“الشؤون المدنية” في سوريا توضح سبب توقف خدماتها

توقفت مديرية “الشؤون المدنية” في سوريا عن تسجيل الواقعات الجديدة، وإصدار البطاقات الشخصية للمواطنين في سوريا، واكتفت بإصدار بعض الوثائق التي يحتاجها المواطن لإكمال وتنفيذ معاملاته في الدوائر الحكومية.
قابلت مدير الشؤون المدنية في سوريا، عبد الله عبد الله، في 17 من آذار، وأجرت معه حوارًا بشأن أبرز القضايا المتعلقة بالإجراءات التطويرية التي تقوم بها المديرية، وأهم العقبات والتحديات التي تمنع تسجيل الواقعات الجديدة، وإصدار بعض الوثائق الخاصة بالمواطنين.
- ما أهم الإجراءات لإعادة هيكلة الشؤون المدنية منذ استلامكم إدارتها.
قمنا كمديرية شؤون مدنية، منذ استلامنا زمام الأمور بالعديد من الإجراءات، خاصة المتعلقة بصيانة وترميم شبكة البيانات المتهالكة والمتقطعة الأوصال، وإعادة عملية الربط بين المحافظات السورية، ومازال العمل مستمرًا حتى تاريخه.
أما فيما يخص إعادة الهيكلة الإدارية، مازلنا في حالة التريث، ريثما يتم الانتهاء من عمليات صيانة وترميم الشبكة.
- ما أسباب توقف مديرية الشؤون المدنية عن تسجيل الواقعات الجديدة؟
توجد عدة أسباب وراء عدم إمكانية تسجيل وتثبيت الواقعات الجديدة، منها الإهمال الكبير من قبل الإدارات السابقة باتجاه تطوير شبكة البيانات، والتي نعمل اليوم على صيانتها وتطويرها.
وأيضًا هناك سبب آخر متعلق بدمج شبكات إدلب وشمال حلب مع الشبكة الرئيسية، فعلى سبيل المثال، المواطن الذي سجل واقعة زواجه في إدلب خلال السنوات الماضية، بقيت حالته أعزبًا في دمشق، لذا تعد عملية دمج الشبكات مهمة جدًا.
- تتحدث عن شبكة بيانات متهالكة اليوم، بالرغم أن هذه الشبكة استمرت بالعمل بشكل كامل، حتى آخر يوم عمل قبل سقوط نظام “الأسد”.
صحيح، للأسف أنصار النظام “البائد” عندما تبنوا شعار “سنحرق البلد”، تبنوه قولًا وفعلًا، فقد واجهنا عند دخولنا لمديرية الشؤون المدنية، العديد من العراقيل، أهمها وجود قفل على شبكة البيانات، إضافة لتخريبها، وهذا يدل على انتهاج النظام السابق، سياسة التخريب قبل مغادرة البلاد.
- هل هناك خطة لتحديث بيانات المواطنين، بعدما شهدته السنوات السابقة، من عمليات نزوح وتحول ديمغرافي؟
نعمل اليوم في مديرية الشؤون المدنية، على تسهيل الإجراءات قدر المستطاع، أما بالنسبة للمواطنين، فقد ألغينا الرسوم على جميع الوثائق التي تصدرها اليوم مديرية الشؤون المدنية، وهو إلغاء مؤقت وليس دائمًا.
أما فيما يتعلق بإجراء تحديث على البيانات، فهذا الإجراء لا يمكن القيام به، قبل الانتهاء من عملية صيانة وترميم شبكة البيانات، ودمج شبكات ادلب وشمال حلب والشبكة الرئيسية، فكل منها يحوي ملايين الواقعات ويجب دمجها سوية في المرحلة الأولى.
- هل تجري الاستعانة بدول أو منظمات أخرى، في عملية صيانة وترميم شبكة البيانات؟
توجد العديد من الشركات والأشخاص تقدموا بطلبات للمساعدة في عملية صيانة وترميم شبكة بيانات الشؤون المدنية السورية المتهالكة، لكن هناك توجهًا على مستوى الحكومة الحالية ووزارة الداخلية ومديرية الشؤون المدنية، بالاعتماد على كوادرنا الوطنية في إنجاز هذه المهمة، وأن يكون جهدًا وطنيًا بشكل كامل، فسوريا تملك كوادر قادرة بخبراتها أن تقوم بهذه المهمة.
