أمام مجتمع الأعمال الأوروبي، وليس مجرد شريك قريب جغرافياً”.

إجراءات الإصلاح الاقتصادي

واستعرض الرئيس المصري إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي اتبعتها القاهرة، مشيراً إلى أنها أسفرت عن رفع التصنيف الائتماني من جانب مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية الرئيسية، وأشادت تلك المؤسسات وصندوق النقد الدولي، باتباع مصر لسعر صرف مرن، كما تزايدت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وارتفاع معدل النمو السنوي، خلال الربع الأخير من العام المالي 2024/2025 إلى 4.4%، مقارنة بـ2.4% في العام المالي 2023/2024 “بما يعكس مرونة الاقتصاد المصري، بالرغم من التحديات والأزمات الإقليمية والدولية”.

وأكد أن مصر ستواصل جهودها للإصلاح الاقتصادي، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، “فضلاً عن الالتزام بتنفيذ وثيقة سياسات ملكية الدولة، التي تحدد الإطار العام، لعمل الشركات الحكومية والمملوكة للدولة، وكذا تنفيذ برنامجها للطروحات الحكومية، بهدف زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي”.

وقال السيسي إن “موقع مصر الاستراتيجي، يتيح للشركات الأوروبية النفاذ إلى أكثر من 1.5 مليار مستهلك في إفريقيا، والمنطقة العربية والاتحاد الأوروبي ذاته بفضل شبكة واسعة من اتفاقيات التجارة الحرة، واتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، والموقع المتميز على الممرات المائية والبرية التجارية، والبنية الأساسية المتطورة”.

وأشار إلى توفير مصر منظومة متكاملة من الحوافز للمستثمرين “تشمل الإعفاءات الضريبية، وسهولة تحويل الأرباح، وتوافر العمالة المدربة منخفضة التكلفة، والطاقة بأسعار تنافسية، إلى جانب الأمن، والاستقرار السياسي، والمؤسسي”.

وأوضح أنه تم إطلاق “المنصة المصرية الأوروبية للاستثمار” لتكون “أداة عملية لتحفيز الاستثمارات الأوروبية، إلى القطاعات ذات الأولوية، وخلق فرص للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وفقاً لأولويات التنمية الوطنية ومجالات التخصص الأوروبية”، مؤكداً حرص الدولة على تجاوز أي تحديات قد تعيق الاستثمار الأوروبي.

ودعا السيسي الجانب الأوروبي “النظر إلى مصر، ليس فقط كسوق استهلاكي واعد، بل كشريك إنتاجي موثوق، يمكن أن يحتضن خطوط إنتاج أوروبية، تخدم الأسواق العالمية والأوروبية، بكفاءة وتكلفة تنافسية”.

وقال الرئيس المصري إن بلاده يمكنها أن تكون الحليف الصناعي والتكنولوجي، الذي تحتاجه أوروبا لتأمين إمداداتها، وتنويع مصادرها، خاصة أن “الحاجة إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد في منطقتينا، باتت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، في ظل تحديات التجارة العالمية، وأزمات الطاقة، وتقلبات الأمن البحري”.

“منفعة متبادلة”

وأضاف السيسي أن مصر تدعو إلى شراكة استثمارية “قائمة على المنفعة المتبادلة حيث توفر مصر فرصاً حقيقية في قطاعات استراتيجية مثل: الصناعات الدوائية واللقاحات، وصناعة السيارات التقليدية والكهربائية، والأسمدة والبتروكيماويات، والطاقة الجديدة والمتجددة، خاصة الهيدروجين الأخضر، والشرائح الإلكترونية والذكاء الاصطناعي، والصناعات الدفاعية، والبنية التحتية اللوجستية، والنقل”.

وشدد على أن الاستثمارات الأوروبية في مصر “لن تحقق فقط عائداً مالياً، بل ستسهم في بناء اقتصاد إقليمي أكثر توازناً، وستدعم استقرار جنوب المتوسط، وستعزز مكانة الشركات الأوروبية، في أسواق تتوسع بشكل سريع ومستمر”.

ودعا السيسي، المسؤولين والمستثمرين الأوروبيين إلى “زيارة مصر، والتعرف على أرض الواقع على البيئة الاستثمارية المحفزة والاطلاع عن قرب، على ما توفره من فرص استثمارية حقيقية، وحوافز مشجعة، وضمانات جادة”.

كما دعا المفوضية الأوروبية إلى توسيع أدوات الضمان، والتأمين للمستثمرين الأوروبيين في السوق المصري، والحكومات الأوروبية، إلى دعم نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعة المشتركة، بما يخدم مصالح الجميع”.

وعقدت في العاصمة البلجيكية بروكسل، الأربعاء، القمة الأوروبية المصرية الأولى برئاسة الرئيس المصري، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين، بهدف تعزيز التعاون بين الجانبين وتنسيق المواقف بشأن الأزمات الإقليمية والدولية ودعم العمل المشترك في قضايا مثل مكافحة الهجرة غير الشرعية.

شاركها.