نعمل منذ ثلاثة أشهر على عملية إصلاح وترميم شبكة البيانات بجهود وطنية تنقلت بين المحافظات السورية، ولم يتبقَ سوى أيام لا يمكن تحديده بدقة، فهي عملية إلكترونية وتقنية.
- هل هناك نموذج لتسجيل وحفظ البيانات معتمد من قبلكم، أم سيتم نقل تجربة دولة أخرى وتطبيقها؟
عمل مديريات الشؤون المدنية، لا يرتبط بنظام سياسي، أو وضع سياسي قائم، فهو نتيجة عمل وجهد متراكم عبر سنين طويلة، وكل دولة لديها خصوصيتها.
ومن ناحية عمليات تسجيل وحفظ بيانات المواطنين، سنقوم بإجراء بعض عمليات التطوير عليها، كالمحفوظات الإلكترونية، ولكن هذا يتطلب أيضًا، الانتهاء من عمليات الصيانة والترميم والدمج لشبكة البيانات.
- ما الخدمات التي تقدمها مديرية الشؤون المدنية، والخدمات المتوقفة حاليًا؟
نهتم في مديرية الشؤون المدنية بعملية حفظ النسب بالمرتبة الأولى، عن طريق تسجيل جميع الواقعات من زواج وطلاق وولادات ووفيات وأيضًا الإرث، بالإضافة للوثائق التي يحتاجها المواطن من بطاقة شخصية، خراج قيد، بيان عائلي، وغيرها، لتكون حجة له أمام الدوائر الحكومية.
ولدينا بوابات على مستوى الوزارات، مثل وزارة المالية، والحجر القضائي كوزارة عدل، خدمة المواطنة التي تم تفعليها من جديد، جميعها بوابات نخدم بها الوزارات الأخرى لتسهيل قيامها بالعمل، بالإضافة لبوابات الكترونية خاصة بالشؤون المدنية، ضمن سفارات الجمهورية العربية السورية المنتشرة في دول العالم.
في الوقت الحالي، نقوم بإصدار بعض الوثائق، كإخراج القيد، والبيان العائلي، ووثائق أخرى قد يحتاجها المواطن السوري في الدوائر الحكومية الأخرى، أما ما يتعلق بوثائق تسجيل الواقعات الجديدة فهو متوقف حتى يتم الانتهاء من عمليات صيانة وترميم شبكة البيانات، فلا يمكن تسجيل وتخزين المعلومات على الشبكة المتواجدة حاليًا، تلافيًا لأي خطأ قد ينتج في المستقبل.
- مع انتشار إشاعات حول إصدار نموذج بطاقات شخصية جديدة، فما هي المعلومات الدقيقة بهذا الشأن، وما النموذج الذي سيتم اعتماده من قبلكم؟
مشروع إصدار بطاقة شخصية للمواطنين، هو أحد المشاريع التطويرية التي تعمل عليها مديرية الشؤون المدنية.
في الوقت الحالي، هناك مواطنون، يحملون البطاقة الشخصية الصادرة عن حكومة النظام السابق، ومواطنون يحملون بطاقة حكومة الإنقاذ، والنموذجان يتم اعتمادهما في الدوائر الحكومية حاليًا.
فيما يخص البطاقة الشخصية الصادرة عن حكومة النظام السابق، فهي نموذج غير متطور قياسًا بالبطاقات المتداولة في الدول المحيطة، فهي قابلة للكسر، ولا يحوي معلومات كافية، وأيضًا سهلة التزوير.
كان لدينا تجربة جيدة في حكومة “الإنقاذ”، في إصدار البطاقات الشخصية، نتج عنها بطاقات مرنة غير قابلة للكسر، وتحوي شريحة، تحفظ عليها جميع معلومات الشخص من شهادات علمية حصل عليها، وشهادات القيادة، وغيرها، بالإضافة إلى أنها أقل عرضة للاحتراق.
مديرية الشؤون المدنية، لا يمكنها اعتماد أي نموذج من قبلها، فهو قرار متعلق بالحكومة السورية.
أمام أسباب توقف إصدار البطاقات الشخصية حاليًا، متعلق بوجود 45 آلة معطلة، لطباعة البطاقة الشخصية، ونحن نعمل اليوم على شراء آلات طباعة جديدة لإعادة إصدار البطاقات الشخصية، بعد الانتهاء من عملية صيانة وترميم شبكة البيانات.
- كان هناك مشروع قانون لإلغاء “البطاقة العائلية” من قبل حكومة النظام السابق، وأيضًا قانون نافذ ينص أن “سورية أمانة واحدة”، هل سيتم الاستمرار بهما من قبل الادارة الجديدة؟
بالفعل الحكومة السابقة كان تسعى لإلغاء “البطاقة العائلية”، وأيضًا إلغاء رقم القيد “الخانة”، بهدف التغطية على عمليات “التجنيس” التي كانت تقوم بها لغير السوريين، فعندما يتحول السوريون إلى أرقام، يستطيع أي شخص، الدخول إلى هذه الأرقام.
الإدارة الجديدة، تهتم بمسألة “الخانة”، كونها تربط العائلة الكبيرة ضمن سجلات الدولة، كما تهتم بإبقاء “البطاقة العائلية” التي تعبر عن الأسرة السورية الصغير، وهي حالة رمزية لدى السوريين وليس لديها أي فعالية في الدول الأخرى.
وفيما يتعلق بالقانون النافذ “سورية أمانة واحدة”، مازال العمل مستمرًا به، فهو يسهل عملية إصدار الوثائق الخاصة بالمواطنين من أي نافذة تابعة للشؤون المدنية المنتشرة في المحافظات، دون الاضطرار للسفر إلى مكان أمانته الأساسية.
- كيف يتم التعامل من قبلكم مع عناصر جيش النظام “السابق”، من جهة تسليمهم الوثائق الخاصة بهم؟
مديرية الشؤون المدنية تتعامل مع جميع المواطنين السوريين، بنفس السوية من ناحية إصدار الوثائق الخاصة بهم، وليس لديها أي خلاف مع مواطن دون أخر، ولا نتدخل بحالته الأمنية والقضائية وخلافاته مع الجهات الأخرى.
وتعتبر “بطاقة التسوية” التي حصل عليها عناصر جيش النظام السابق، واحدة من الإثباتات التي نعتمدها لتسليمهم الوثائق الخاصة بهم، حيث لا يمكن إصدار أي وثيقة دون دليل يثبت الشخصية.
أهمية الوثائق المدنية
أوضح المحامي عارف الشعال في تصريح سابق ل، أن الوثائق المدنية، بما في ذلك السجل العقاري “محفوظة إلكترونيًا”، ولم تتضرر جراء الأحداث الأخيرة، مشيرًا إلى أن الأضرار شملت فقط بعض مراكز الشرطة والأجهزة الأمنية.
أضاف الشعال أن الوثائق يتم إصدارها عبر نظام “النافذة الواحدة”، ما يضمن وجود نسخ احتياطية تحمي حقوق المواطنين، فيما أكد أن قانون الأحوال المدنية وقانون العقوبات يقدمان ضمانات قانونية لحماية السجلات ومنع تزويرها أو التعدي عليها.
وشدد مدير “المركز السوري للعدالة والمساءلة”، محمد العبد الله، في تصريح سابق ل، على ضرورة أن تتخذ السلطات القادمة خطوات حاسمة لإعادة تنظيم وإصدار الوثائق المدنية بشكل منهجي، مع التأكيد على أهمية التعاون مع الفريق الإداري من الحكومة السابقة لضمان الوصول إلى البيانات المحفوظة.
وأكد العبد الله أن المجتمع المدني والمنظمات الدولية يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في حماية الوثائق من خلال توفير “الدعم التقني”.
كما شدد على ضرورة وجود سلطة مركزية، تتولى مسؤولية إدارة الوثائق وضمان حقوق المواطنين، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات تُعد أساسية في مرحلة التعافي وإعادة الإعمار.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
المصدر: عنب بلدي